بعد خسارته 17 مليار دولار .. "تايجر جلوبال" يحاول النهوض مجددا

بعد خسارته 17 مليار دولار .. "تايجر جلوبال" يحاول النهوض مجددا
انهيار أسهم التكنولوجيا تسبب في خسائر فادحة للمستثمرين.

في أوائل العام الماضي كتب تشيس كولمان إلى المستثمرين للاحتفال بسجل شركة تايجر "النمر" جلوبال لمدة 20 عاما، واحدة من أكبر الفائزين من سوق التكنولوجيا الصاعدة التي انطلقت منذ الأزمة المالية.
الآن واحدة من أشهر شركاتها المسماة تايجر كبز "الأشبال" أصبحت أبرز ضحايا الاضطرابات الذي شهدته أسهم التكنولوجيا مع بدء أسعار الفائدة في الارتفاع.
خسر صندوق التحوط التابع لشركة تايجر نحو 17 مليار دولار هذا العام، كما أفادت "فاينانشيال تايمز" أخيرا، ما أدى إلى محو نحو ثلثي المكاسب الدولارية التي حققها المستثمرون منذ إطلاق الصندوق في 2001. إضافة إلى الخسائر التي تكبدها في أواخر العام الماضي، فإن هذا يضع الصندوق دون النقطة التي يفرض فيها على المستثمرين أتعاب أدائه المربحة بنسبة 20 في المائة.
وفقا لأمين راجان، الرئيس التنفيذي لشركة كرييت ريسيرش الاستشارية "الانخفاض بهذا الحجم نادر الحدوث" في صناعة صناديق التحوط. "ستكون العودة إلى أيام مجده مهمة شاقة، إذا كانت دورة ارتفاع أسعار الفائدة طويلة وحادة".
كشف صندوق التحوط أخيرا أنه قلص عن ممتلكاته في مجموعات التكنولوجيا البارزة مثل "نتفليكس"، و"إيربنب"، و"بيلوتون"، أو تخلى عنها. وانخفضت مراكز الأسهم العامة لديه من 46 مليار دولار في نهاية العام الماضي إلى ما يزيد قليلا عن 26 مليار دولار في نهاية الربع الأول، ما يعكس عمليات سحب الاستثمارات والانخفاض في قيمة استثماراته المتبقية.
وفي حين رفض الصندوق التعليق على سبب خفضه لمراكزه، قال شخصان مطلعان إن الخطوة من المرجح أن تكون مدفوعة بمحاولة للحد من الخسائر، وهي خطوة شائعة بين صناديق التحوط في الأشهر الأخيرة. ويعني منع المستثمرين في صندوق تايجر من بيع الأسهم لفترة طويلة أنه لا يواجه ضغوطا مباشرة من عمليات استرداد الأموال.
لطالما كان قطاع التكنولوجيا واحتمالات نموه محط تركيز كولمان، رجل يتسم بالهدوء في الـ46 من عمره ويتجنب الأضواء.
بعد تعيينه في أواخر التسعينيات لتحليل شركات التكنولوجيا من قبل رائد صناديق التحوط جوليان روبرتسون، من شركة تايجر مانجمنت، سرعان ما عد كولمان واحدا من أذكى موظفي الشركة من قبل أرون ستيرن، محلل نفسي تم توظيفه للمساعدة في اكتشاف المواهب الشابة، وأصبح في النهاية شريكا.
حتى عندما قررت "تايجر مانجمنت" أن تغلق صندوقها التحوطي في 2000 إثر أدائه الضعيف، بقي كولمان لكي يدير أموال معلمه الخاصة. وعندما أطلق شركته الخاصة في 2001 – التي اتخذت في البداية اسم "تايجر تكنولوجي" قبل تغيير العلامة التجارية لاحقا إلى "تايجر جلوبال" – كانت تحظى بدعم كل من روبرتسون وستيرن.
بإطلاقها خلال أزمة فقاعة الدوت كوم، بدأت شركة كولمان العثور على شركات الإنترنت سريعة النمو في الصين، التي انهارت أسهمها في وقت كان فيه البلد الآسيوي مهملا إلى حد كبير من قبل مستثمري التكنولوجيا الغربيين.
ورث كولمان من روبرتسون خاصية التركيز على العوامل، مثل مكانة الشركة في الصناعة أو الحواجز التي تحول دون دخولها، مع اعتبار التقييمات أمرا مهما، لكنه ثانوي في كثير من الأحيان، ما ساعده على الاستثمار مبكرا في الشركات التي ستصبح فيما بعد رابحة كبيرة.
كان اتخاذ بعض المراكز بشكل خاطئ جزءا من العملية. حتى في أفضل أعوامه كان يتوقع أن يخسر واحدا على الأقل من كل ثلاثة رهانات، وفقا لوثائق مستثمر – لكن المكاسب من الفائزين كانت تعوضه أكثر من الخسائر.
حدثت أيضا أخطاء أكبر. رفض صندوق تايجر فرصة مبكرة لشراء 4 في المائة من مجموعة علي بابا للتجارة الإلكترونية لأنه عد أن تقييمها كان مرتفعا للغاية. ندم كولمان أيضا على البيع في وقت مبكر جدا بما في ذلك بيع أسهم "فيسبوك" و"بيلوتون" و"نتفليكس"، فقط لإعادة شرائها لاحقا بأسعار أعلى.
لكن عندما ضربت الجائحة في أوائل 2020، كان صندوق تايجر في مركز مثالي. فقد تم تخفيض أسعار الفائدة الأمريكية إلى الصفر، ما أدى إلى ارتفاع مضاعفات السوق من الأسهم مع القليل من الأرباح لكن بآفاق نمو قوية. وارتفعت قيمة ممتلكات صندوق تايجر في شركات مثل "بيلوتون" و"زووم" بسرعة.
أنهى الصندوق ذلك العام بارتفاع بلغ 48 في المائة مع نحو 10.4 مليار دولار من المكاسب، ليحتل كولمان المرتبة الـ14 في تصنيفات مديري صناديق التحوط الأفضل على الإطلاق على أساس مقياس مكاسب الدولار للمستثمرين، وفقا لمجموعة إل سي إتش إنفسمنت. بلغت الأصول عبر صندوق التحوط الخاص به وشركات الأسهم الخاصة 90 مليار دولار.
بحلول الوقت الذي كتب فيه للمستثمرين في شباط (فبراير) من العام الماضي، كان صندوق التحوط التابع لكولمان قد حقق مكاسب بلغت 21 في المائة سنويا بعد الرسوم على مدار الـ20 عاما الأولى له، أحد أكثر السجلات القياسية التي تحسده الصناعة عليها.
قال باتريك غالي، المدير المشارك في شركة ساسكس بارتنرز، التي تقدم المشورة للعملاء بشأن صناديق التحوط، "حظي صندوق تايجر جلوبال وقيادته بتقدير كبير بالتأكيد وكان سجله الحافل استثنائيا بشكل تاريخي".
لكن عندما بدأ المستثمرون بالشعور بالقلق في الخريف الماضي من أن البنوك المركزية سترفع أسعار الفائدة بسرعة لمكافحة التضخم، وجد كولمان فجأة أن أسلوبه الاستثماري أصبح غير محبذ. وبدت الأسهم ذات التدفقات النقدية المتوقعة في المستقبل البعيد أقل جاذبية مقارنة بالاحتفاظ بالأموال. وأنهى الصندوق العام بانخفاض نسبته 7 في المائة.
وكان الأسوأ قادما. خسر الصندوق 43.7 في المائة في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، مقابل انخفاض 21 في المائة في مؤشر ناسداك المركب وخسارة في المتوسط بنسبة 12.1 في المائة في أوساط صناديق التحوط في الأسهم التي تتداول في التكنولوجيا، وفقا لمجموعة البيانات إتش إف آر.
كتب صندوق تايجر للمستثمرين هذا الشهر يقول، "لم تكن الأسواق متعاونة نظرا لخلفية الاقتصاد الكلي، لكننا لا نؤمن بالأعذار ولن نقدم أيا منها".
لا تعد شركة تايجر مديرة صندوق التحوط الوحيدة التي تعاني عمليات البيع المكثفة في السوق. خسر صندوق التحوط الزميل لصندوق تايجر، لون باين، التابع لشركة سيبريس، 27 في المائة هذا العام، كما انخفض صندوق كاسكيد طويل الأمد 32.5 في المائة. صندوق سكاي جلوبال، الذي أنشأه جيمي ستيرن، المحلل السابق في شركة ثيرد بوينت، انخفض نحو 24 في المائة بعد أن حقق مكاسب كبيرة من رقمين في كل من الأعوام الخمسة الماضية.
وغرد براد جيرستنر، مؤسس صندوق ألتيميتر الذي يركز على التكنولوجيا، على "تويتر" هذا الشهر، "إذا كنت تمتلك أسهم نمو هذا العام (...) فقد خسرت بسرعة كبيرة"، مضيفا أن شركته "لم تتحوط بما فيه الكفاية وتحركت ببطء شديد".
كما هي الحال مع بعض أقرانها، هناك أيضا تساؤلات حول تقييم أعمال الاستثمار الخاصة بشركة تايجر.
مع عدم وجود سعر سوق واضح، في الأغلب ما يتم تقييم الأصول الخاصة في القطاع بناء على جولة جمع الأموال الأخيرة، وقد قومت بعض الصناديق الأصول الخاصة بأقل من الأسهم العامة.
حقق صندوق دي 1 كابيتال أرباحا من الشركات الخاصة العام الماضي لكنه خسر أموالا في الأسهم العامة بينما تراجعت محفظة ويل روك العامة هذا العام أكثر من نظيرتها الخاصة، وفقا لأشخاص عارفين بالصناديق.
لم يكن أداء صندوق كروس أوفر، التابع لشركة تايجر، الذي يمتلك أصولا عامة وخاصة، سيئا مثل صندوق التحوط تايجر نفسه وانخفض 29.7 في المائة هذا العام. وتم تخفيض قيمة محفظة تايجر الخاصة 9 في المائة في الربع الأول، وفقا لشخص مطلع على الصندوق.
يواجه كولمان – المعروف بتقديمه القليل من المعلومات في المحادثات، وفي الأغلب ما يفضل الإجابة على سؤال بسؤال آخر – تحديا إذا كان سيعوض الخسائر ويبدأ بفرض أتعاب أداء أعلى مرة أخرى. قال روب أرنوت، مؤسس شركة ريسيرش أفيلييتس، حتى إذا اعتقد أحد المديرين أن بإمكانه التعافي، فإن "حوافز الأتعاب لا تسمح لك بمواصلة المسار".
كان كل من كولمان وسكوت شليفر، الذي يعتني بصناديق الاستثمار الخاصة التابعة لشركة تايجر، متفائلين خلال المناقشات مع المستثمرين، حسب قول أشخاص مطلعين على المحادثات، ويجادلان أن الظروف ستتغير في النهاية وسيظل نمو قطاع التكنولوجيا قائما على المدى الطويل.
أخبرت الشركة المستثمرين أخيرا، "نعلم أننا سننظر إلى هذا الوضع على أنه نقطة واحدة من الزمان في رحلة طويلة".
ويراهن بعضهم على أن الصندوق يمكن أن يتعافى وأنه ينبغي توقع حدوث مثل هذه الانخفاضات. قال أحد المستثمرين، "إن صندوق تايجر يستثمر في التكنولوجيا طويلة الأمد، هذه هي وظيفتهم. لذا إذا كنت لا تريد أن تستثمر في التكنولوجيا طويلة الأمد، فلا تمتلك أسهم صندوق تايجر".
لدى شركة تايجر وقت لتغيير حظوظها. لا يسمح صندوق التحوط الخاص بها للمستثمرين بسحب الأموال لمدة عامين، وبعد ذلك يمكنهم سحب ربع نقودهم سنويا، ما يعني أن الأمر سيستغرق ستة أعوام لاسترداد الأموال بالكامل، وفقا لشخص مطلع على الصندوق.
قال ديكسون بوردمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبتيما أسيت منجمنت الذي يستثمر في صندوق تايجر كما عمل سابقا مع روبرتسون، "أعتقد أن تشيس أحد أكثر الأشخاص الذين قابلتهم على الإطلاق الذين يعملون بجد واجتهاد وتنافسية".
"لدي ثقة تامة بأنه سيعود. لكنني فقط لا أعلم كم من الوقت سيستغرقه الأمر".

الأكثر قراءة