الموناليزا .. استهداف مستمر للوحة أثارت حيرة العالم

الموناليزا .. استهداف مستمر للوحة أثارت حيرة العالم
اللوحة استغرقت من دافينشي سبعة أعوام لرسمها.
الموناليزا .. استهداف مستمر للوحة أثارت حيرة العالم
تعرضت "الموناليزا" للسرقة في 1911، على يد موظف إيطالي في متحف اللوفر.

بابتسامتها الهادئة والغامضة، حتى الملهمة، نالت «الموناليزا» جزءا من الغضب العالمي هذا الأسبوع، بعدما قذف شاب متنكر اللوحة الشهيرة بقطعة من القشدة، في قلب متحف اللوفر في باريس.
ولسوء الحظ، لم يكن هذا الاستهداف الأول للوحة الأعلى قيمة في العالم، التي استغرقت من دافينشي سبعة أعوام لرسمها، لتبدو عندما يتأملها شخص سعيد أن «الموناليزا» تبتسم له، وحينما يكون هذا الشخص حزينا سيراها حزينة لحزنه، مودعا كثيرا من أسراره المذهلة فيها، التي نستعرض جانبا منها.
رسائل مبطنة
أراد الشاب الغاضب أن يوصل رسالة واضحة إلى العالم عبر هجومه على «الموناليزا»، لكن عشرات الرسائل خبأها دافينشي في لوحته وتتكشف شيئا فشيئا عبر الزمن، منها الحروف الغامضة التي تظهر على عيون «الموناليزا»، إذ فحص سيلفانو فينسيتي الباحث الإيطالي قبل عشرة أعوام اللوحة بالمجهر، ووجد أحرفا وأرقاما مخبأة فيها، من بينها الحرفان الإنجليزيان LV مكتوبان على عينها اليمنى، ربما يشيران إلي اسم ليوناردو دافينشي، بينما تحمل عينها اليسرى حرف S ربما للإشارة إلى امرأة من سلالة سفورزا التي حكمت ميلانو، وهو ما يؤكد أن المرأة في اللوحة ربما لا تكون ليزا جيرارديني، التي يرى كثير من الباحثين أنها «الموناليزا».
هذه الرسائل المبطنة لم تجد تفسيرا حتى اليوم، منذ أن رأت الضوء في 1510، لكن ما حدث خلال الأسبوع الماضي أعاد فتح باب التكهنات حولها وما تحمله من معان، وبحسب ما نقلته وكالات أنباء عالمية عن شهود عيان، وما وثقته كاميرات زوار متحف اللوفر، فإن الأمر كان غريبا وأقرب إلى العرض المسرحي، فالرجل كان متنكرا في زي سيدة عجوز قعيدة كرسي ذي عجلات، وحال وصوله أمام اللوحة نهض من كرسيه وحاول كسر الزجاج الذي يحمي اللوحة ثم أخرج قطعة حلوى وقام بتلطيخه، بعد ذلك رمى وردا على الزوار الذين كانوا في الصالة، قبل أن يتمكن الحراس من السيطرة عليه.
وأراد الرجل من وراء فعلته لفت الانتباه إلى أزمة البيئة، وفيما بعد ظهر الرجل يتحدث في مقطع قصير في أحد أروقة المتحف محاطا برجال الأمن الذين يحثونه على مغادرة المكان، وكان مرتديا ثوبا أبيض وشعرا مستعارا، ومما قاله "فكروا في الأرض، هناك أناس يدمرونها، أيها الفنانون أنتم تدعون إلى الحفاظ على البيئة، ولهذا قمت بهذا العمل، فكروا في المجرة".
مبتسمة أم مريضة؟
يبلغ عرض اللوحة الأشهر نحو 53 سنتيمترا، وارتفاعها نحو 77 سنتيمترا، وظل تفسيرها مبهما، قال بعض الباحثين "إن ابتسامتها هي ابتسامة والدة دافينشي"، ورجح أكاديميون أن دافينشي استأجر مهرجا حتى يبقيها مبتهجة طوال فترة الرسم"، وهذه العواطف المعقدة وجدت تفسيرات عدة طيلة القرون الماضية، كان آخرها دراسة جامعة فرايبورج الألمانية، التي أكدت أن «الموناليزا» سعيدة وتبتسم.
ولعل أحد أغرب وأهم التفسيرات للوحة «الجيوكندا» - كما يطلق عليها البعض - أن «الموناليزا» كانت مريضة، لوجود تورم حول العينين، وشخصتها طبيبة إيطالية بأنها كانت مريضة بارتفاع في الكوليسترول ناتج عن نظامها الغذائي، بينما أشارت دراسات أخرى إلى إصابة «الموناليزا» بشلل في الوجه والصمم، وزاد أطباء أسنان بأنها ربما كانت مصابة بصرير الأسنان، أو ما يطلق عليه "طحن الأسنان القهري"، كما أن خط شفتها العلوية يشير إلى أن أسنانها الأمامية كانت مفقودة، بل إن وجود ندبة على شفتها أدى إلى تخمين الباحثين أن «الموناليزا» كانت ضحية للعنف المنزلي، بحسب ما نقلته الصحافة عن مهتمين بهذه اللوحة الغامضة.
ومن التفسيرات التي وجدت اهتماما، أن تلك السيدة ربما كانت حاملا، بسبب الطريقة التي كانت تضع بها ذراعيها على بطنها والحجاب حول كتفيها، إذ كانت النساء الحوامل تظهر بهذا الشكل في عصر النهضة الإيطالية، ما يؤكد النظرية القائلة إن «الموناليزا» ما هي إلا ليزا جيرارديني، زوجة فرانشيسكو ديل جيوكوندو، التي كانت حاملا وقت الرسم.
3 نسخ
ما قد لا يعرفه البعض أن لوحة الموناليزا هي واحدة من ثلاث نسخ للسيدة نفسها، اثنتان في عمر العشرينيات، وثالثة هي اللوحة الشهيرة لكن في منتصف الثلاثينيات، ويقال إن دافينشي رسمها بيده اليسرى، بخلاف الرسمتين السابقتين.
ويعيدنا سيلفانو فينسيتي، الباحث الإيطالي، في تحليل آخر في 2016، إلى حقيقة غريبة تشوبها الشكوك، وهي أن «الموناليزا» نصفها رجل، أي أنها تمزج وجهين في رسمة واحدة، نصف امرأة ونصف رجل، ويعتقد أن المرأة هي ليزا جيرارديني بالفعل، أما الرجل فيدعى جيان جياكومو كابروتي، لكنه كان معروفا باسم سالاي، وكان متدربا يعيش في منزل دافينشي، ودخل حياة دافينشي ومنزله وهو في العاشرة من عمره وبقي هناك لأكثر من 20 عاما، وكان الرسام يستخدمه كموديل، وظهر في عديد من لوحاته وتماثيله، وفقا لما ترجمته صحيفة «القبس» عن الصحافة الإيطالية.
توصل الباحث إلى هذه النتيحة بعد أن فحص اللوحة الشهيرة بالأشعة تحت الحمراء، وقوبلت بالرفض الشديد والتشكيك، لاستحالة الربط بين اللوحة ومتدرب مبتدئ، وكذلك لصعوبة الربط أيضا بين هذا النوع من الأشعة واللوحة.
هجوم متكرر
لم يكن اعتداء الشاب المتنكر هو الأول. عبر تاريخها تعرضت «الموناليزا» للسرقة في 1911، على يد موظف إيطالي في متحف اللوفر، وبعد عامين عثر عليها حينما حاول بيعها لأحد المعارض في إيطاليا، احتفظ بها في منزله لعامين كونها تنتمي إلى إيطاليا، فألقت السلطات القبض عليه، وبعد مفاوضات دبلوماسية، سلمت اللوحة والسارق إلى فرنسا، وحكم على اللص بالسجن عاما.
ويسجل التاريخ أن اللوحة تنقلت في أكثر من قصر، ثم انتقلت إلى غرفة نوم نابليون الأول خلال الثورة الفرنسية، ثم إلى متحف اللوفر في باريس، فيما يعد الملك فرانسيس الأول، أول من اشترى اللوحة في 1516.
وفي 1956 رمى رجل بوليفي حجرا على اللوحة، وفي العام نفسه ألقى رجل الأسيد على اللوحة، ما ألحق ضررا بجانبها الأيسر ومزقه، ثم في 2009 رمت سائحة روسية قدحا من الشاي تجاه العازل الزجاجي للوحة، وتحطم القدح حينها، لكن اللوحة لم تصب بضرر، ووضعت إدارة متحف اللوفر أمام اللوحة جدارا زجاجيا مصفحا، مع غلاف خاص للتحكم في عوامل الرطوبة والحرارة، في اهتمام خاص قلما تجده أي لوحة في العالم.

الأكثر قراءة