تطور العملات المشفرة .. فقاعة لابد أن تنفجر
كان داميان ميتشل، متداول العملات، يتمتع بأكثر من عقدين من الخبرة في الحي المالي في لندن عندما تلقى بعض النصائح التي لم يطلبها من ابنه.
قال ميتشل (53 عاما) لـ"إف تي موني"، متحدثا بلسان ابنه، "قال: أبي، هيا، أنت رجل لديه خبرة في تداول العملات الأجنبية، لماذا لا تنظر إلى البيتكوين؟، قلت: حسنا، إنه ليس شيئا موثوقا بالفعل، أليس كذلك؟".
لكن المخضرم المالي غير رأيه بعد ذلك. اليوم، لا يشارك ميتشل في شراء وبيع الرموز الأكثر شهرة، مثل البيتكوين فحسب، لكن في تحقيق عوائد من خانتين من سوق متخصصة سريعة النمو - عبر إقراض واقتراض العملات المشفرة.
لا يدعه ابنه ينسى من أين جاءت الفكرة. "من الواضح أنه يذكرني بذلك باستمرار"، كما يقول، متحدثا من غرفة في فندق في لاس فيغاس، حيث يقول إنه في "عمل" يجمع بين المتعة وشغفه الجديد بالعملات المشفرة.
انفجرت العملات المشفرة إلى سوق تبلغ قيمتها تريليوني دولار، يمتلك فيها ملايين المستثمرين شكلا من أشكال الأصول الرقمية. على الرغم من أن الأسعار لا تزال متقلبة للغاية وأن المنظمين يصدرون تحذيرات متكررة حول مخاطر العملات المشفرة، إلا أن المدخرين الشخصيين ينخرطون في السوق، بما في ذلك داخل المملكة المتحدة.
على شاكلة ميتشل، يذهب البعض إلى أبعد من مجرد شراء العملات والاحتفاظ بها على المدى الطويل - أو امتلاكها لاستخدام المصطلحات الخاصة بقطاع التشفير. إنهم ينتقلون إلى مجموعة واسعة من الرموز، من ضمنها الرموز غير القابلة للاستبدال المشهورة في عالم الفن. إنهم يتعلمون كيفية توليد الدخل من الأصول المشفرة، التي لا تقدم عادة عائدا من نوع توزيعات الأرباح.
غالبا ما تكون هذه الأنشطة معقدة، ويمكن أن تكون محفوفة بالمخاطر للغاية وعادة ما تكون غير محمية من قبل الجهات التنظيمية. لكن مع تسرب العملات المشفرة إلى الاستثمارات الرئيسة، أصبحت فرص تجربة أساليب كسب الأموال هذه شائعة بشكل متزايد، حتى في أوساط مستثمري التجزئة.
يرى نقاد العملات المشفرة هذا التطور على أنه دليل إضافي على فقاعة لا بد أن تنفجر. الشهر الماضي، قارن فابيو بانيتا، عضو في المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي، بين الأصول الرقمية وعمليات الاحتيال. قال بانيتا في خطاب انتشر على نطاق واسع، "المبشرون بالعملات المشفرة يعدون بالجنة على الأرض، باستخدام حكاية وهمية لأسعار الأصول المشفرة المتزايدة باستمرار للحفاظ على التدفقات الداخلة، وبالتالي الزخم الذي يغذي فقاعة التشفير".
الجهات التنظيمية، بما فيها هيئة السلوك المالي في المملكة المتحدة، قلقة أيضا بشأن المخاطر. الشهر الماضي، قال نيكيل راثي، الرئيس التنفيذي لهيئة السلوك المالي البريطانية، "كما حذرنا باستمرار، إذا كنت تستثمر في العملات المشفرة، ينبغي لك أن تكون مستعدا لخسارة كل أموالك".
لكن مع الحماس العالمي للعملات المشفرة الذي لا يظهر عليه علامات التلاشي، تكافح الهيئات الرقابية لمواكبة ذلك. عندما تحاول فرض قواعد صارمة محليا، كما هي الحال مع هيئة السلوك المالي البريطانية، في الأغلب ما يعمل المشغلون من دول أخرى - ويستدرجون العملاء إلى المعاملات الخارجية.
عندما قدم ابن ميتشل تلك النصيحة له دون طلب في 2014، كان هناك عدد قليل من الناس منخرطين في عملات البيتكوين. لكن بحلول 2017، بدأ المستثمرون ملاحظتها، ارتفع سعر الرموز الرقمية بشكل كبير وعانى مدخرو التجزئة في جميع أنحاء العالم حالة خطيرة من الخوف من تفويت الفرص. كان ميتشل واحدا منهم.
بصفته متداولا منذ ثمانينيات القرن الماضي، بنى ميتشل حياته المهنية على الاستفادة من أوجه القصور في أسواق العملات أثناء انتقالها إلى المنصات الإلكترونية. كان ناجحا للغاية لدرجة أنه بعد العمل في المصارف التجارية الكبرى، أنشأ شركة تداول خاصة، لا تزال تعمل حتى اليوم.
بعد الاستثمار في الأصول الرقمية من خلال صندوق تحوط متخصص، قرر تطبيق تجربة التداول، كان لدى المتداول داخله فضول كبير للجلوس والسماح للآخرين بالتنقل بين المستويات العالية والمنخفضة لسوق العملات الرقمية شديدة التقلب.
سرعان ما أدرك أن التشفير يشبه تداول العملات، حافل بالفرص. يقول، "لطالما أحببت مسيرتي المهنية بشغف، لذلك كان من السهل جدا التعمق في عالم التشفير والاستمتاع بحماسة شديدة. سواء أكان الأمر يتعلق بالرموز غير القابلة للاستبدال، والمخاطرة، والإقراض، والاقتراض، هناك دائما شيء جديد في التشفير وهذا هو الشيء المثير بالنسبة لي".
إنه انتقاد طويل الأمد لعملة البيتكوين بأنها لا تحمل عائدا. لكن من خلال إقراض واقتراض البيتكوين، يمكن للمستثمرين كسب عوائد، كما يفعلون مع الرموز الرقمية الأخرى.
تتم هذه الأنشطة من خلال البورصات في الأسواق المالية اللامركزية، وهي سوق مؤتمتة تعتمد على الحاسوب حيث يتم إقراض العملات المشفرة واقتراضها وكذلك تداولها. في الأغلب ما تكون الأسعار متقلبة للغاية، لذا فإن فرص جني الأرباح - وكذلك المخاطر - مرتفعة للغاية.
تعمل الأسواق المالية اللامركزية على أساس نظير إلى نظير، وعادة ما تتم مطابقتها عبر البورصات. لا يوجد نظير مركزي يرتب المعاملات أو يشرف على الائتمان. لذلك، لا توجد حماية إذا حدث خطأ ما وانتشرت الاختراقات والسرقة. لكن نمو الأسواق المالية اللامركزية كان سريعا، حيث تضخمت من 15 مليار دولار في نهاية 2020 إلى ذروة بلغت 110 مليارات دولار في أيلول (سبتمبر) العام الماضي. في الوقت الراهن، إنها سوق تبلغ قيمتها 76 مليار دولار.
تغذي عملة معينة كثيرا من الأعمال المرتبطة بالائتمان - العملات الرقمية المدعومة بأصول، والرموز الرقمية التي يدعي المتحمسون أنها تسد الفجوة بين عالمي التشفير والعملات التقليدية، حيث تم إعدادها لتكون مدعومة بالدولار الأمريكي أو غيرها من الأصول المالية غير المشفرة.
في أواخر العام الماضي، وصفه محللو مصرف جولدمان ساكس بأنه "نظام مالي بديل تجريبي وغير منظم" حيث يمكن للمستخدمين كسب عائد على حيازاتهم من العملات الرقمية المدعومة بأصول "عادة نحو 5 في المائة - نحو عشرة أضعاف العوائد المتاحة على الودائع المصرفية المؤمنة". قدر محللون آخرون الرقم عند 12 في المائة.
عالم العملات المشفرة يفتقر إلى الدولارات لأن قلة من المشاركين لديهم إمكانية الوصول إلى المصارف التقليدية. تعمل العملات الرقمية المدعومة بأصول، وهي أقرب مكافئ للعملة الصعبة، على زيادة حركة الأموال في العملات المشفرة، حيث يستخدم المستثمرون العملات الرقمية المدعومة بأصول للتنقل من بورصة إلى أخرى. نظرا إلى وجود طلب كبير عليها، في الأغلب ما يكون المستثمرون مستعدين لدفع أسعار فائدة أعلى لاقتراضها مقارنة بالعملات المشفرة الأخرى.
حتى إن بعض المستثمرين قادرون على اقتراض النقود باستخدام عملتهم المشفرة كضمان - عبر مقرضين متخصصين. هذه الشركات ليست مصارف، لكنها تشبه مكاتب الرهونات، يمكن للمستثمرين الحصول على ما يصل إلى 80 في المائة من قيمة عملاتهم المشفرة على شكل قروض نقدية. يخاطر هؤلاء بفقدان رموزهم إذا لم يتمكنوا من السداد.
لا مفر من المخاطر. في الشهر الماضي، حذرت المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية، وهي المنظمة الأم للجهات التنظيمية المالية العالمية، من أن الأسواق المالية اللامركزية محفوفة بالمخاطر، وأكدت أن عمليات الإقراض والاقتراض في الأغلب ما تكون مليئة بتضارب المصالح ولا تقدم سوى وهم اللامركزية.
القروض مضمونة بشكل كبير - في الأغلب بالعملات المشفرة للمقترض. لذلك، في الأغلب ما تكون الشروط غير مواتية للمقترضين الذين ليس لديهم سيطرة على عمليات التصفية التي تبدأ حالة تعثر القرض.
تقدم الأنظمة الأحدث من البلوكتشين، التي تم إطلاقها بعد عملة بتكوين، طريقة أخرى للمستثمرين لتوليد عائد من خلال عملية تسمى إثبات الحصة - وهي طريقة تستخدم للتحقق من صحة المعاملات.
في عملة البتكوين، يتم هذا التحقق عادة من قبل جهات سك العملات - وهي الشركات المنتجة للبتكوين، بطريقة تستخدم الطاقة بشكل مكثف لأنها تتضمن عمليات هائلة من الحوسبة. أما في عملات الإثيريوم وسولانا وكاردانو وغيرها من العملات الأحدث من البتكوين، فيقوم حاملو العملات بالتحقق بطريقة أقل استهلاكا للطاقة، حيث يقومون بوضع بعض عملاتهم المشفرة في حوض، ثم تتحقق أجهزة الحاسوب من هذه المعاملات. في المقابل، يمكن أن يكسب حاملو العملات نحو 5 في المائة في العام.
يقول سايمون بيترز، رئيس قسم أوروبا الغربية في منصة "إي تورو" للتداول وهي الأكثر شعبية في المملكة المتحدة، إن أحد أكبر الاتجاهات في الأشهر الأخيرة كان التحول في تفضيلات العملاء فيما يريدون الاحتفاظ به لمصلحة الرموز التي تمكن من إثبات الحصة.
أصبحت عملة كاردانو ثاني أكثر الأصول الرقمية شعبية في المملكة المتحدة بعد عملة البيتكوين، وفقا لبيترز، حيث تحول عملاء المنصة من البتكوين، وذلك في إشارة إلى تحول نحو منهج إثبات الحصة. يقول بيترز، "إنها طريقة للاستفادة ليس فقط من الزيادات المحتملة في الأسعار التي قد تراها في العملات المشفرة، لكن من أجل مضاعفة حيازاتك أيضا".
في غضون عامين، قطعت العملات المشفرة شوطا طويلا وذلك منذ أن كانت المشكلة الرئيسة للمستثمرين الأفراد هي التردد في شراء البتكوين.
يقول بلير هاليداي، رئيس قسم المملكة المتحدة في منصة جيميناي للتداول، المملوكة للتوأمين الأمريكيين الثريين وينكلفوس، "كان 2021 عاما تحوليا تماما، حيث اعتمدت فيه العملات المشفرة على مستوى العالم، ولا تختلف المملكة المتحدة عنهم".
نحو 18 في المائة من البالغين في المملكة المتحدة يمتلكون عملات مشفرة - حيث استثمر فيها نصفهم تقريبا لأول مرة في 2021، وفقا لدراسة أجرتها منصة جيميناي.
وجدت دراسة استقصائية أجرتها منصة كوين بايس المنافسة، في نيسان (أبريل) أن ثلث المستهلكين في المملكة المتحدة يقولون إنهم يمتلكون حاليا عملات مشفرة، أو أنهم امتلكوا بعضا منها فيما سبق. أظهر الاستطلاع أن أكثر من 60 في المائة من الذين لديهم بالفعل انكشاف على العملات المشفرة يخططون لإضافة مزيد منها إلى ممتلكاتهم، بينما قال 11 في المائة فقط إنهم يخططون لبيع كامل أصولهم المشفرة أو بعض منها.
تقلصت حصة البتكوين من إجمالي عالم العملات المشفرة بشكل كبير في الأشهر الـ18 الماضية. في كانون الثاني (يناير) 2021، كانت عملة البتكوين تمثل 72 في المائة من إجمالي رسملة السوق العالمية للأصول الرقمية. لكنها انخفضت الآن إلى 41 في المائة.
انخفاض سعر العملات المشفرة منذ تشرين الثاني (نوفمبر) أعطى المستثمرين حافزا إضافيا لاستخدام حيازاتهم. يقول مايكل سترويف، الرئيس التنفيذي لشركة نيبيوس المتخصصة في إقراض الأصول الرقمية ومقرها برشلونة، " قبل بضعة أشهر في تشرين الثاني (نوفمبر)، اشترى كثير من الأشخاص الأصول الرقمية عندما كانت الأسعار في أعلى مستوياتها على الإطلاق". أضاف قائلا، "انخفضت قيمتها بشكل كبير، لذلك يفكر معظم المستثمرين الأفراد الآن: ماذا عساي أن أفعل؟".
تقدم منصات مثل نيبيوس قروضا نقدية تصل إلى 80 في المائة من قيمة رصيد العملات المشفرة، التي يتم الاحتفاظ بها كضمان وفي حال تخلف المقترض عن السداد فإنه يتم تصفيتها.
يقول سترويف إن الغرض الأساسي من هذه القروض هو زيادة حجم إجمالي الاستثمارات، سواء كان ذلك زيادة في الأصول المشفرة أو غيرها من الأدوات المالية. لكن بعض العملاء يقترضون لدفع فواتير المنزل أو شراء المستلزمات الضرورية.
غير أن المنظمين يستهجنون مثل هذه الهندسة المالية، لأسباب ليس أقلها أنها قد تشير إلى أن بعض المستثمرين يعانون ضغوطا كبيرة.
لكنهم لم يوقفوا تطور مثل هذه الممارسات في عمق سوق التجزئة عند حدها. في منتصف نيسان (أبريل) الماضي، حصلت شركة تسمى نيكسو على ختم الموافقة من شركة كبيرة للخدمات المالية الاستهلاكية - وهي ماستركارد - من أجل إطلاق مشترك لبطاقة ائتمان تتيح للمستخدمين استخدام الأصول الرقمية كضمان لها.
يقول أنطوني ترينشيف، الرئيس التنفيذي لشركة نيكسو، إن الاقتراض مقابل الأصول الرقمية هو مجرد وسيلة لاستخدام المقتنيات من أجل توليد الدخل. يقول، "هذا ما كان يقوم به كل من وادي السليكون وول ستريت بالضبط، ليس بيع الأصول وإنما الاقتراض مقابلها".
مخاطر الخسارة، بما فيها التي بسبب الاحتيال، شائعة. في تشرين الثاني (نوفمبر) العام الماضي، قالت شركة إيليبتك المتخصصة في بيانات العملات الرقمية إن المستثمرين خسروا العام الماضي 12 مليار دولار من أموالهم في الأسواق المالية اللامركزية، وإن أكثر من عشرة مليارات دولار من هذه الخسائر كان سببها قراصنة الإنترنت وفقدان المدخرات. كانت هذه الخسائر تفوق كل الأموال التي تمت خسارتها مباشرة بسبب التقلبات في قيم الأصول.
يقول نقاد إن هذه الخسائر يجب أن تجعل المستثمرين أكثر حذرا. "عندما تسمع عن سعر فائدة قصير الأجل يبلغ 9 أو 19 في المائة على أصل عملة رقمية مدعومة بأصول الذي يفترض أن يكون له قيمة ثابتة مقابل الدولار، قم حينها بحماية محفظتك من السرقة"، كما يقول روبرت ماكولي، زميل أقدم في الممارسة غير مقيم في مركز سياسات التنمية العالمية في جامعة بوسطن.
شهدت المملكة المتحدة ارتفاعا 116 في المائة في تقارير الاحتيال المتعلقة بالعملات المشفرة، من 3983 حالة إلى 8614 حالة في الفترة بين 2020 و2021، وفقا لشركة المحاماة بينسينت مايسون. هذا هو العام الرابع على التوالي الذي ارتفعت فيه حالات الاحتيال المرتبط بالعملات المشفرة أكثر من 100 في المائة.
إن الرقابة على شركات العملات المشفرة في بريطانيا محدودة وسط نقاش بين صناع السياسة حول كيفية تحقيق التوازن الصحيح بين الترويج للتكنولوجيا المالية وبين حماية المستثمرين.
قال راثي في خطابه الشهر الماضي إن هيئة السلوك المالي كانت تستعد بنشاط لليوم الذي ستحصل فيه على صلاحيات جديدة. بموجب اللوائح الحالية، تطالب الهيئة شركات الأصول الرقمية بالتسجيل لديها بغرض التحقق من عمليات غسل الأموال، مثلها مثل الشركات المالية الأخرى. لكن الشركات اشتكت من أن الجهة التنظيمية كانت بطيئة في منح موافقتها لهم، ما دفع بعض الشركات إلى الانتقال خارج المملكة - حيث لا يزال بإمكانها الوصول إلى عملاء المملكة المتحدة.
لكن الهيئة التنظيمية لم تمنع أي ممارسات محددة في الصناعة، باستثناء حملة شنتها على الإعلانات الترويجية للعملات المشفرة. على وجه التحديد، كما أقر راثي ضمنيا في خطابه، فإن هيئة السلوك المالي لا تتمتع حاليا بسلطات للإشراف على ائتمان الأصول المشفرة.
إذن ما الذي يجب أن يفعله المستثمرون الأفراد تجاه العملات المشفرة، إذا كان هناك أي شيء يمكنهم القيام به؟ هناك حل وسط بين أن تلقي بكل ما تملكه في السوق وبين عدم القيام بأي شيء مطلقا - وهو الانغماس في العملات المشفرة بما يكفي لإتاحة الفرصة لكسب الربح مع عدم التعمق لكي لا تواجهك مخاطر لا يمكن قبولها.
هذا ما يفعله ستيفن كورليت ذو الـ68 عاما، وهو مهندس تقاعد أخيرا ويعيش في مدينة تشيشاير. أثناء إعادة توزيع استثمارات معاشه التقاعدي إلى منتجات منخفضة التكلفة منذ ما يزيد قليلا على عام واحد، أصبح كورليت مهتما بالعملات المشفرة بعد أن قرأ عنها. بعد البحث فيها، قرر أن يبادر في استثمار نسبة صغيرة من مدخراته في الأصول الرقمية.
يقول كورليت، "قرأت عن التأثير البيئي لعملة البتكوين، لذا قررت بعد التمعن في الأمر أن أستخدم منهج إثبات الحصة واشتريت عملة كاردانو لأنها تستخدم طاقة أقل بكثير من البتكوين".
أنشأ كورليت حسابا على موقع crypto.com واستثمر ألفي جنيه استرليني فيه "منذ قرابة العام". في وقت من الأوقات، أصبحت قيمة محفظته الرقمية تساوي الضعف، لكن سرعان ما بدا واضحا له أن الاستثمار في العملات المشفرة ليس سلسا بالضرورة.
"من الصعب حقا معرفة ما أو من الذي يؤثر في سعر البتكوين. وعموما، تميل قيمة أصول العملات المشفرة الأخرى إلى الارتفاع أو الانخفاض بالتناسب مع عملة البتكوين، وهو أمر مخيب للأمل قليلا"، كما يقول كورليت.
غير أن قيمة استثمارات كورليت حاليا عادت إلى قيمتها في البداية. كما أن تجربته في إثبات الحصة قد جعلته يشعر بالإحباط، مشيرا إلى أن المبالغ التي حصل عليها كأرباح كانت ضئيلة بشكل مخيب للآمال.
لكنه ما زال يحتفظ بأصوله المشفرة، فقط من باب الاحتياط، على الرغم من اعتقاده بأن قيمة الأصول الرقمية المحتملة ستبقى محدودة حتى يكون لها استخداما في العالم الحقيقي. يقول كورليت، "لا أستطيع حقا أن أعد العملات المشفرة استثمارا جادا في الوقت الراهن".
ستكون كلمات كورليت كالموسيقى في آذان المستثمرين الحذرين - والمنظمين القلقين عليهم. لكن آراءه لن تمنع الآخرين من تحمل مخاطر كبيرة على أمل تحقيق عوائد أكبر، سواء من حيث منتجات العملات المشفرة أو الأساليب المستخدمة فيها.
الاقتراض والإقراض من الممارسات الشائعة في معظم الأسواق المالية الأخرى. لذلك، إذا كان هناك مستقبل لأسواق العملات المشفرة، فمن المحتمل أن تتطور في العملات المشفرة أيضا. لكن يبقى لنا أن نرى من هم الرابحون ومتى وكيف سيحققون ذلك.