رؤساء تنفيذيون يتذوقون تجربة العمل على الخطوط الأمامية
في آذار (مارس)، كنت ستجد المؤسس المشارك ورئيس قسم الهندسة الاستهلاكية في شركة دور داش، آندي فانج، يقوم بتسليم طلبية من مطعم سوشي إلى شقة أحد العملاء في مدينة سان فرانسيسكو.
تطبيق توصيل الطعام أعاد تشغيل برنامج وي داش الذي يتطلب من جميع الموظفين الذين يتقاضون رواتب في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا الانتشار في الطرقات وتنفيذ مهمات تسليم الطلبات. يقول فانج: "يعد هذا جزءا أساسيا من تركيبة شركتنا (...) إنه يرتبط بواحدة من قيمنا المتمثلة في أن نكون مهووسين بخدمة عملائنا".
في عالم التكنولوجيا، يطلق على عملية تجربة منتجك، أو الخدمة التي تقدمها باسم "تجربة الاستخدام التجريبي (تذوق طعام الكلاب)". كان ذلك يحدث بشكل تقليدي في تطوير برمجيات الحاسوب، لكن تم توسيع استخدام المصطلح منذ ذلك الحين للإشارة إلى المبادرات الأخرى للموظفين مثل قضاء الوقت في تنفيذ المهمات في الخطوط الأمامية. وعندما تم تأسيس شركة دور داش في 2013، قام المؤسسون بتنفيذ مهمات التسليم بأنفسهم ولكن كان ذلك بدافع الضرورة. فيما قامت مبادرة وي داش، التي بدأت بجدية في 2015 قبل أن تتوقف مؤقتا أثناء الجائحة، بتحويل هذه الضرورة إلى سياسة تتبعها الشركة.
وفقا لفانج: "الشيء الوحيد الذي يجعل هذا البرنامج فعالا للغاية هو حقيقة أن المؤسسين وفريق قيادة الشركة يشاركون فيه بحماس شديد". أخيرا استخدم فانج هذه الخدمة لاختبار جدوى استخدام الدراجات الإلكترونية في عمليات التسليم، استجابة لارتفاع أسعار البنزين إلى جانب المخاوف بشأن الاستدامة البيئية. ويصف فانج خدمة وي داش بأنها طريقة تسمح للموظفين بفهم ثقافة الشركة، والبقاء في حالة تواصل مع التغييرات المتكررة التي تطرأ على المنتج، وكذلك من أجل تقديم ملاحظات حول كيفية تحسين الخدمة.
مع ذلك، لم يكن سوى موظف واحد على الأقل في شركة دور داش سعيدا بإعادة برنامج وي داش. ففي أحد المنشورات على تطبيق بلايند Blind الخاص بمكان العمل في كانون الأول (ديسمبر)، ادعى الموظف أنه لم يتلق إشعارا مسبقا بتطبيق هذه السياسة قبل انضمامه إلى الشركة، وفيما يبدو أنه اعترض على تتبع عمليات التسليم في مراجعات تقييم الأداء.
ردا على ذلك، قال فانج: "لقد كان هذا شيئا تتقبله الأغلبية العظمى من الموظفين الأساسيين بشكل إيجابي. نحن نمنح الناس فرصا متنوعة للتفاعل مع المنتج". تطلب الشركة من الموظفين إكمال أربع عمليات تسليم على الأقل ويمكنه أيضا مرافقة زملائه في تجربة العملاء والتعلم منهم، للوصول إلى تنفيذ عشر "مهمات من برنامج داش" سنويا. وستصبح أيضا مرافقة شركاء المطعم على منصة دور داش خيارا. وسيتم تشجيع الموظفين على القيام بإحدى هذه المهام على أساس شهري.
ومن بين المشاركين الآخرين في "تجربة الاستخدام التجريبي"، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة إيربنب، برايان تشيسكي، الذي أعلن في كانون الثاني (يناير) أنه سيقيم في أحد العقارات المعروضة للإيجار على تطبيق الشركة كل بضعة أسابيع - خاص تجربة مماثلة في 2010. أما جون زيمر، الشريك المؤسس ورئيس شركة ليفت، فكان يتبع تقليدا على مدى الأعوام العشرة الماضية عشية رأس العام الجديد يتمثل في قيادة مركبات شركة خدمة توصيل الركاب.
تقول جينيفر مكفادين، المديرة المساعدة والمحاضرة في ممارسة ريادة الأعمال في كلية ييل للإدارة، إن على أصحاب العمل أن يسألوا عما إذا كانت هذه الممارسات تعد أفضل استخدام لوقت الموظفين ذوي الرواتب المرتفعة. تضيف: "أنا شخصيا أقول نعم. أي شيء يمكنك القيام به للتقرب من عميلك بأي طريقة أو صورة أو شكل هو أمر رائع".
مع ذلك، تحدثت مكفادين عن مخاوفها بشأن سلامة الموظفين وقدرتهم على فهم المشكلات التي يعانيها العاملون في اقتصاد الوظائف المؤقتة. تقول: "أعتقد أن هذا يساعدك على التأسيس للتعاطف مع المستخدم النهائي الخاص بك، لكنك لن تستطيع فهم هذا الدور حقا ما لم تجربه، فراتبك يعتمد عليه، وأنت تطعم أسرتك من هذا الراتب، وأنت تعمل 14 ساعة في اليوم".
لقد انتشرت عبارة "نجرب منتجنا التجريبي" في شركة مايكروسوفت في 1988 من قبل المدير السابق، بول ماريتز. وذلك حين أرسل بريدا إلكترونيا حول الحاجة إلى تجربة برنامج جديد للشبكات داخل الشركة، حيث كتب العبارة في خانة موضوع الرسالة كمداعبة، وعندها أطلق مدير الاختبار بعد ذلك على خادم الاختبار اسم "الاستخدام التجريبي". يتذكر ماريتز تلك الحادثة قائلا: "من هناك، أصبح للعبارة رونقها الخاص وبدأت في الانتشار إلى أقسام أخرى في مايكروسوفت ثم من هناك إلى أنحاء أخرى في الصناعة". بينما استلهم ماريتز نفسه استخدام هذا المصطلح من أول رئيس له، الذي كان يستخدم العبارة كي يسأل فريقه عن كيفية ترك ما يريدون بناءه أثرا في العالم الحقيقي.
يقول ماريتز: "أخشى أحيانا أنه عندما أموت سيكتبون على شاهد قبري عبارة: لقد تناول طعام كلبه". تم تأكيد الإرث التجاري والثقافي لهذه العبارة بعد ما يقارب 25 عاما عندما بدأت زوجة ابنه العمل في شركة جوجل وعادت بقميص كتب عليه هذا الشعار. "من الجيد جدا أن تقول لنفسك، إذا لم نتمكن من استخدامه بأنفسنا، فلا بد أن هناك شيئا أساسيا خاطئا فيما نقدمه".
تقول إيلما نور شودري، المحاضرة في التسويق في كلية ألايانس للاقتصاد التابعة لجامعة مانشستر، إن الشركات يجب أن تنظر فيما إذا كان تعيين فريق مختص في "تجربة المنتج" يعكس الاحتياجات والخلفيات المختلفة لكل من الموظفين ومجموعات العملاء. تضيف: "يمكنك أن ترى أن إحدى الشركات تحاول أن تصبح أكثر مسؤولية من الناحية الاجتماعية، وأنها تحاول أن تأخذ في الحسبان التنوع عندما تنخرط في هذه العملية".
تعتقد شودري أن برامج تجربة المنتج غير المدروسة يمكن أن تؤدي إلى مشكلات مثل إجهاد الموظفين واستيائهم (عندما تصبح ثقافة مكان العمل مشكلة)، لكن من الممكن تجنب ذلك في حال لم يجبر الموظفون على العمل لساعات إضافية ولم يواجه العاملون في الخطوط الأمامية ظروفا خاصة تعطل عمل فرقهم.
في شركة زابير للتشغيل الآلي لسير العمل، يطلب من جميع الموظفين كل أسبوع المساعدة في مهمات دعم العملاء. يقول المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي، ويد فوستر: "يساعدهم هذا على الشعور بأنهم أكثر ارتباطا بمجريات العمل". وهو يدعي أن السياسة أدت إلى فهم أفضل لمتطلبات العملاء وعجلت بإصلاح المشكلات التي أثيرت أثناء المكالمات مع العملاء، فضلا عن بناء روابط بين أعضاء الفريق، تشمل الثقة والاحترام الأكبر تجاه موظفي خدمة العملاء.
يعتقد فوستر أن السياسة تساعد الجميع على "الرؤية من منظور واحد" وتقدير أسباب تأييد الإدارات الأخرى لحدوث تغييرات معينة. في وقت مبكر من الجائحة، استطاع الموظفون داخل فريق دعم العملاء وخارجه في شركة زابير تحديد تأثير كوفيد - 19 في الشركات الصغيرة، وفي غضون أقل من أسبوع، أطلقت الشركة برنامجا للمساعدة. يضيف فوستر قائلا: "تتيح لنا هذه السياسة زيادة الفرص بشكل أفضل وانتهاز الفرص التي نعتقد أنها مثيرة للاهتمام، وربما في وقت أقصر قليلا مما تستغرقه الطريقة التي تتبعها معظم الشركات الأخرى".
غير أن هذه الممارسات لا تقتصر على قطاع التكنولوجيا. فقبل أن يصبح رئيسا تنفيذيا لشركة برجر كينج في 2013، عمل دانيال شوارتز في مطاعمها، حيث كان يشوي لحم البرجر ويتعلم أيضا كيفية أداء الأدوار الأخرى في العمل.
من جانبها قامت شركة جون لويس في المملكة المتحدة، التي تعتمد على مبدأ الشراكة في البيع بالتجزئة، بالعمل من خلال مبادرتها الخاصة المسماة هيلبينج هاندز (الأيادي المساعدة) منذ 2006 التي تتركز في المقام الأول حول موظفي المكتب الرئيس. يقول بين فاريل، مدير تخطيط العمليات والتسليم، إن الشركة المملوكة من قبل العاملين "تتمتع بروح: جميعنا نشترك فيها سوية".
خلال العقد الأول من هذا البرنامج، طلب من الموظفين المساعدة في المتجر في كافة متاجر جون لويس ومحال ويتروز للسوبر ماركت في الفترة التي تسبق أعياد الميلاد. ثم تم تعديل المخطط بعد ذلك مع تغير طبيعة قطاع البيع بالتجزئة والتحول إلى البيع على الإنترنت. الآن بإمكان الموظفين أيضا التسجيل للمساعدة في مستودعاتها ومراكز الاتصال والتوصيل إلى المنازل لبضعة أيام خلال الفترات النشطة. "هذا هو العمل كما يتم أمامهم تماما".
يشارك المتطوعون في هذا البرنامج إضافة إلى مسؤولياتهم المعتادة. يقول فاريل: "إن الناس ملتزمون حقا بذلك بشكل ملحوظ. أعرف كثيرا من الأشخاص الذين يستيقظون في الساعة الرابعة صباحا للوصول إلى هناك للمناوبة (في المستودع) من الساعة السادسة صباحا حتى الثانية بعد الظهر، وبعد ذلك يذهبون لأداء مهامهم اليومية". تحرص الشركة على وضع الموظفين في المواقع القريبة منهم إذا أمكن ذلك، لتجنب تكبد تكاليف إضافية.
أثناء قيادته للاستجابة خلال الجائحة، أثرت التجارب التي مر بها فاريل في المساعدة في عمليات التسليم على منهجه تجاه سلامة الموظفين والعملاء. قال: "كل هذه التفاصيل التي تحصل عليها من أداء كل هذه المهام تساعدك حقا على اتخاذ قرارات أفضل".