العملات المشفرة .. الأيام العجاف آتية لا محالة

العملات المشفرة .. الأيام العجاف آتية لا محالة

من الواضح أن منظمي مؤتمر كريبتو باهاماز لم ينتبهوا للمفارقة التي حدثت بسبب توافد المشاركين إلى مؤتمر العملات المشفرة الأسبوع الماضي عبر أحد المنتجعات.
لكنك إذا ما استدرت متجاوزا الثريات الزجاجية الزرقاء في منتجع باها مار في ناساو، وتوجهت إلى نهاية المتنزه الأصفر الباهي المؤدي إلى مركز المؤتمرات، ستجد مجموعة من أقطاب العملات المشفرة غير آبهين بالمنتقدين الساخرين الذين يرون في صناعتهم شبيها بالقمار.
خلال الاجتماع على شاطئ البحر، كانت الثقة بالعملات المشفرة واضحة للعيان. كان مفاد الرسالة التي بعث هذا الحدث هي أنه لا يمكن إيقاف التغيير الذي أحدثته العملات المشفرة في القطاع المالي، لذا فقد حان الوقت للانضمام إلى هذا البرنامج. "هذا التغيير حاصل، أعجبك أم لم يعجبك"، كما قال أنتوني سكاراموتشي، مدير الاتصالات في البيت الأبيض لفترة وجيزة في الأيام الأولى من إدارة ترمب، الذي شاركت شركته، سالت لتنظيم المناسبات، بورصة إف تي إكس في استضافة المؤتمر.
عدد النجوم الهائل الذين تمكنت الشركتان من تقديمه على خشبة المسرح يعد شهادة على القبول المتزايد للعملات المشفرة. جلس سام بانكمان فرايد، مؤسس بورصة إف تي إكس إلى جانب غيزيل بوندشين، عارضة الأزياء التي سيظهر معها في حملة إعلانية لمجلة فوغ. فيما انضم لاعب كرة القدم الأمريكية، توم برادي، وهو زوج بوندشين، إلى ملياردير العملات المشفرة البالغ من العمر 30 عاما في جلسة كان عنوانها "الفوز".
في تلك الليلة، في جناح فخم طليت جدرانه باللون الأبيض، استضاف بانكمان فرايد وسكاراموتشي زملاءهم من كبار متداولي العملات المشفرة في مأدبة عشاء خاصة على ضوء الشموع، وانضمت إليهم كذلك نجمة البوب كاتي بيري والممثل أورلاندو بلوم.
وفي اليوم التالي، صعد بانكمان فرايد على خشبة المسرح مرة أخرى، لكن هذه المرة مع الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون وتوني بلير، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق أيضا. استمع الجمهور - الذي ضم مطورا للتمويل اللامركزي يبلغ من العمر 14 عاما وممثلين عن البنوك الاستثمارية في وول ستريت وصناديق التقاعد العامة - إلى خطابات متكررة مفادها أن المنظمين بحاجة إلى مواكبة العملات المشفرة، وأن الدول التي تفشل في رؤية المستقبل ستشهد هروب ابتكارات الأصول الرقمية منها إلى مكان آخر.
بالتأكيد، تلقى هؤلاء المتجولون وهمهم الوحيد هو العملات المشفرة، ترحيبا حارا في أماكن أخرى مثل جزر الباهاما. كان عدد من ضباط شرطة جزر ألبهاما، بزيهم الأبيض الناصع غير المتناسق مع قراصنة الإنترنت الذين يرتدون النعال، يراقبون وجود وفد حكومي ضم رئيس الوزراء الذي افتتح هذه المناسبة.
قال أحد رواد الأعمال ذوي الخبرة من جزر ألبهاما، "لقد كنا حينها نشبه القراصنة الذين عاشوا في الماضي. كنا دائما نعيش اللحظة".
لكن التبجح الذي حصل في هذه المناسبة سرعان ما تحول إلى أمر مبالغ فيه. فقد انضم الملياردير الألماني كريستيان أنغيرماير إلى مقابلة أجراها سكاراموتشي بعنوان "تحفيز الوعي حول العملات المشفرة"، تحولت إلى مناقشة تدور حول كيف يمكن أن يستخدم الناس العقارات المضادة للهلوسة كي يتوقفوا عن القلق ويبدأوا بحب العملات المشفرة. "كان قد تم حجز المغني ليام باين من فرقة وان دايريكشن لإجراء المقابلة مع أنغيرماير، لكنه اعتذر عن الحضور صباح يوم المقابلة".
كثير من زوار جزر ألبهاما الذين كانوا يرقصون على أنغام موسيقى دي جيه ستيف أوكي حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي في المنتجع، وجدوا أنفسهم في حالة من الإعياء بعد نوبة تداول العملات المشفرة والمضاربة فيها العام الماضي.
انخفض إجمالي القيمة السوقية للعملات المشفرة مرة أخرى 5 في المائة خلال أحداث هذا الاحتشاد الذي استمر أربعة أيام، لتسجل بذلك انخفاضا بلغ 40 في المائة من أعلى مستوياتها في الخريف الماضي.
في أحاديثهم الخاصة التي كانت تدور في أطراف البساتين المحاطة بأشجار النخيل، حيث كانت مكبرات الصوت تصدح بأغنية "سيليبريشن" لفرقة كول آند ذا جانغ، اعترف المشاركون بأن أياما عجافا تنتظر الصناعة. توقع أحد المسؤولين التنفيذيين أن الأغلبية العظمى من مشاريع العملات المشفرة الحالية ستضرب بعرض الحائط. فقد تراءت لكثير من هؤلاء الضيوف الكبار في العمر ـ بما يكفي ـ ذكرى أصداء طفرة الدوت كوم.
قال أحد شركاء رأس المال المغامر، "ستأتي فترة من التغيير الجذري"، مشيرا إلى أن معظم المشاريع التي جمعت الأموال في العامين الماضيين، في كثير من الأحيان بتقييمات سخية للغاية، قد استحوذت على رؤوس أموال كافية لدعم نفسها لمدة تراوح بين 18 و24 شهرا. وستحتاج قريبا إلى البحث عن تمويل جديد في بيئة أكثر صعوبة، خاصة إذا فشلت في تحقيق طموحاتها. حتى إن سكاراموتشي اعترف بأن الأسواق كانت تتجه نحو "فترة فوضوية".
قال، "الجميع يعدون مستثمرين طويلي الأجل إلى أن يتكبدوا خسائر قصيرة الأجل". لكن المؤمنين بالعملات المشفرة مقتنعون بأن أكثر المشاريع ديمومة ستنجو، مثلما حدث بعد انهيار الدوت كوم.
مع ذلك، إذا كانت التنبؤات بالانكماش صحيحة، فإن الاضطراب سيكون اختبارا للمؤمنين الحقيقيين بالعملات المشفرة. فالرهان الذي يخوضونه يستند إلى أن الحماس للأصول الرقمية سيسمح لها بالنجاة من أي ركود أو فترة طويلة من التداول الباهت في السوق.
وفي حين كانت الوفود تمر بجوار طاولات البلاك جاك في طريقها إلى حيث تدور فعاليات المؤتمر، دخل ملايين الأشخاص إلى عالم العملات المشفرة من خلال المنتجع أيضا، وذلك خلال الـ18 شهرا الماضية من هوس التداول الناجم عن الجائحة. لكن السؤال الآن: إذا تفاقمت الخسائر، هل يستمر المقامرون في اللعب؟

الأكثر قراءة