الفرنسيون يقترعون في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية

الفرنسيون يقترعون في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية

يصوت الناخبون الفرنسيون الأحد في الدورة الأولى من انتخابات رئاسية يطغى عليها انعدام اليقين، مع ترقب مبارزة في الدورة الثانية في 24 ابريل بين الرئيس المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن التي لم تكن يوما أقرب إلى الفوز.
ودعي نحو 48,7 مليون فرنسي إلى مراكز الاقتراع للاختيار بين 12 مرشحا في الدورة الأولى في نهاية حملة خارجة عن المألوف طغى عليها وباء كوفيد-19 أولا ثم الحرب في أوكرانيا التي هيمنت على جزء من النقاشات.
وتصدر التقديرات الأولى قرابة الساعة 18,00 ت غ بعد إغلاق مراكز الاقتراع الأخيرة.
ووسط توقعات بنسبة مقاطعة مرتفعة، ترجح استطلاعات الرأي أن يأتي ماكرون في الطليعة متقدما على مارين لوبن كما في انتخابات 2017، بينما يحل مرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون في المركز الثالث.
غير أن كل الاحتمالات تبقى مطروحة مع توقع نسبة امتناع عن التصويت مرتفعة يخشى العديد من خبراء السياسة أن تتجاوز الرقم القياسي الذي سجل في 21 نيسان/أبريل 2002 (28,4 بالمئة) وهو الأعلى في دورة أولى من الانتخابات الرئاسية وأكبر بكثير من النسبة المسجلة في 2017 (22,2 بالمئة).
وبلغت نسبة المشاركة 65 بالمئة حتى الساعة 15,00 بتوقيت غرينتش، بتراجع قدره 4,4 نقاط مقارنة بانتخابات 2017 (69,42 بالمئة)، بحسب الأرقام التي اصدرتها وزارة الداخلية.
في المقابل، فإن هذا الإقبال يزيد 6,5 نقاط عن ذلك الذي سُجل عام 2002 (58,45 بالمئة)، عندما بلغ الامتناع عن التصويت في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية نسبة غير مسبوقة.
وافادت تقديرات أولية ان نسبة الامتناع النهائية تقدر بين 24 و26,5 في المئة.
وفي بلدة بانتان في ضواحي باريس، تقول بلاندين لو او (32 عامًا) أنها لن تصوّت، موضحةً "إنها المرة الأولى في حياتي ... لكنني أكرههم جميعًا. بلغنا مرحلة باتوا يُخيفونني".
وفي مرسيليا في جنوب شرق فرنسا، وصلت كارول جونيك (47 عامًا) التي تعمل في القطاع العام، منذ ساعات الاقتراع الأولى.
وتقول "في فرنسا، نتمتّع بحقّ التصويت، من المهم الحفاظ عليه. طبعًا ليس صوتنا إلّا صوت واحد من بين أصوات أخرى، لكن إذا تحرّك الجميع، قد يغيّر ذلك الأحوال".
ولا يخفي كثيرون أن خيارهم كان صعبًا. ويبدي سيدريك اوديمون الأربعيني أسفه للقيام بـ"التصويت السلبي".
وفي الدورة الثانية، ترجح استطلاعات الرأي فوز إيمانويل ماكرون لكن بفارق ضئيل جدا، على مارين لوبن مما يشير إلى أن فوز مرشحة اليمين المتطرف ممكن وسيشكل إن تحقق سابقة مزدوجة في الجمهورية الخامسة تتمثل بتولي سيدة الرئاسة ووصول اليمين المتطرف إلى السلطة.
وتختتم هذه الدورة الأولى حملة استمرت أشهرا وغابت عنها الرهانات الكبرى وخصوصا تغير المناخ. من جهة أخرى، كانت القوة الشرائية تتصدر هواجس الناخبين لا سيما أن الحرب في أوكرانيا تسببت بتضخم كبير، مما زاد من تآكل القدرات المالية للعديد من الفرنسيين الذين يعيشون في وضع هش.
وتميل الدراسات العديدة إلى إظهار أن لوبن وميلانشون يشهدان منذ أيام مسار تقدم مما يقلص إلى حد كبير الفارق مع إيمانويل ماكرون الذي دخل الحملة متأخرا.
ووراء هؤلاء المرشحين الثلاثة، يبدو الطامحون الآخرون إلى الرئاسة بعيدين عن تحقيق ذلك لا سيما مرشحة اليمين التقليدي فاليري بيكريس والمنافس اليميني المتطرف الآخر إريك زمور.
وفي هذه الأجواء، ركزت مارين لوبن في حملتها منذ البداية على القوة الشرائية كما فعل جان لوك ميلانشون الذي دعا حزبه الناخبين اليساريين إلى التصويت "المفيد" لصالحه بدلا من المرشحين اليساريين الآخرين مثل عالم البيئة يانيك جادو والاشتراكية آن هيدالغو أو الشيوعي فابيان روسيل.
وتقول فرانسواز رينتو (55 عامًا) وهي ناخبة من مارسيليا "من بين الـ12 مرشحًا، اخترت 4 مساء أمس واتخذت قراري هذا الصباح".
وأمام احتمال تحقيق اليمين القومي انتصارا، أعلن بعض المرشحين الموقف الذي سيتبنوه مساء الأحد. فقد أكد فابيان روسيل أنه سيعترض طريق لوبن بينما أعلنت فاليري بيكريس أنها لن تصدر توجيهات لكنها ستقول لمن ستصوت في الدورة الثانية.
وفي محيط الرئيس ماكرون، تعترف مصادر بان رد فعل "الجبهة الجمهورية" الذي استفاد منه عندما انتخب في 2017، لم يعد واضحا. واعترف مستشار في الأغلبية بأن "مجرد قول +الأمر لن يمر+ لن يجدي هذه المرة".
بعد هزيمتها عام 2017، وشعورها بالارتباك لبعض الوقت اثر ظهور إريك زمور في المشهد اليميني المتطرف، تجاوزت مارين لوبن تدريجيا تعثرها واستعادت بريقها إلى حد أنها قدمت نفسها خلال آخر تجمع نظمته الجمعة بأنها تمثل "فرنسا الهادئة" في مواجهة إيمانويل ماكرون "العدواني" و"المضطرب".
وظهرت ابنة اليميني المتطرف جان ماري لوبن صاحب الخطب النارية، ووريثته السياسية على أنها "معتدلة" بفضل خطاب إريك زمور المتشدد ضد الإسلام والهجرة.
في مواجهتها، بدأ ماكرون حملته متأخرا جدا إذ حاول تقديم صورة زعيم تشغله الأزمات الصحية والدولية، وهو أمر خدمه في البداية قبل أن يجعله يبدو منفصلا عن الاهتمامات اليومية للفرنسيين.
وإدراكا منه للخطر، دعا الرئيس المنتهية ولايته منذ بداية نيسان/أبريل إلى "التعبئة" ضد اليمين المتطرف.

الأكثر قراءة