إيران .. غضب شعبي متزايد من فساد النظام الحاكم

إيران .. غضب شعبي متزايد من فساد النظام الحاكم

تشير الأدلة إلى أنه عندما انهار مجمع ميتروبول التوأم المكون من عشرة طوابق في مدينة عبدان الإيرانية، كان مطور المبنى حسين عبد الباقي أحد الضحايا الـ32.
كان هناك تطابق رسمي للحمض النووي. وتم تصويره في المبنى قبل الانهيار. وشوهدت عائلته تبكي على شاشات التلفزيون.
لكن هذا لم يكن كافيا لإقناع أولئك الذين نزلوا إلى الشوارع خلال الأسبوع الماضي للاحتجاج على الفساد. وهم يشككون بعمق في الرواية الرسمية، ويقولون إن مؤيديه ذوي النفوذ ساعدوه على الفرار من البلاد والهروب من غضبهم.
قال رضا، وهو عاطل عن العمل يبلغ من العمر 28 عاما من عبدان، "من الواضح جدا أنه لم يمت. إذا كان وجهه وجسده محطمين للغاية ما استلزم إجراء اختبار مستعجل للحمض النووي، فلماذا بقيت بطاقات هويته في جيبه سالمة؟".
أضاف، "لماذا سمح لعبد الباقي ببناء هذا المبنى الذي لا يوافق المعايير؟" في إشارة إلى أن ذلك كان بسبب صلاته بمسؤولين رفيعي المستوى.
وجهة النظر القائلة إن عبد الباقى قد هرب تشير إلى مستوى الغضب من الفساد في البلاد، حيث يعاني الناس بالفعل بسبب ارتفاع الأسعار والاقتصاد المنهك. ومع بلوغ التضخم نحو 40 في المائة، تعثرت المحادثات مع القوى الغربية بشأن اتفاق لكبح طموحات إيران النووية مقابل رفع العقوبات الأمريكية.
كانت محافظة خوزستان، التي تجلس على أكبر احتياطي للنفط والغاز في إيران، مركزا للاحتجاجات المناهضة للنظام في 2019. وانتهت المظاهرات ضد ارتفاع أسعار الوقود بأعمال عنف أسفرت، وفقا لمنظمة العفو الدولية، عن مقتل أكثر من 300 شخص في جميع أنحاء البلاد.
يقول السكان المحليون إن نصيبهم من الثروة الطبيعية للمقاطعة الغنية بالنفط ليس ضئيلا فقط، بل إن مشاريع التنمية الجديدة أفادت الفاسدين أيضا.
قالت حسنى، التي غادرت مدينتها عبدان إلى طهران، "التمييز وفساد المسؤولين يزعج الناس في خوزستان أكثر من غيرهم. إننا نسير على النفط لكن منازلنا لا تزال مبنية من الطين والطوب. هذه الحوادث هي ذريعة للناس للنزول إلى الشوارع والتنفيس عن غضبهم المكبوت".
أقر القادة الإيرانيون بأن الفساد مشكلة كبيرة ووعدوا بالتعامل معها. إنهم يلومون الأفراد المخادعين ويقولون إنها ليست مشكلة مؤسسية. ويقول محللون إن جيلا من رجال الأعمال الشباب موال للنظام قد ظهر. وفي الأغلب ما تثير سياراتهم باهظة الثمن ومنازلهم الكبيرة استياء الإيرانيين العاديين.
كتب مصطفى تاج زاده، وهو سياسي إصلاحي في طهران على إنستجرام، "في كل مدينة، هناك أمثال حسين عبد الباقي. لديهم أشياء معينة مشتركة، لديهم ثروات طائلة، ويديرون جمعيات خيرية، ويقيمون الاحتفالات الدينية (...) ومقربون من أعضاء البرلمان ومجالس المدن (...) ولديهم عديد من مشاريع البناء الكبرى (...) الأمر بهذه البساطة".
كما أثار تأخر استجابة السلطات للمأساة غضب المحتجين. فقد تم تقديم التعازي الرسمية بعد أيام من انهيار المبنى. وأعلنت حكومة إبراهيم رئيسي، الأحد، يوم حداد وطني.
كان المرشد الأعلى لإيران، آية الله علي خامنئي، الهدف الرئيس للشعارات في عبدان. كما استخدم المتظاهرون ترنيمة ثورية جديدة "مرحبا أيها القائد"، تم الترويج لها على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، في إشارة إلى معارضتهم. وينشر كثير من الناس مقاطع فيديو تصور الكارثة على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلين "مرحبا أيها القائد، انظر إلى هذا".
في أحد الفيديوهات المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر امرأة في صفوف شرطة مكافحة الشغب في عبدان. يمكن سماعها وهي تسألهم، "أأرسلكم. مرحبا أيها القائد؟ (...) هل نحن مثيرو الشغب؟ كلنا؟".
قال أحمد، الذي يبلغ من العمر 32 عاما، وهاجر إلى طهران من خوزستان للبحث عن وظيفة في قطاع الضيافة، إن الغضب "متجذر في الفقر المدقع في هذه المحافظة الغنية جدا. حتى بالنسبة إلى شركات النفط، يتم توظيف العاملين من غير السكان المحليين. في كل مكان تذهب إليه، ترى كثيرا من الشباب يقفون في الشوارع بلا عمل ويتحدثون ويدخنون".
لم ترد تقارير حتى الآن عن سقوط قتلى خلال الاحتجاجات. تقول روايات غير رسمية إن قوات الأمن أطلقت الذخيرة الحية والخرطوش واستخدمت الغاز المسيل للدموع. وقال أحد سكان عبدان طلب عدم نشر اسمه، "إنه وضع كارثي. هناك مظاهرات كل ليلة. جميع الشوارع الرئيسة مطوقة من قبل قوات الأمن".
قالت السلطات إنها ستتخذ إجراءات ضد المسؤولين عن المأساة. وتم القبض على بعض المسؤولين، من بينهم رئيس البلدية، للاشتباه في فشلهم في الإشراف على مشروع البناء بالشكل المطلوب.
لكن رضا يشك في أن الاحتجاجات ستحدث التغيير. قال، "سيحتج الناس أكثر قليلا وسرعان ما سيتعين عليهم العودة إلى ديارهم ومواصلة حياتهم المزرية بينما يستمتع عبد الباقي بحياته المترفة في الخارج".

الأكثر قراءة