مبلغة ألمانية: لا أنصح أحدا بالتبليغ عن المخالفات في ألمانيا

مبلغة ألمانية: لا أنصح أحدا بالتبليغ عن المخالفات في ألمانيا
برجيت هانيش
مبلغة ألمانية: لا أنصح أحدا بالتبليغ عن المخالفات في ألمانيا
ديزيريه فيكسلر

عندما قدمت بريجيت هاينيش شكوى جنائية ضد صاحب عملها في أواخر 2004، لم تكتف بالإبلاغ عن ظروف أليمة مزعومة في دار لرعاية المسنين في برلين. في الملحمة القانونية التي تلت ذلك، كشفت أيضا عن الوضع غير المستقر للمبلغين عن المخالفات في أكبر اقتصاد في أوروبا.
هاينيش (43 عاما) تم طردها في غضون أسابيع. في سلسلة من القضايا المعروضة على المحاكم لعدة أعوام، أيد القضاة الألمان هذا القرار، بحجة أن هاينيش انتهكت "واجب الولاء" المطلوب منها إظهاره لصاحب عملها بموجب القانون الألماني.
بعد أن رفضت المحكمة الدستورية في البلاد حتى النظر في القضية، لجأت هاينش إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. في قرار تاريخي في 2011، ألغى قضاة لوكسمبورج الأحكام الألمانية، وعدوا أن الفصل يعد انتهاكا لحرية التعبير المكفولة لهاينيش.
مع ذلك، في العقد الذي تلا ذلك، لم يتحسن شيء يذكر.
لا يزال المبلغون عن المخالفات في ألمانيا يجدون أنفسهم في أرض مجهولة قانونيا تحددها تقلبات السوابق القضائية وقرارات القضاة الأفراد. قال فابيو دي ماسي، وهو عضو برلماني سابق تحول إلى متخصص في جرائم ذوي الياقات البيضاء، "يحمي المبلغون عن المخالفات نجاح الشركات على المدى الطويل ونزاهة الإجراءات الحكومية، لكنهم في الأغلب ما يضعون حياتهم المهنية على المحك".
قال هارتموت بومر، رئيس منظمة الشفافية الدولية في ألمانيا، وهو قاض سابق، "لا يوجد بلد ديمقراطي آخر يقدم حماية للمبلغين عن المخالفات أقل من الحماية التي تقدمها ألمانيا".
تحاشيا لإجراء من قبل الاتحاد الأوروبي بسبب تأخير تنفيذ توجيه من جانب الاتحاد في 2019، قدم ماركو بوشمان وزير العدل الألماني، الشهر الماضي مسودة أولى لتشريع خاص بحماية المبلغين عن المخالفات يأمل في تمريره من خلال البرلمان في وقت لاحق من هذا العام.
أنجريت فالتر، رئيسة جماعة الضغط، ويسلبلور نيتورك، التي تتخذ من برلين مقرا لها، وصفت المسودة بأنها "خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح"، إلا أنها لا تزال أقل مما يعده النشطاء ضروريا كونها تتخلف كثيرا عن القواعد الأمريكية التي تقدم حوافز مالية للمبلغين عن المخالفات. ووصفت منظمة الشفافية الدولية، غير الهادفة للربح، ذلك بأنه "فشل ذريع".
وفقا للمسودة، التي اطلعت عليها "فاينانشيال تايمز"، جميع الشركات التي تضم 50 موظفا أو أكثر ستكون ملزمة بأن يكون لديها نقطة اتصال داخلية للمبلغين عن المخالفات، بينما تنشئ الحكومة نقاط اتصال خاصة بها للموظفين الذين يرغبون في الإبلاغ عن سوء سلوك محتمل. بموجب القواعد الجديدة، يمكن للمبلغين عن المخالفات تحديد نقطة الاتصال التي يفضلونها وفي بعض الحالات سيتم منحهم حصانة قانونية إذا أبلغوا وسائل الإعلام عن المخالفات.
وسيتم حظر معاقبة مبلغي المخالفات رسميا. الأهم من ذلك، سيتم عكس عبء الإثبات، سيتعين على أصحاب العمل إثبات أن الإجراءات المتخذة ضد المبلغين عن المخالفات لا تشكل انتقاما.
قال سيمون كامبفر، الشريك في شركة المحاماة، فريشفيلدز بركهوس ديرينجر، المسؤول عن مجموعة الدفاع عن ذوي الياقات البيضاء في ألمانيا، "سيصبح هذا وثيق الصلة بالحياة الواقعية. حتى تغيير المهام الداخلية للموظف يمكن أن ينظر إليه على أنه انتقام".
أضاف أن الشركات التي تعاقب المبلغين عن المخالفات يمكن أن تتوقع غرامات تصل إلى مليون يورو بموجب القواعد الجديدة المقترحة.
الإصلاحات - التي تحظى بدعم الائتلاف الحاكم، لكن من غير المرجح أن يتم التوقيع عليها لتصبح قانونا حتى وقت لاحق من هذا العام - تمثل محاولة للانفصال عن بعض الآراء الراسخة في البلاد حول العمل.
وفقا لبومر، نهج ألمانيا في علاقات العمل مستمد من الثقافة الأبوية والجماعية حيث ينظر إلى أصحاب العمل والموظفين على أنهم أعضاء في المجتمع نفسه، مع التزام قانوني من جانب العاملين بالولاء لأرباب عملهم. في هذا السياق، يمكن اعتبار الإبلاغ عن سوء السلوك إلى هيئات خارجية خيانة.
شكل التاريخ المظلم للبلاد في القرن الـ20 أيضا وجهات النظر العامة بشأن المبلغين عن المخالفات. شجعت السلطات النازية، ولاحقا في ألمانيا الشرقية، المواطنين بنشاط على الإبلاغ عن السلوك "المتمرد". يمكن اعتبار المبلغين عن المخالفات بحسن نية على أنهم وشاة. قال بومر، "الأمر يتطلب حماية أفضل حقا للمبلغين عن المخالفات للتغلب على بعض التقاليد الثقافية الألمانية".
ديزيريه فيكسلر، الرئيسة السابقة للاستدامة في شركة دي دبليو إس لإدارة الأصول، التي اتهمت صاحب عملها بالمبالغة في بيانات اعتمادها الخضراء وتم فصلها في 2021، قالت، "النظام الألماني - المنظمون ومجالس إدارة الشركات والمحاكم - اليوم مصمم إلى حد كبير لحماية الوضع الراهن، نخبة الشركات". أضافت أن محكمة العمل الخاصة بها في فرانكفورت كانت "هزلية. دخل القاضي وأعلن الحكم دون سماع القضية - لا شهادة ولا شهود ولا محاكمة عادلة".
قالت إن الدرس الذي تعلمته من ذلك هو أن "عليك تدويل الأمر، على أساس الأدلة، مع الصحافة أو مع السلطات الحكومية الأخرى، مثل الولايات المتحدة، أو سيحاول النظام الألماني إسكاتك بطريقة أخرى".
في الوقت الحالي، تكمن السلطة في يد أصحاب العمل في حالة الإبلاغ عن الفساد أو الاحتيال أو أي نوع آخر من سوء السلوك. قال بومر، "تقريبا كل المبلغين عن المخالفات الذين أصبحوا معروفين فقدوا وظائفهم وواجهوا كارثة - حتى لو كانت مخاوفهم مبررة تماما".
في حين أن مشروع قانون حماية المبلغين عن المخالفات يجب أن يعالج بعض أكثر الفجوات وضوحا، إلا أن النشطاء غير راضين عن ذلك. مصدر القلق الرئيس هو أن موظفي القطاع العام سيظلون يواجهون عقبات كبيرة.
أشارت فالتر إلى أن الإبلاغ عن سوء السلوك المرتبط بوثائق عامة سرية سيظل غير قانوني. قالت، "الحكومة تحمي نفسها من المبلغين الذين يعدون مهمين بالنسبة إلى المجتمع".
من جانبها، حذرت منظمة الشفافية الدولية من أن هناك خللا خطير آخر يتمثل في عدم وجود أي التزام بالتحقيق في شكاوى المبلغين عن المخالفات المجهولة. لن يتم أيضا حماية المبلغين عن المخالفات الذين يبلغون عن سوء سلوك ليس إجراميا.
علاوة على ذلك، القانون الجديد لا يقدم مكافآت مالية للمبلغين عن المخالفات، وهو نهج كشف عن سوء سلوك واسع النطاق في الولايات المتحدة. في العام الماضي حصل موظف سابق في دويتشه بانك على ما يقارب 200 مليون دولار مكافأة لإبلاغه عن تلاعب في سعر الفائدة القياسي، ليبور.
مع ذلك، النشطاء في ألمانيا لا يدعون إلى اتباع الولايات المتحدة في هذا الصدد. قالت فالتر، المكافآت للإبلاغ عن الأفراد "تتعارض مع اللباقة". كذلك جادل بومر ضد الحوافز المالية، ودعا بدلا من ذلك إلى إنشاء صندوق تموله الصناعة لتعويض المبلغين عن المخالفات الذين يفقدون وظائفهم.
هاينيش - التي تلقت في نهاية المطاف 90 ألف يورو بموجب تسوية مع صاحب عملها - قالت لـ"فاينانشيال تايمز" إنها لا تعتقد أن القانون الجديد سيحدث فرقا كبيرا، "النظام الألماني مذل. لا أنصح أي شخص بأن يصبح مبلغا عن المخالفات في ألمانيا."

الأكثر قراءة