كليان مبابي .. رئيسان تدخلا لإقناعه بالبقاء مع "بي إس جي"
نجم كرة القدم كيليان مبابي مهم جدا لفرنسا لدرجة أنه ليس فقط رئيس واحد، بل رئيسان سعيا لإقناعه بعدم التخلي عن باريس سان جيرمان والانتقال إلى ريال مدريد.
اعترف المهاجم البالغ من العمر 23 عاما، الذي ساعد فرنسا على الفوز بكأس العالم في 2018، بتعرضه لضغط على مستوى عال عندما سئل في مقابلة تلفزيونية في وقت الذروة عما قاله له الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون والرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي عندما كان يفكر في الانتقال إلى الفريق الإسباني.
قال، "نصحاني بشدة بالبقاء في بلدي والاستمرار في تسطير قصة باريس سان جيرمان، لكن هذا كان قراري قبل كل شيء ويسعدني أنني اتخذته"، قالها بينما كان يشاهده ما يقارب سبعة ملايين شخص تابعوا قناة "تي إف ون" الإثنين ـ أكثر بكثير من معدلات مشاهدة رئيسة الوزراء الجديدة، إليزابيث بورن، الجمعة.
اتسمت إجابة مبابي بوقار سياسي من لاعب لديه موهبة ليس فقط في تسجيل الأهداف، بل في القيام بكل الأشياء المتوقعة من نجوم الرياضة الحديثة، بدءا من إبراز صورة إيجابية للنادي إلى الظهور بمظهر أنيق في بدلة من صنع كريستيان ديور، جهزتها الشركة الراعية "إل في إم إتش"، كل ذلك أثناء التنقل ببراعة عبر ألغام الحروب الثقافية التي تحيط باللعبة الجميلة.
لكن البريق الوطني الذي سعى مبابي إلى وضعه في نهاية ملحمة ما إذا كان سيبقى أم لا، التي استمرت عاما، فشل في إخفاء بعض الحقائق القاسية بالنسبة إلى كل من باريس سان جيرمان والدوري الفرنسي.
ظل الفوز بدوري أبطال أوروبا بعيد المنال على الرغم من أن مالكي النادي القطريين الذين اشتروا باريس سان جيرمان في 2011، أنفقوا أموالا وجاءوا بلاعبين مثل ليونيل ميسي ونيمار. مع ذلك، سيشعر القطريون بالارتياح كون بمبابي اختار البقاء في النادي في العام الذي من المقرر أن يستضيفوا فيه نهائيات كأس العالم، التي تنطلق في الدوحة في تشرين الثاني (نوفمبر).
لكن الحدث المنظم بدقة احتفاء بإعادة توقيع مبابي في بار دي برينس الأسبوع الماضي، يتناقض مع الطريقة التي قاطع بها بعض المشجعين مباراة الفوز باللقب قبل شهر، للإشارة إلى استيائهم من خروج مبكر آخر من دوري أبطال أوروبا.
ويخاطر الدوري الفرنسي الممتاز بالبقاء بشكل دائم في مستوى دون مستويات الدوريات الأوروبية الكبرى، ليس فقط من الناحية المالية بل أيضا من حيث جودة اللعب. فعديد من المباريات مملة في منافسة غير متوازنة لدرجة أن باريس سان جيرمان فاز ببطولة الدوري في ثمانية من الأعوام العشرة الماضية.
وتسعى الجهة المنظمة للدوري إلى معالجة ذلك من خلال صفقة جديدة قيمتها 1.5 مليار يورو مع شركة الأسهم الخاصة "سي في سي"، التي ستوفر ضخا نقديا تمس الحاجة إليه للأندية التي لا تزال مثقلة بالديون جراء صدمة كوفيد- 19، لكن ظهور فوائد الصفقة قد يستغرق أعواما.
تم تنفيذ هذه الصفقة فقط بعد ضمان مباركة ماكرون والبرلمان الفرنسي عليها في علامة أخرى على كيفية تداخل كرة القدم مع السياسة. كل هذا يعني أن فكرة انتقال مبابي إلى ريال مدريد لم يكن من الممكن أبدا تفسيرها على أنها اختيار شخصي لشاب ربما كان يرغب في اختبار مهاراته في دوري أقوى خارج البلاد. على العكس من ذلك، الانتقال يدخل مباشرة في السرد الدائم الذي يدور في الحياة العامة في البلاد، وهو يتعلق بالخوف من الانحدار في كل شيء من الجغرافيا السياسية إلى السينما. بالنسبة إلى كثيرين بقاء مبابي يرقى إلى مستوى تصويت بالثقة في فرنسا.
غالبا ما ارتبطت فكرة فرنسا عن نفسها بالرياضة ونجومها. في 1998 بث الفريق المتنوع عرقيا الذي فاز بكأس العالم لأول مرة ـ النهائيات كانت في فرنسا ـ الآمال في أن الرياضة يمكن أن تعالج الانقسامات في المجتمع. لكن هذا التفاؤل كان في غير محله. لا تزال فرنسا اليوم تتصارع حول ما إذا كان ينبغي السماح للاعبات المسلمات بارتداء الحجاب أثناء لعبهن في مسابقات الهواة أو المحترفين. ربما كان السياسي اليميني المتطرف، جوردان بارديلا، يحاول الثناء على مبابي من خلال وصفه هذا الأسبوع بـ"نموذج الاندماج"، لكن الملاحظة فشلت لأن اللاعب ولد في فرنسا وهو فرنسي. "والده من الكاميرون وأمه الفرنسية هاجر والداها من الجزائر".
عندما يكون مبابي على أرض الملعب تتلاشى هذه المخاوف. كنت محظوظة بما يكفي لوجودي في المدرجات عندما لعب باريس سان جيرمان مع ريال مدريد في شباط (فبراير). لقد كانت مباراة متوترة ولم يسجل أي منهما هدفا حتى الدقيقة الأخيرة من الوقت المحتسب بدل الضائع، عندما تلقى مبابي تمريرة من نيمار، وانزلق بين اثنين من المدافعين، وسدد تسديدة منخفضة قوية داخل الشباك.
انفجر الملعب وساد شعور بالإرتياح، وربما خطر بال كثيرين في تلك اللحظة السؤال نفسه، ماذا كنا سنفعل دونه؟