احتياج العراق للسيولة قد يدفع صفقات النفط مع الأكراد قدما

احتياج العراق للسيولة قد يدفع صفقات النفط مع الأكراد قدما

احتياج بغداد الشديد إلى المال لإعادة الإعمار بعد سنوات من العقوبات والحرب قد يوفر العامل المساعد المنتظر منذ فترة طويلة للتوصل إلى اتفاق مع المنطقة الكردية في شمال البلاد بشأن صادرات النفط والغاز.
ورفضت وزارة النفط العراقية الإثنين الماضي خطة كردية بقيمة ثمانية مليارات دولار لتغذية خط أنابيب نابوكو بالغاز لتوصيله إلى أوروبا في أحدث مواجهة في الخلاف الدائر منذ فترة طويلة مع المنطقة المتمتعة بقدر كبير من الحكم الذاتي بشأن السيطرة على الاحتياطيات الضخمة من النفط والغاز.
لكنها قدمت تنازلات فيما يتعلق بصادرات النفط من المنطقة بعد عامين من التعثر. وقال صامويل جيزوك المحلل في "إي.إتش.إس جلوبل إينسايت" في لندن "العراق يحتاج بشدة إلى إيرادات صادرات النفط وإلى العملة الصعبة وهو عامل أقوى من أي شيء رأيناه من قبل في إمكانية أن يقود إلى اتفاق مع المنطقة الكردية".
وفي مواجهة ضغوط داخلية لزيادة الدخول التي تضررت من انخفاض أسعار النفط ولرفع الإنتاج سمح حسين الشهرستاني وزير النفط العراقي في وقت سابق هذا الشهر للمنطقة الكردية بالبدء في تصدير كمية محدودة تبلغ 60 ألف برميل يوميا اعتبارا من الأول من حزيران (يونيو) المقبل. وقالت المنطقة الكردية إن الصادرات قد تصل قريبا إلى 100 ألف برميل.
لكن الجانبين لم يتفقا بعد على مسألة مهمة تتعلق بكيفية تقسيم الإيرادات.
وأسلوب حل هذه المشكلة سيكون له أثر في خطط المنطقة الكردية لتصدير الغاز لأوروبا فضلا عن عقود التصدير الآجلة للنفط والغاز في مختلف أرجاء البلاد.
والصادرات تأتي من عقود مشاركة في الإنتاج وقعتها حكومة كردستان العراق مع شركات أجنبية تقول بغداد إنها عقود غير قانونية. وتقول وزارة النفط إنها
الجهة الوحيدة التي يمكنها التصديق على العقود وتقول السلطات الكردية إن اتفاقاتها لا تخالف الدستور.
وإذا وافقت بغداد على محاسبة الشركات على إيرادات النفط والغاز حسب شروط العقود الموقعة ستكون قد اعترفت فعليا بالصفقات المبرمة وقدمت تنازلات للأكراد ولمطالب إقليمية أخرى بنصيب من الموارد.
وتقول وزارة النفط إن الدخل يجب أن يوجه إلى صندوق مركزي ثم يتم توزيعه حسب الميزانية التي تحصل المنطقة الكردية على نسبة 17 في المائة منها، والأكراد إن أمكن قد يستخدمون هذا المبلغ في سداد مستحقات الشركات.
وتشمل عقود الأكراد مع شركات النفط أن تحصل الشركات على ما بين 18 و20 في المائة من إجمالي الإيرادات. وقد ينقصها المال لسداد ذلك من حصتها إذا تم توجيه الإيرادات لصندوق مركزي.
وقال علي حسين بلو وهو كردي يرأس لجنة النفط والغاز في البرلمان العراقي إنه من الظلم مجرد اقتراح أن يسدد الأكراد لشركات النفط من حصتهم البالغة 17 في المائة. وأضاف لـ "رويترز" أن أي دعم من الحكومة العراقية لهذه الفكرة سيعقد الأمور ويدفعها إلى طريق مسدود.
وقال النائب العربي في اللجنة عبد الهادي الحسني إن الشركات المعنية وهي "دي.
إن.أو إنترناشيونال" النرويجية و"اداكس بتروليوم" الكندية يجب أن تحصل على تكاليف الحفر وليس على ما نصت عليه العقود، مشيرا إلى أن هذا سيكون حلا وسطا حتى يتم تمرير قانون النفط الجديد.
وأقرت الحكومة العراقية قانونا للنفط والغاز في عام 2007 سيساعد في حل الخلافات العميقة التي تلقي بظلالها على مستقبل بلد يجاهد للخروج من أثر ست سنوات من العنف. لكن الخلاف بين بغداد وكردستان العراق عطل الموافقة على القانون في البرلمان. ويقول محللون إنه فور بدء تدفق الصادرات من المرجح أن يتوصل الجانبان إلى نوع من الاتفاق العملي على اقتسام الإيرادات.
ويحتاج الجانبان إلى رؤية أموال تتدفق بعد أن اضطرت بغداد لخفض الميزانية الاتحادية لهذا العام ثلاث مرات بسبب تراجع أسعار النفط إلى نحو 60 دولارا للبرميل من ذروته البالغة 147 دولارا العام الماضي. ويعتمد العراق على النفط في نحو 95 في المائة من دخله.
ويتعرض الشهرستاني لضغوط لتعويض انخفاض بمعدل نحو 250 ألف برميل في اليوم عن ذروته قبل الحرب التي بلغها في أيار (مايو) الماضي. وإنتاج المنطقة الكردية قد يسد الفجوة بأسرع من أي مصدر آخر متاح أمام الوزارة.
وتضم أراضي العراق ثالث أكبر احتياطيات نفطية وعاشر أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي في العالم لكنه يحتاج إلى مليارات الدولارات لتحديث البنية الأساسية.
ويقول المحللون: إنه حتى التوصل إلى اتفاق على اقتسام إيرادات هذه الصفقات قد يكون غير كاف لتحديد الاتجاه للصفقات المستقبلية ولأي إمدادات غاز لخط أنابيب نابوكو.
وتم توقيع الصفقات مع "دي.إن.أو" و"اداكس" قبل الاتفاق على مشروع قانون النفط لذلك ربما تميل بغداد بدرجة أكبر إلى السماح لهم بالمضي قدما على عكس الصفقات التي أبرمت بعد ذلك.
وقال فاليري مارسيل من معهد الشؤون الدولية تشاثام هاوس "أعتقد أن وزارة النفط حريصة تماما على ألا ترسي سابقة تشجع الشركات على مواصلة توقيع صفقات مع الحكومة الكردية".
ولدى بغداد خططها الخاصة لإمداد الغاز إلى أوروبا من حقل آخر وهو سبب آخر لمقاومة الخطة الكردية. والشركات التي تأمل في تصدير الغاز لأوروبا قد تمضي قدما في خططها لبناء خط أنابيب إلى تركيا تحت إشراف الأكراد ودون موافقة الحكومة المركزية. لكن المشترين وبخاصة تركيا التي تمر الصادرات عبرها والتي تكافح طموحات الانفصاليين الأكراد في الداخل قد تحجم عن الشراء دون موافقة بغداد. وقال علي ترونر من اشيا باسيفيك انرجي كونساتينج "سيكون ذلك بمثابة تشجيع للاتجاهات الانفصالية الكردية". وأضاف "سيصعب جدا إقناع تركيا بذلك".

الأكثر قراءة