قروض إيلون ماسك تكشف مدى تحيز التمويل الأمريكي
من السهل معرفة سبب موافقة البنوك على منح إيلون ماسك قروضا بقيمة 25.5 مليار دولار لتمويل عرضه للاستحواذ على "تويتر"، على أن اعتبار هذا الأمر مسألة تجارية. فمع امتلاكه مئات المليارات من الدولارات في الأسهم وربما بعض العملات المشفرة، مثل عملة دوج كوين، فإن مؤسس تسلا يعد زميلا جديرا بالائتمان. وبصفته رائد أعمال متسلسل، فهو سيدفع أيضا رسوما كبيرة مقابل الخدمات المالية في الأعوام المقبلة.
مع ذلك، هناك أمر يثير القلق بشأن ما حدث للتو. السجادة الحمراء التي تم فرشها لماسك في "وول ستريت" تتناقض مع العوائق التي تواجه رواد الأعمال الذين يتمتعون بموارد متواضعة، عند سعيهم للحصول على قروض مصرفية، وتشير كذلك إلى الفجوة المتنامية بين من يتمتعون بأهلية ائتمانية ومن لا يتمتعون بها في مجتمع الأعمال الأمريكي.
إن البنوك بطبيعة الحال ليست منظمات رعاية مجتمعية. لكنها ابتعدت بثبات عن إقراض الأعمال التجارية التقليدية في الأعوام الأخيرة بعدما غير اندماج الشركات شكل المصارف الأمريكية. فبينما انخفض عدد المقرضين المجتمعيين الأصغر وضعت مجموعة من البنوك الكبيرة ميزانيات بتريليونات الدولارات. اقتصادات الحجم أصبحت صعبة المنال بالنسبة للصناعة، وبدأ الصغار في عالم الأعمال يتيهون في تلك المراوغة.
"لقد انتقلنا من الشركات الأكبر من أن تفشل إلى الأكبر من أن تهتم"، كما تقول بيث بافورد نائبة الرئيس للاستراتيجية في كالفيرت إمباكت كابيتال، وهي مجموعة غير ربحية تعمل مع مقرضين من القطاع الخاص والحكومات المحلية لتطوير آليات سوق من شأنها جعل الائتمان متاحا، وأقل تكلفة للشركات الصغيرة، لا سيما في مجتمعات الأقليات.
تقول: "يوما بعد يوم، نرى أصحاب الأعمال الصغيرة مجرد أبطال. فهم يقدمون كل ما في وسعهم في سبيل أعمالهم وموظفيهم، وكل ما يطالبون به هو أن يحصلوا على فرصة عادلة، وأن يصلوا فقط إلى الأدوات نفسها التي يستطيع إيلون ماسك الوصول إليها. لكنها في كثير من الأحيان لا تكون متاحة. هذا المثال يشير إلى النظام المالي الذي تم إعداده من أجل خدمة عدد قليل جدا من الأشخاص بشكل جيد، وذلك كله مدفوع بالحجم.
لقد كانت التغييرات في ممارسات الإقراض واضحة بصورة خاصة في الأعوام التي أعقبت الأزمة المالية. فقد زاد الإقراض المصرفي للشركات الأكبر، لكن ليس للشركات الصغيرة، وفقا لإحصاءات جمعها ريبل كول، الاقتصادي السابق في مجلس الاحتياطي الفيدرالي الذي يعمل الآن أستاذا للتمويل في جامعة فلوريدا أتلانتيك. بحسب الإحصائيات ارتفع إجمالي رصيد القروض التجارية التي تزيد على مليون دولار في البنوك الأمريكية من 1.44 تريليون دولار عام 2010 إلى 2.75 تريليون دولار عام 2019 (كان ذلك في العام الماضي قبل أن تختل البيانات بسبب الجائحة). على النقيض من ذلك، انخفض إجمالي القروض التي تقل عن مليون دولار من 652 مليار دولار إلى 645 مليار دولار.
الشركات التي تسعى للحصول على قروض صغيرة هي الأشد تضررا. يقول كول إن التكلفة الثابتة لإنشاء قرض تجاري في الولايات المتحدة يمكن أن تراوح بين عشرة آلاف و15 ألف دولار، ما يجعل القروض التي تقل عن 100 ألف دولار أو حتى 200 ألف دولار غير مجدية لعديد من البنوك. هذه النتيجة تعني أن رواد الأعمال الصغار غالبا ما يضطرون إلى اللجوء لمصادر تمويل عالية التكلفة تراوح من بطاقات الائتمان إلى المنتجات المعروفة باسم السلف النقدية للتجار، التي تنطوي على معدلات فوائد سنوية تصل في بعض الأحيان إلى ثلاث خانات، كما تقول مصادر الصناعة.
على النقيض من ذلك، يمكن للأثرياء أن يعيشوا فعلا على القروض البنكية، من خلال الاقتراض مقابل حيازاتهم الأسهم حتى يتجنبوا الإعلان عن دخلهم وإخضاع أنفسهم للضرائب نفسها التي يدفعها الشعب الذي يتقاضى رواتب شهرية. الشروط التي يخضعون لها أيضا جذابة، أوردت "فاينانشيال تايمز" العام الماضي أن أذرع إدارة الثروات للبنوك الأمريكية الكبرى كانت تقدم قروضا لمدة عامين مقابل الأصول السائلة، مثل الأسهم، بسعر فائدة يبلغ نحو 1.4 في المائة.
يستفيد ماسك من حيازاته الأسهم كي تساعده على تمويل شراء منصة تويتر مقابل 44 مليار دولار. فنحو نصف ديونه البالغة 25.5 مليار دولار الخاصة بالصفقة "12.5 مليار دولار" تم تأمينها من أسهم تسلا. وفي التصور الشائع لدى كثيرين، تعد قروض الهامش التي من هذا النوع محفوفة بالمخاطر، إذ يمكن للأسهم أن تنخفض كما يمكنها أن ترتفع أيضا. لكن البنوك اليوم راضية عن الإقراض مقابل مثل هذه الأصول. يقول كول: "الأسهم تعادل النقد". أضاف: "ما الشيء الأسهل من الأسهم الذي يمكن تحويله إلى نقد؟.
السؤال هو كم عدد تلك القروض ذات الهوامش الكبيرة التي تعد أكثر بكثير مما تقتضيه مصلحتنا. إن إبقاء ماسك سعيدا يصرف الانتباه والنقود عن الاحتياجات الأخرى. ربما كان المصرفيون الذين يتعثرون من تلقاء أنفسهم لجمع التمويل لصفقة "تويتر" مشغولين جدا عن دعم سلاسل توريد جديدة، أو الوفاء بوعودهم بمساعدة المجتمعات العرقية المتنوعة.
ربما حان الوقت كي يشجع صانعو السياسة المقرضين الأمريكيين على توسيع آفاقهم. لكنني أشعر بالتردد إزاء توجيه ملاحظة متفائلة في هذه البيئة السياسية الحالية، غير أني أراهن على أن هناك أشخاصا، من اليسار واليمين، يرغبون في أن يكون الائتمان متاحا على نطاق أوسع للمقترضين المؤهلين.
اسأل نفسك: هل تخدم المصلحة الوطنية بشكل أفضل عن طريق مساعدة إيلون ماسك على أن يصبح أكثر ثراء، أم عن طريق العثور على إيلون ماسك جديد؟ لا تتردد في أن تغرد برأيك.