تساؤلات تواجه "سوني" بعد انخفاض عدد مشتركي "نتفليكس"
في بداية 2022، بدا أن شركة سوني آخذة في الخروج من سنوات الوباء الداخلي بصفتها شركة الترفيه المتكاملة التي طالما حلمت بأن تكون عليها، والفائزة الواضحة في علاقة العالم الجديدة مع المحتوى، والمهيمنة على نموذج الشركات التي لا تعمل بالبث المباشر في عصر منصة نتفليكس.
اغتنمت سوق طوكيو، التي اعتادت منذ فترة طويلة على تعتيم السرد، الوضوح غير المألوف لقصة شركة سوني. ففي الخامس من كانون الثاني (يناير)، وصلت الأسهم إلى أعلى مستوياتها في 22 عاما فيما يعد شهادة على أندر الظواهر، مجموعة متنوعة برهانات استراتيجية متعددة يبدو أن جميعها تؤتي ثمارها في الوقت نفسه، مع القناعة بشكل أساس أن هذه المتعة ستستمر إلى أجل غير مسمى.
بدأت الشكوك - وتراجع الأسهم 35 في المائة - في السادس من كانون الثاني (يناير)، مدفوعة بمخاوف من أن نقص الرقائق كان يضر بأعمال وحدة التحكم الخاصة بها، وأن موارد شركة مايكروسوفت الوفيرة ستجعلها منافسة هائلة أكثر مما كانت عليه في الجولات السابقة من صراع إكسبوكس ضد بلاي ستيشن. لكن عندما أذهلت شركة نتفليكس عالم الاستثمار في نيسان (أبريل) بخسارة ربع سنوية صافية لأعداد المشتركين وتوقع حدوث انكماش أعمق، تبخرت أي ضمانات متبقية. الجميع يحب القوة الهائلة التي لا يمكن إيقافها مع مناعة ضد أزمة تكلفة المعيشة، لكن تبدو شركة نتفليكس الآن بشكل مقلق أنها ليست أيا من الأمرين. السؤال الكبير الموجه لشركة سوني - البارزة الآن باعتبارها شركة مجموعة الترفيه الكامل في العالم - هو ما إذا كان ذلك يجعلها أقوى أم أضعف.
من السهل رؤية سبب شعور المستثمرين بالحماس تجاه شركة سوني في أوائل كانون الثاني (يناير). لقد أنفق قسمها للألعاب، الذي تتصدره وحدة التحكم الرئيسة الخاصة بها بلاي ستيشن 5، بسخاء على عمليات الاستحواذ التكتيكية على الاستوديوهات الصغيرة - بعضها لتعزيز الكتالوج المربح لألعاب وحدة التحكم بلاي ستيشن 5، وبعض آخر لتحصين الشركة من أجل المنافسة المكثفة في ألعاب الهاتف المحمول والحاسوب الشخصي. وفي الموسيقى، بدت عقود استحواذ شركة سوني وبناء الكتالوجات متوافقة تماما مع الأوقات الحالية، خاصة إذا تم السماح للفنانين بالأداء بشكل مباشر مرة أخرى. وفي الأفلام، كان فيلم "سبايدرمان نو واي هوم" في أسبوعه الثالث من العرض عندما جعله شباك التذاكر العالمي الخاص به، البالغ 1.8 مليار دولار، الفيلم الأعلى ربحا لـ2021 وسادس أعلى فيلم ربحا على الإطلاق.
وبشكل أساس، في كل من أعمالها في التلفزيون والأفلام، بدا أن شركة سوني اتخذت القرار الصحيح بشأن حروب البث المباشر. كانت شركات نتفليكس وديزني وإتش بي أوه وهولو وأبيل وأمازون تتنافس مع بعضها بعضا كموزعة ومنشئة محتوى. لكن نموذج "تاجر الأسلحة" الذي تتبعه شركة سوني كان يعني تجنب أن تصبح بنفسها شركة بث مباشر، بل العمل على بيع أفلامها وعروضها. بدا هذا ذكيا طالما كانت تنتج أعمالا رائعة "ذا بلاك لست وبتر كول سول" وأن المتقاتلين على استعداد لضخ مزيد من الأموال في سعيهم للسيطرة للهيمنة.
لكن انخفاض عدد مشتركي منصة نتفليكس الكبير قد يتطلب إعادة تفكير جوهرية، يقول محللون إن الشركة ستواجه احتمال تشبع السوق في وقت أبكر من المتوقع، وستعمل تغييرات ما بعد الجائحة في مصلحة منافسيها.
تكمن قوة شركة نتفليكس في ضخ كميات هائلة من المحتوى ذي الاهتمامات المتخصصة إلى حد ما على منصتها لإرضاء مجموعة واسعة من الأذواق. وكانت المسلسلات الضخمة الرائجة من منصتي إتش بي أوه وديزني وغيرهما بمنزلة نقاط جذب كبيرة لهذه الخدمات، لكن أقل من حيث العدد ولذلك تعد تهديدا أصغر لتدفق محتوى شركة نتفليكس الأوسع. في الوقت ذاته، شجع نجاح شركة نتفليكس مزيدا من مزودي المحتوى على إنشاء خدمات البث الخاصة بهم، ما أدى إلى حرمان المنصة من المحتوى الخارجي، وبشكل إجمالي التغلب على منصة نتفليكس في نطاق عروضها. سيصبح هذا النطاق أكبر الآن بعد أن انتهت قيود الإنتاج في حقبة كوفيد.
بالنسبة إلى المؤمنين باستراتيجية شركة سوني، فإن ما حدث في نتفليكس مشجع. إذا كنا بالفعل ندخل مرحلة تبدأ فيها الأسر التي تحسب التكاليف في ترشيد خدمات البث الخاصة بها، فإن مزودي المحتوى الكبار غير المرتبطين، مثل شركة سوني، سيكون لهم أهمية أكبر. يقول أتول جويال، محلل في بنك جيفريز، إن صناعة الموسيقى هي النموذج هنا: كانت شركات سوني وورنر ويونيفرسال ميوزيك دائما أكثر قيمة من شركة سبوتيفاي، وينبغي أن يوضح ما حدث في نتفليكس للمستثمرين أن المحتوى أكثر قيمة من المنصة.
لكن آخرين يختلفون مع هذا الرأي. حيث يمكن أن تؤدي توقعات نتفليكس لتقلص عدد المشتركين إلى ترسيخ معايير سوق بث الفيديو الإجمالي في مكانها الحالي، ما يوجد معركة أشرس بكثير للحصول على حصة في السوق، وربما مجالا للاندماج. إذا قلص مساهمو نتفليكس ميزانيتها لشراء وتمويل العروض، ما يضغط على مزودي المحتوى، فقد يؤدي ذلك إلى رياح معاكسة لنموذج شركة سوني.
لكن حدوث ذلك يعد أقل احتمالا إذا ظلت اللعبة غير مرحبة بجميع الوافدين. قبل بدء الاندماج، تعد الطاقة الزائدة مشكلة أساسية لخدمات البث: بوصفها شركة رئيسة لإنتاج الأفلام والتلفزيونات، فإن نموذج تاجر الأسلحة الذي تتبعه شركة سوني ينجح بشكل جيد جدا. لكن بمجرد بدء الاندماج، ستنتقل القوة بشكل حاسم إلى الفائزين وستصبح سوني الجهة التي تتقبل الأسعار التي تأتيها من الآخرين.