إيرباص تختبر سلامة سلسلة التوريد بإنتاج 75 طائرة شهريا

إيرباص تختبر سلامة سلسلة التوريد بإنتاج 75 طائرة شهريا
مجمع شركة إيرباص في مدينة هامبورج الألمانية. "بلومبيرج"

يعد قرار شركة إيرباص تعزيز إنتاج الطائرات أحد أقوى الإشارات حتى الآن على أن صناعة الطيران تتعافى من الوباء، لكنه سيكون اختبارا مهما لقياس مدى سلامة سلسلة التوريد.
بالنسبة للصناعة التي لا تزال تتعافى من أزمة كوفيد - 19، وتواجه في الوقت نفسه إغلاق الصين الذي يعطل إمدادات السلع والمواد، إضافة إلى ضغوط تضخمية تؤدي إلى ارتفاع التكاليف، فإن زيادة الإنتاج تأتي في وقت حرج.
كما أنها تمثل تحديا صناعيا ولوجستيا كبيرا. تتكون كل طائرة من طائرات إيرباص من نحو ثلاثة ملايين قطعة، وتصل إلى مصانع الشركة في جميع أنحاء العالم أكثر من 1.7 مليون قطعة يوميا، من نحو ثلاثة آلاف مورد.
لكن الشركة الأوروبية التي تهيمن طائراتها من مجموعة A320 على سوق الطائرات ذات الممر الواحد، واثقة بقدرتها على الوفاء بتعهدها الجريء بزيادة الإنتاج 50 في المائة، أي 75 طائرة شهريا بحلول 2025، والانتقال إلى 65 في المائة بحلول الصيف المقبل.
تقول الشركة إن هناك طلبا على الطائرات ذات الممر الواحد ناتج عن تجديد شركات الطيران لأساطيلها بعد الوباء، مشيرة إلى أنها ستكون قادرة على تلبية المعدلات الأعلى من خلال إضافة طاقة إنتاجية في مواقعها الصناعية الحالية، بما في ذلك بناء خط تجميع نهائي ثان في عملياتها الأمريكية في مقاطعة موبيل.
تتطلب زيادة الإنتاج إجراء موازنة دقيقة بين تلبية الطلب المتزايد على طائرات جديدة أكثر كفاءة في استخدام الطاقة من شركات الطيران الواقعة تحت ضغط تقليل انبعاثات الكربون، مع ضمان قدرة آلاف الموردين على التسليم بعد التخفيضات خلال الأزمة.
إضافة إلى ذلك، المخاوف بشأن توافر المواد الخام مثل الألمنيوم والتيتانيوم في أعقاب الحرب في أوكرانيا ونقص العمالة الماهرة ينطويان على مزيد من الضغوط.
يعترف دومينيك أسام، كبير المسؤولين الماليين في شركة إيرباص، بأن "هناك الآن ضغط هائل على سلسلة التوريد. كل شيء شحيح".
وأثيرت بالفعل مخاوف بشأن أهداف الإنتاج الجريئة، وحذرت شركات تأجير الطائرات من هشاشة سلسلة التوريد أثناء مقاومتهم للأسعار المرتفعة عندما طرحتها إيرباص لأول مرة العام الماضي.
على الرغم من أن الشركة مددت الشهر الماضي عقود توريد المحركات الحيوية، إلا أن هذا كان حتى 2024 فقط. ويخشى بعض المديرين التنفيذيين في الصناعة أن المخاطر لا تزال قائمة.
جون بلوجر، الرئيس التنفيذي لشركة إير ليز Air Lease لتأجير الطائرات وأحد أكبر عملاء إيرباص، صرح في مقابلة مع فاينانشيال تايمز بأنه يعتقد أن هناك "مخاطر كبيرة لتعزيز الإنتاج إلى 75 طائرة في الشهر على الرغم من الطلب".
قال: "جميع طائراتنا ذات الممر الواحد A321 وA320neo تأخرت فعليا هذا العام من شهر إلى أربعة أشهر. إضافة إلى قيود العرض والعمالة (...) نركز دائما على الجودة في عملية الإنتاج والتسليم".
قالت شركة إيرباص إنها أجرت "بعض التعديلات في ضوء البيئة الحالية لعدة أسباب" لكنها أضافت أنها لا تزال "تعمل على" توجيهها السابق الخاص بتسليم 720 طائرة بحلول نهاية العام.
قال روب موريس، رئيس الاستشارات في "أسند باي سيريم"، التي تقدم المشورة لشركات تأجير الطائرات: "الطلب ليس مشكلة"، لكن هناك "تحديات كبيرة"، ولا سيما إشراك "موردي المحركات".
يشير موريس إلى أن" سي إف إم إنترناشونال"، المشروع المشترك بين سافران وجنرال إلكتريك للطيران، تزود المحركات لكل من برنامج إيرباص A320 ولمجموعة طراز ماكس 737 من شركة بوينج.
تنتج بوينج بمعدل أبطأ كونها لا تزال تحاول التخلص من تراكم الطائرات المخزنة بعد حادثين مميتين للطائرة ماكس، لكن هذا قد يتغير في الأشهر المقبلة، ما يضيف ضغوطا إضافية إلى سلسلة التوريد.
قال أسام إن الشركة تجري محادثات مع مزودي المحركات وإن "اللهجة تغيرت عما كانت عليه قبل نصف عام"، عندما حذروا في البداية من الزيادة. أضاف: "أثق بأننا نمضي قدما (...) أنا واثق بأنه سيكون هناك دعم منهم".
يتم تجميع معظم أجزاء الطائرات تدريجيا من قبل الموردين في مختلف مستويات سلسلة التوريد قبل الوصول إلى خطوط التجميع النهائية للمجموعة حول العالم، من تولوز إلى موبيل في ألاباما.
تستخدم الشركة ما تسميه مبادرة "برج مراقبة الموردين" للتنبؤ والمساعدة على التخفيف من الاختناقات والمخاطر الأخرى التي قد تظهر بين موردي الطائرات التجارية المباشرين الذين يزيد عددهم على 12 ألفا. لا تتعقب المبادرة الموردين على وجه التحديد لكنها تتعقب المخاطر الجيوسياسية.
وفقا لفيليب مهون، نائب الرئيس التنفيذي للبرامج والخدمات في إيرباص، من الأمور الحاسمة للمساعدة على زيادة الإنتاج، أن الشركة أعطت الموردين الوضوح.
قال: "نجري نقاشا مفتوحا مع موردينا"، مضيفا أن إيرباص أعطت الشركات "اليقين بأن ما نطلبه هو أمر ثابت". كما أنها تشتري بعض المواد الخام، بما في ذلك الألمنيوم والتيتانيوم، لبعض الموردين للمساعدة على تحديد المصادر وكذلك التسعير.
اعتمدت صناعة الطيران بشكل كبير على التيتانيوم المنتج في روسيا، لكن شركتي إيرباص وبوينج قالتا في الأشهر الأخيرة إنهما تتطلعان لإيجاد إمدادات بديلة. قالت إيرباص سابقا إن لديها مخزونا كافيا من التيتانيوم لتستمر على المديين القصير والمتوسط.
أحد أسباب عدم اليقين هو الصين وعمليات الإغلاق فيها التي أدت إلى تعقيد التحدي اللوجستي، ولا سيما فيما يتعلق بتسليم الطائرات لعملاء شركات الطيران. في المتوسط نحو 20 في المائة من شحنات إيرباص السنوية تذهب إلى الصين. ونحو 50 في المائة من التزامات التسليم في الصين تتم من خلال شركات التأجير.
لا يزال بعض العملاء الصينيين للشركة الأوروبية قادرين على إرسال أشخاص إلى تولوز لتسلم الطائرات، وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر.
تمكنت إيرباص أيضا من تسليم بعض الطائرات باستخدام "عمليات التسليم الإلكترونية"، ما يبسط المعاملات التعاقدية.
إحدى الحقائق التي لا مفر منها لبيئة اليوم هي تضخم التكلفة عبر صناعة الطيران. قال كريستيان شيرير، كبير المسؤولين التجاريين في شركة إيرباص، إن الشركة تمكنت من الحفاظ على أسعارها خلال الوباء، لكنها اعترفت بأن ضغوط التسعير الناجمة عن التضخم هي "مصدر قلق لنا كمشروع صناعي". أضاف: "هذه الضغوط التضخمية هي حقيقة يجب على النظام البيئي استيعابها".
على الرغم من التحديات المختلفة، يصر شيرير على أن معدل 75 طائرة هو المعدل الصحيح. قال: "ما طلبناه هنا هو مستوى طيران مناسب لفترة زمنية مستدامة".

الأكثر قراءة