«نتفليكس» بعد طفرة النمو
تعد شركة نتفليكس Netflix إحدى كبريات الشركات لخدمات البث المرئي "الفيديو" في العالم، وقضت تقنيتها على الصناعة التقليدية لخدمات تأجير الأفلام وألعاب الفيديو المنزلية وزعزعت شركات وأخرجتها من السوق، مثل شركة بلوك باستر Blockbuster في عام 2014 نهائيا. وبدأت الشركة كمشغل خدمة دي في دي بالبريد DVD-by-mail ثم دخلت مجال البث المباشر عام 2007. ومنذ ذلك الحين، توالت قصص النجاح وفازت بأعضاء جدد بأعداد كبيرة ونسب عالية، ثم توسعت الشركة في البرمجة الأصلية والأسواق الدولية والميزات الجديدة، مثل تنزيل محتوى الهاتف المحمول للعرض دون اتصال بالإنترنت. وكانت "نتفليكس" في قمة بث الفيديوهات بلا منازع، فقد ساعدت مكتبتها المتنامية من الأفلام والعروض على كسب وجذب أكثر من 200 مليون مشترك في جميع أنحاء العالم. لكن دخلت شركات عريقة مثل أبل وأمازون وغيرهما في السباق، ما أدى إلى إيجاد متنافسين في صناعة بث فيديوهات وأفلام في العالم. أخذت "نتفليكس" في التطور خلال العقد الماضي لكنها وصلت إلى التعثر والتوقف عن النمو بعد أعوام من إنشائها. لقد عانت "نتفليكس" أول انخفاض في عدد المشتركين لديها في الربع الأول من عام 2022، وتنفس منافسوها الصعداء، وهم يرون أمامهم صاحب المركز الأول متعثرا، حيث تشير التقارير التحليلية إلى أن الشركة أغلقت الربع الأول من عام 2022 مع 221.64 مشتركا نشطا فقط، أي: 200 ألف مشترك أقل مما كانت عليه في الربع الرابع من عام 2021، وتوقعت الشركة أيضا خسارة مليوني عضو آخرين بحلول الربع الثاني من عام 2022. وتراجعت أسهم "نتفليكس" بنسبة 35 في المائة تبعا لذلك وأدى هذا الانخفاض إلى فقد 50 مليار دولار تقريبا من القيمة السوقية للشركة، ما أثار مخاوف من أنها ستكافح لعكس الاتجاه أو تصارع من أجل البقاء مستقبلا، كما حصل مع شركة بلوك باستر قبل عشرة أعوام، ورغم أن شركة نتفليكس لا تزال تهيمن على صناعة بث الفيديوهات والأفلام حاليا، إلا أنها تفقد المشتركين لأنها لم تبتكر أفكارا وطرقا جديدة للحفاظ على عملائها والوصول إلى عملاء جدد وبالتالي توسيع مساحة التسويق لديها.
وترجع أسباب فقد المشتركين وتناقصهم إلى زيادات أسعارها التي أدت إلى خسارة أعداد كبيرة من مشتركيها في أمريكا الشمالية لأن أغلب عملاء "نتفليكس" من ذوي الدخل المحدود، وبالطبع سيسعون إلى تقليص مصروفاتهم. وخرج بيان لاحق من الشركة يلقي باللوم في مشكلاتها على مشاركة الحساب، حيث يتشارك عدة أشخاص أو كيانات في حساب واحد، وتعد ممارسة منتشرة في العالم. لكن "نتفليكس" تقدر أن هذه الممارسة ستؤثر فيما يقرب من نصف قاعدة عملائها حول العالم، وبحثت في سبل استمرار هذه الحسابات أو حرمانها من العضوية لكن ستفقد الشركة من الإيرادات. وعليه تدرس الشركة طرقا مبتكرة لاستثمار هؤلاء المشاركين في الحساب وسبل إشراكهم في منظومة الإيرادات. وعلى أي حال، يعد انخفاض الاشتراكات خبرا سيئا للشركة، لأن نمو المشتركين أمر بالغ الأهمية لنموذج أعمالها. ولطالما روجت "نتفليكس" لنموها السريع كنقطة بيع رئيسة للمستثمرين والشركاء المحتملين، لكن مع ذلك ربما تضطر الآن إلى التفكير في تقليص استثماراتها الضخمة في هذا المجال بعد أن انتهت طفرة النمو والصعود، خصوصا أن مصير "بلوك باستر" البائس لا يزال عالقا في أذهان "نتفليكس".