حان الوقت لنعيد تعلم دروس التضخم المؤلمة في السبعينيات

حان الوقت لنعيد تعلم دروس التضخم المؤلمة في السبعينيات

على مدار العام الماضي، شاهد السياسيون وصناع السياسة التضخم المتزايد على جانبي المحيط الأطلسي بقلق متزايد. قالوا إن الزيادة السريعة في الأسعار هي النتيجة الحتمية للجائحة، قبل أن يضيفوا أن الوضع، على الأقل، لا يشبه التضخم الكارثي في السبعينيات.
ينبغي أن يلقوا نظرة أقرب على الأدلة. سجل تضخم أسعار السلع الاستهلاكية في آذار (مارس) أعلى مستوى له في 40 عاما عند 8.5 في المائة في الولايات المتحدة هذا الأسبوع وأعلى مستوى في 30 عاما عند 7 في المائة في المملكة المتحدة. هذا له سببان رئيسان، ويحمل كثيرا من أوجه الشبه مع الصدمة النفطية الأولى في أواخر 1973، عندما فرضت دول منظمة أوبك حظرا نفطيا على الدول التي دعمت إسرائيل في حرب تشرين الأول (أكتوبر).
في ذلك الوقت، كما هو الآن، كانت أسواق العمل في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تظهر علامات على زيادة الطلب. انخفض معدل البطالة في أمريكا إلى 3.6 في المائة في آذار (مارس)، أعلى بعشر نقاط مئوية فقط من أدنى معدل له منذ أكثر من 50 عاما، ما سمح للموظفين برفع الأجور إلى زيادة سنوية 5.6 في المائة. في المملكة المتحدة، أظهرت أحدث أرقام سوق العمل هذا الأسبوع معدل بطالة 3.8 في المائة، وهو أدنى مستوى منذ 1973، وهو رقم قياسي لعدد الوظائف الشاغرة. ارتفع إجمالي الأجور السنوية 5.4 في المائة.
صدمة الإمداد العالمية أدت إلى مضاعفة الطلب المحلي في أسواق العمل، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الوقود والطاقة. في منتصف السبعينيات، كان السبب وجود تكتل قوي للدول المنتجة للنفط يسعى إلى معاقبة الغرب. هذه المرة، توجه أصابع الاتهام إلى سلاسل الإمداد الممتدة الناتجة عن الآثار الدائمة للجائحة إلى جانب رغبة واسعة النطاق للحد من مشتريات الغاز من روسيا.
إضافة إلى هذه القيود العالمية على العرض هناك علامات على وجود مخلفات محلية دائمة من كوفيد في سوق العمل، قلصت من أعداد الأشخاص الراغبين والمستعدين للعمل في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
بالتالي، فإن التضخم في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة هو ظاهرة تضخم ناتج عن الطلب ودفع التكلفة، تماما كما كان الأمر في السبعينيات، ما يتطلب منا جميعا إعادة تعلم الدروس المستفادة من ذلك العقد.
الدرس الأول، الذي كان تجربة مؤلمة للرئيس جو بايدن، هو أنه قد تكون هناك عواقب اقتصادية وسياسية سيئة لإدارة اقتصاد يتعرض لضغط شديد. كما كان يعتقد أن تحفيز الطلب هو سياسة ذات سلبيات قليلة لأنه سيزيد من فرص العمل، ويعيد إشراك المهمشين في سوق العمل ويرفع الأجور الحقيقية.
لكننا توصلنا إلى التعلم مرة أخرى أن التحفيز المالي والنقدي المفرط إلى جانب التوظيف سريع النمو والأجور الاسمية لا يجعل الأمريكيين من الطبقة الوسطى أفضل حالا في المجمل إذا ارتفعت الأسعار بشكل أسرع من المداخيل. الأسوأ من ذلك، أن الأشخاص الأفقر لن يمنحوك أي تقدير لمساعدة الآخرين في العمل إذا استمرت معاناتهم بالتصاعد. على الرغم من سوق العمل القوية للغاية في المملكة المتحدة، إلا أن الدخل الحقيقي المتاح للأسر في طريقه هذا العام إلى معاناة أكبر انخفاض له منذ أن بدأت مقارنة السجلات في 1956.
تم التأكيد على الدرس الثاني من قبل أحد الآباء المؤسسين للعملة الأوروبية الموحدة هذا الأسبوع. خلال انتقاده للبنك المركزي الأوروبي كونه بطيئا للغاية في زيادة أسعار الفائدة، أشار أوتمار إيسينج إلى أن البنك المركزي الألماني كان الأكثر نجاحا إلى حد بعيد في السبعينيات عندما تصرف بشكل حاسم لخفض التضخم وعانت ألمانيا الغربية تراجعا طفيفا فقط. قال، "انتظر الاحتياطي الفيدرالي لوقت طويل جدا"، ما أدى إلى "معدل تضخم مكون من خانتين وركود عميق للغاية". ارتكبت سلطات المملكة المتحدة أخطاء أكبر
بالنظر إلى التاريخ والظروف الحالية للطلب الزائد، من الواضح أن الاحتياطي الفيدرالي وبنك إنجلترا بحاجة إلى تشديد السياسة النقدية بشكل كبير، وإزالة كثير من الحوافز الموجودة حاليا. تمثل الجزء الصعب، كما أشار إيسينج نفسه، في معرفة مقدار الإزالة ومدى سرعة القيام بذلك.
سيؤدي عنصر صدمة الإمدادات العالمية المتمثلة في ارتفاع أسعار الطاقة، والوقود والغذاء بطبيعة الحال إلى انخفاض الطلب المحلي، وأكبر في الدول، مثل المملكة المتحدة، التي تعد مستوردة صافية لهذه المنتجات.
مع الأسف، هذا يقودنا إلى الدرس الثالث والأخير من السبعينيات. إن معايرة السياسة بنجاح كما فعل البنك المركزي الألماني في ذلك الوقت أمر صعب للغاية وسيتطلب كثيرا من الحظ وحسن التقدير للوضع.
إن خطر حدوث ركود اقتصادي على جانبي المحيط الأطلسي مرتفع جدا الآن. ربما يكون قد فات الأوان بالفعل الآن، فقد خرج جني التضخم من الزجاجة بينما تحتاج السياسة النقدية لإيجاد ركود لإخراجه من النظام. بدلا من ذلك، سيكون صناع السياسات حذرين وبطيئين للغاية ويسمحون للتضخم بالاستمرار والاندماج في الاقتصاد مع العواقب النهائية نفسها.
الطريق الذي نرغب فيه جميعا ضيق ويقع بين هذه الكوارث الاقتصادية. من الممكن أن نقضي على التضخم المرتفع دون حدوث انكماش اقتصادي عميق، لكن الاحتمالات بشأن هذه النتيجة الإيجابية أصبحت الآن متدنية بالفعل.

الأكثر قراءة