«جلينكور» ليست وحدها المتورطة في الرشا

«جلينكور» ليست وحدها المتورطة في الرشا

مارك ريتش، المؤسس الراحل سيئ السمعة لشركة جلينكور لتجارة السلع، قال ذات مرة إن الشفافية التي تأتي مع الإدراج العام "تحد من نشاطك بالتأكيد، لكنها مجرد استراتيجية جديدة يتعين التكيف معها".
دون مزاح. ربما تكون شركة جلينكور قد لحقت بالركب للتو. اعترفت شركة التعدين الأسبوع الماضي بالذنب في تهم تتعلق برشا وتلاعب بالسوق في الولايات المتحدة، وأشارت إلى أن وحدة الطاقة التابعة لها ستفعل الشيء نفسه في سبع تهم رشا في المملكة المتحدة تتعلق بارتكاب مخالفات في البرازيل وفنزويلا وعدة بلدان إفريقية.
العقوبات المالية التي من المتوقع أن تقترب من 1.5 مليار دولار، كانت أقل إثارة للصدمة من حجم الفساد الذي وصفته السلطات الأمريكية بأنه "مذهل". استمرت الرشا، وفقا لوزارة العدل، حتى عام 2018. وكان لدى شركة جلينكور "منضدة نقدية" لصرف الأموال للرشا في لندن حتى عام 2011 وفي بار، سويسرا، حتى عام 2016.
قال الرئيس التنفيذي جاري ناجل، الذي تولى المنصب من إيفان جلاسنبيرج العام الماضي، في رسالة إلى الموظفين إن جلينكور "شركة مختلفة اليوم عما كانت عليه عندما حدثت هذه الممارسات غير المقبولة".
يبدو أن الولايات المتحدة غير مقتنعة. ستتم مراقبة شركة التعدين بشكل مستقل لمدة ثلاث سنوات. وأشارت وزارة العدل إلى أن جلينكور لم تتعاون بشكل كامل مع التحقيق، لأنها أخرت تقديم بعض الأدلة وفشلت في التعامل "بشكل مناسب" مع موظفين معينين في الوقت المناسب.
في غضون ذلك، الحي المالي في لندن الذي أمضى أعواما في الإشادة بسمعة شركة جلينكور باعتبارها شركة طموحة، يتطلع بشغف إلى إعلان إغلاق الأمر.
عندما بدأت فاينانشيال تايمز في عام 2012 الكتابة عن شبهات حول أنشطة جلينكور في الكونغو الديمقراطية وعلاقتها برجل الأعمال الإسرائيلي، دان جيرتلر، كان من الصعب جدا العثور على أي شخص في الحي المالي يهتم بالأمر (كنت مراسلة التعدين).
دينو ماهتاني، صحافي سابق في فاينانشيال تايمز قام بصفته محققا في جماعة جلوبال ويتنيس بجمع أحجية كيفية بيع أصول التعدين الثمينة في الكونغو الديمقراطية بسعر رخيص لإخفاء الشركات الوهمية المرتبطة بجيرتلر قبل إعادة بيعها بسرعة بأسعار أعلى بكثير. يتذكر ماهتاني: "كانت هناك لامبالاة. اعتقدت المؤسسة أننا مجانين. تم تجاهلنا بلباقة".
جيرتلر، الذي فرضت عليه عقوبات أمريكية في 2017، نفى على الدوام ارتكاب أي مخالفات. لم تكن علاقته مع جلينكور، التي أثارت تدقيقا تنظيميا واسعا في أعمالها، جزءا من اتفاق الإقرار بالذنب الأسبوع الماضي.
فعلى نطاق واسع، كانت مساهمة شركات الموارد العالمية في إفقار الدول الإفريقية والتسبب في عوزها تعد مصدر قلق خاص في لندن. ومن المحتمل أنها لا تزال كذلك، على الرغم من التركيز المتزايد على تدفق الأموال القذرة عبر لندن عقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.
على أي حال، الذهاب إلى حيث يخشى الآخرون أن يذهبوا ودفع الحدود إلى أقصى مدى كان ينظر إليهما على أنهما أقل خطرا، وأنهما يشكلان جزءا كبيرا من الترويج لمبيعات شركة جلينكور. (تم التعبير في أحد الأبحاث التي أجريت قبل الطرح العام عن القلق من أن عمليات فحص "الضوابط والتوازنات" الخاصة بطرحها العام قد تضعف ميزتها). كان هناك رأي عام مفاده أنه - في حين أن الآخرين قد يكونون أغبياء بما يكفي لجعل أيديهم متسخة - كانت شركة جلينكور ذكية بما يكفي لتوجيه مسارها بعيدا عن مخاطر الفساد بينما تحقق الأهداف نفسها في الوقت ذاته.
المؤسسات التي تجنبت جلينكور مع تصاعد الشكوك، قد تشعر بالحزن. العقوبة المالية لأعوام من الفساد المستشري ربما تكون 7 في المائة من التدفق النقدي المتوقع من عملياتها لهذا العام.
على الرغم من كل الحديث عن عبء كبير على أسهم الشركة، لم تكن هناك توصية "ببيعها" منذ أن بدأت التحقيقات قبل أربعة أعوام - وهذا صحيح كما اتضح: ارتفاع أسعار السلع، ولا سيما الفحم، يعني أن الأسهم في أعلى مستوى لها منذ عقد. ولا يبدو أن متاعب جلينكور أثرت في علاقاتها مع الشركات الاستشارية الممتازة في الحي المالي.
هذه القصة لم تنته بعد. هناك تحقيقات منفصلة جارية في سويسرا وهولندا. وقد تكون هناك إجراءات في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ضد كبار المسؤولين التنفيذيين السابقين. لم تثبت شركة جلينكور بعد أن رئيسا جديدا يعمل في المجموعة منذ عام 2000 وفريق إدارة عليا قد نما في الشركة يمثلان حقا بداية جديدة - خصوصا بالنظر إلى أن جلاسنبيرج لا يزال أكبر مساهم.
ستكون وزارة العدل الأمريكية على استعداد لمساعدة الشركة على تقييم الإصلاح الثقافي. لكن قد لا يكون البعض في الحي المالي من الذين أمضوا أعواما في تجاهل القضية في أفضل وضع للحكم في هذا الأمر.

الأكثر قراءة