سياسة صفر كوفيد الصينية تهدد بأزمة زراعية ونقص في الغذاء
عمليات الإغلاق الصارمة بسبب كوفيد في الصين تؤدي إلى تفاقم النقص الحاد في الأسمدة والعمالة والبذور، تماما مع استعداد كثير من المقاطعات الزراعية الكبرى في البلد لموسم الزراعة الربيعي الحاسم.
وفقا للبيانات الرسمية، فإن ما يصل إلى ثلث المزارعين في مقاطعات جيلين ولياونينج وهيلونج جيانج الشمالية الشرقية ليس لديهم مدخلات زراعية كافية بعد أن أغلقت السلطات القرى لمكافحة الجائحة. تمثل المقاطعات الثلاث أكثر من 20 في المائة من إنتاج الحبوب في الصين.
يمكن أن يؤدي انخفاض إنتاج الحبوب الصينية المزروعة في الربيع، مثل الأرز أو الذرة، إلى تقويض جهود بكين المستمرة منذ عقود لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الأغذية الأساسية، ما يجبرها إلى زيادة الواردات وربما يزيد تضخم أسعار الغذاء العالمية.
بينما تركز الاهتمام الوطني والعالمي على عمليات الإغلاق في شنغهاي لسكانها بالكامل خلال الأسبوع الماضي، كانت مقاطعة جيلين تكافح تفشي المرض عبر إجراءات أكثر صرامة خلال معظم الشهر الماضي.
وفقا لحكومة مقاطعة جيلين، لم يكن لدى نحو ثلث المزارعين ما يكفي من الأسمدة في نهاية آذار (مارس) - أي قبل نحو ثلاثة أسابيع فقط من بدء الزراعة.
المزارعون ومديرو المصانع يلقون اللوم في هذا الاضطراب على سياسة الصين التي لا هوادة فيها لتحقيق صفر كوفيد، التي بموجبها تبنت السلطات ضوابط صارمة، تتنوع من حظر التنقل إلى إغلاق الأعمال المحلية.
قال مستشار للحكومة المركزية في بكين بشأن السياسات الزراعية إن الصين تخاطر "بمواجهة نقص في الغذاء".
قال المستشار، الذي طلب عدم نشر اسمه، "علينا تعديل سياسة صفر كوفيد من أجل الزراعة. ينبغي ألا نعطي الأولوية للسيطرة على الفيروس فوق كل شيء آخر. لا يمكن الاستمرار هكذا إلى الأبد".
ذكرت حكومة بلدية مدينة جيلين، الواقعة في إقليم جيلين، أن الاستعدادات لموسم الزراعة الربيعي كانت صعبة للغاية. قالت في بيان نشر على موقعها على الإنترنت، "تأخرنا عن الموعد المحدد في إتاحة الأسمدة لكل مزارع".
قال لي تشينجهوا، مزارع يبلغ من العمر 38 عاما ويزرع الأرز على 60 فدانا من الأراضي في مدينة جيلين، إن مخزون الأسمدة لديه كان أقل من المستويات العادية 80 في المائة بعد تأجيل التسليم. قال لي، "سأفوت أفضل وقت لزرع البذور إذا لم تصل طلبيتي الأسبوع المقبل".
لم تجب وزارة الزراعة الصينية على طلب للتعليق.
وفقا لتقديرات المحللين في مصرف نومورا، فإن ما لا يقل عن 23 مدينة صينية يبلغ عدد سكانها مجتمعة أكثر من 190 مليون شخص تفرض حاليا عمليات إغلاق كاملة أو جزئية. كتب محللون، "على عكس ربيع 2020، عندما كان هناك اعتقاد عام بأن كوفيد- 19 سينتهي في الصيف، نحن لا نرى حاليا نهاية في الأفق".
تأتي مشكلات الزراعة الربيعية مع إيقاف الأزمة في أوكرانيا عمليات شحن الذرة، التي تعد علفا مهما للماشية، إلى الصين. أوكرانيا تشحن الذرة إلى الصين منذ 2013، وأصبحت أكبر مورد لها في الخارج بعد ذلك بعامين، وفقا لبيانات من مركز التجارة الدولي.
إن مصانع الأسمدة تعاني. قال مسؤول تنفيذي في شركة جينليدو الرائدة للإنتاج الأسمدة في مقاطعة هيبي، إن شركته تواجه "صعوبة كبيرة" في الشحن للعملاء وتأمين المواد الخام. أضاف المسؤول التنفيذي أن المشكلة عامة على مستوى الصناعة برمتها وأن كثيرا من المنتجين الصغار علقوا عملياتهم.
ترفض كثير من البلدات في مقاطعة جيلين، التي أبلغت عن أكثر من 50 ألف حالة إصابة بكوفيد- 19 منذ آذار (مارس)، السماح بدخول الشاحنات من مناطق أخرى، حتى لو كانت تجلب البذور والأسمدة غير المتوافرة محليا.
ما يضاعف إحباط المزارعين، أن كثيرا من العمال المهاجرين عالقون في المدن بسبب عمليات الإغلاق وغير قادرين على العودة إلى المناطق الريفية للزراعة. كما يطلب من الذين يصلون إلى المزارع قضاء 14 يوما في الحجر الصحي قبل أن يتمكنوا من بدء العمل في الحقول.
قال لي جيجونج، الذي يزرع 80 فدانا من الأراضي في بلدة ليشو في مقاطعة جيلين، "هذا أحد أكثر مواسم الزراعة تحديا التي واجهتها على الإطلاق. نادرا ما أواجه صعوبة كبيرة في شراء المواد الخام وتوظيف العمال".
قالت حكومة مدينة جيلين الأحد إنها أذنت "بالقنوات الخضراء" التي من شأنها أن تسمح للسائقين المحليين بنقل البذور والأسمدة إلى المناطق الأخرى، لكن سائقي الشاحنات الخارجيين لن يسمح لهم بالعودة إلى المدينة بعد تسليم حمولاتهم. أضافت أن التدابير تهدف إلى "الحد قدر الإمكان من تأثير الجائحة في الزراعة الربيعية".
قال جاو فوكاي، سائق من مدينة جيلين، "لن أخاطر بالانفصال عن عائلتي من أجل شحن الأسمدة". أضاف أنه يخشى أن يجبر على "العيش في الشاحنة" إذا لم يسمح له بالعودة إلى المنزل.
توقفت لينيي، مدينة زراعية في مقاطعة شاندونج، عن السماح بدخول الشاحنات من مدن أخرى بعد أن أثبت الفحص إصابة سائق محلي بعد رحلة إلى شنغهاي. في ذلك الوقت، كان لدى ليني 58 إصابة مؤكدة فقط.
نجم عن ذلك نقص في الأسمدة ولم يتم حله بعد. قال وانج تاو، موزع أسمدة في لينيي، "لدينا والحكومة أولويات مختلفة. إنها تهتم فقط بالقضاء على الفيروس، بينما لدينا حياة نعيشها".