انتهاء برامج التخفيف آفة تطارد الشركات في المملكة المتحدة
يقدم مطعم بليدنج هارت الصغير وجبات الغداء للمصرفيين، والمحامين والسكان المحليين في لندن منذ نحو 40 عاما، لكن صاحبة المحل روبين ويلسون، تقول إنها لم تواجه مثل هذه الظروف التجارية الصعبة من قبل.
تضاعفت قيمة فواتير الطاقة لكن المطعم لا يزال غير قادر على فتح مرافقه بالكامل منذ الخروج من الجائحة بسبب نقص الموظفين. قالت ويلسون إنها اضطرت إلى زيادة الأجور 20 في المائة، وأن سعر الدجاج ارتفع 30 في المائة مقارنة بالعام الماضي.
علاوة على ذلك، أصدرت الحكومة مرسوما يقضي بوقف معظم الأشكال النهائية المتبقية من برامج التخفيف الحكومية الشهر المقبل التي دعمت الشركات خلال الجائحة، بالتزامن مع تصاعد أزمة تكلفة المعيشة التي تواجه المستهلكين.
قالت ويلسون إن الأزمة المالية في 2008 "كانت صعبة على المدينة". أضافت، " توقف الناس عن الإنفاق على الغداء كما في السابق، لكن هذه الأزمة أسوأ من سابقتها. على الأقل كان الناس في ذاك الوقت ما زالوا يخرجون لتناول الغداء وكانت التكاليف معقولة".
على حد قول مسؤولين تنفيذيين وأصحاب شركات فإن الشركات الكبرى في بريطانيا تواجه أزمة لم تشهدها منذ عقود خلال نيسان (أبريل). إن تضخم التكاليف آخذ في الارتفاع، وأجر المعيشة على المستوى الوطني سيرتفع 6.6 في المائة ليصل إلى 9.50 جنيه استرليني في الساعة، وسيتعين على أصحاب العمل دفع اشتراكات تأمين وطنية أعلى.
لكن على الرغم من الحملات الصاخبة من قبل الهيئات في هذه الصناعة، إلا أن التخفيض في ضريبة القيمة المضافة من 20 في المائة إلى 12.5 في المائة لشركات الضيافة خلال كوفيد سيتم إلغاؤه، وسيتم خفض إعفاءات الشركات من الفائدة تدريجيا، ما يترك فقط الشركات الصغيرة جدا تتلقى أي دعم متاح من وزارة الخزانة.
من المقرر أيضا أن تنتهي إجراءات الحماية ضد الإعسار اعتبارا من الأول من نيسان (أبريل)، سيواجه المستأجرون التجاريون الذين تخلفوا عن سداد الإيجار مرة أخرى احتمالية الإخلاء، حيث سيتم رفع التعليق الحكومي للديون من الإيجار بعد عامين. بينما تقوم عديد من الشركات أيضا بسداد القروض التي اضطرت للحصول عليها أثناء الجائحة.
وقال رين نيوتن سميث، كبير الاقتصاديين في مجموعة الأعمال سي بي آي، إنه على الرغم من التعافي من الجائحة، فإن التكلفة المتصاعدة لممارسة الأعمال التجارية والأزمة في أوكرانيا، تعنيان أن بيان الربيع للمستشار ريشي سوناك "لم يمنح الشركات الدعم الذي تحتاج إليه للتصدي للتحديات التي تواجهها".
كيت نيكولز، الرئيسة التنفيذية للهيئة التجارية "يو كيه هوسبيتاليتي"، وصفت زيادة ضريبة القيمة المضافة، وخفض معدلات إعفاء الشركات من الفائدة، وتكاليف التوظيف، وإنهاء الحماية ضد الإعسار ومتأخرات الإيجار، على أنها "حافة الهاوية" للقطاع.
قالت، " لدى الشركات جدار من التكاليف والحماية تمت إزالتها، في الوقت نفسه الذي يشعر فيه العملاء أيضا بضيق مادي وضعفا في الثقة".
قالت مجموعة الضغط الخميس، إن مؤشر الثقة الاقتصادية الذي قام بجمعه معهد إنستيتيوت أوف دايركتورز قد انهار من سالب أربعة في شباط (فبراير) إلى سالب 34 في آذار (مارس)، وهو أدنى مستوى له منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2020.
قال روجر باركر، رئيس السياسات في مجموعة الضغط لمعهد إنستيتيوت أوف دايركتورز، إن هذه اللحظة كانت "لحظة حاسمة للاقتصاد وعلى الحكومة أن تتدخل".
فيما وصف نيك فارني، الرئيس التنفيذي لـ"ميرلين إنترتينمينتس"، مالك ليجولاند ومدام توسودز، انتهاء برامج التخفيف بأنها "سخرية من التعافي الذي حققه القطاع بشق الأنفس وهزيمة موجعة للقطاع بعد أن كاد يحقق النجاح".
أكبر تكلفة تتحملها الشركات هي العمالة. حيث كانت المطاعم ومديري المتاجر يناضلون أصلا للحفاظ على الموظفين بسبب هجرتهم الجماعية من تلك القطاعات الأكثر تضررا بالجائحة، وهم يواجهون الآن تضخما أكثر حدة في الأجور إلى جانب الزيادة في أجر المعيشة على المستوى الوطني.
قالت نيكولز، "تعمل الشركات بالفعل على تحديد سقف طاقتها، وتخفيض ساعات العمل، والإغلاق في أيام معينة من الأسبوع" كل هذا من أجل الحد من الطلب والحفاظ على الموظفين.
قالت شيفون هافيلاند، رئيسة غرف التجارة البريطانية، إن ارتفاع التأمين الوطني "سيشكل ضغطا آخر من حيث التكلفة على الشركات الكبرى في وقت لا تستطيع فيه تحمل التكاليف".
لكن فواتير الملكية العقارية والطاقة ستبدأ أيضا في التأثير سلبا مع انتهاء برامج التخفيف.
بدأ الإعفاء من الفائدة لمدة 15 شهرا لشركات البيع بالتجزئة والضيافة خلال كوفيد في التناقص التدريجي بدءا من حزيران (يونيو) من العام الماضي، واعتبارا من نيسان (أبريل)، ستتمكن الشركات من المطالبة فقط 50 في المائة من أسعار الفائدة لأعمالها حتى سقف 110 آلاف جنيه استرليني لكل شركة - وليس لكل موقع.
قال دومينيك كوران، مستشار سياسة الملكية في اتحاد التجزئة البريطاني، وهي هيئة تجارية، "يعد المستوى الجديد من الإعفاءات (...) أمرا رائعا إذا كان لديك عملا تجاريا مستقلا بمتجر واحد ويمكنك الحصول على خصم يصل إلى 50 في المائة. أما إذا كان لديك عملا تجاريا كبيرا، فذلك الخصم منخفض للغاية، وليس له أي فائدة تقريبا".
في الوقت نفسه، من غير المرجح أن يكون نظام التحكيم الذي صممته الحكومة لتسوية النزاعات القائمة بين المالكين والمستأجرين حلا سحريا لمتأخرات الإيجار، وفقا لعدد من أصحاب الشركات والعقارات.
جادلت ميلاني ليش، الرئيسة التنفيذية لاتحاد الملكية البريطاني، الذي يمثل كبار الملاك، بأن القليل منهم قد يلجأ إلى التحكيم أو يجبر المستأجرين على الإخلاء. لكنها اقترحت أنه يمكنهم استخدام التهديد باتخاذ إجراءات صارمة لإجبار المستأجرين على الموافقة على برنامج دفع الفواتير غير المسددة.
فوق كل هذا فالتكاليف المرتفعة والزيادة في حالات كوفيد ستؤدي إلى انخفاض الإقبال مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة.
أربع هيئات تجارية كبرى في قطاع الضيافة قالت هذا الشهر إن تكاليف الطاقة زادت 95 في المائة في المتوسط، في حين زادت فواتير الطاقة على عشر الشركات 200 في المائة.
أظهر تحليل من "إف إس بي" زيادة قدرها عشرة آلاف جنيه استرليني في فواتير الخدمات العامة خلال العام الماضي للنشاط التجاري العادي في لندن.
ردا على ذلك، قالت وزارة الخزانة إنها "دعمت الشركات طوال فترة الجائحة بحزمة دعم غير مسبوقة بقيمة 400 مليار جنيه استرليني".
"تعني إصلاحاتنا لأسعار الفائدة للشركات أنه سيتم تخفيض الفواتير بأكثر من سبعة مليارات جنيه استرليني خلال فترة الأعوام الخمسة المقبلة، وستتلقى أكثر من 90 في المائة من شركات التجزئة، والضيافة والترفيه إعفاء 50 في المائة على الأقل من فواتير الفائدة للأعمال الخاصة بها في 2022 و2023".
قالت أيضا إن بيان الربيع في الأسبوع الماضي "قدم سلسلة من الإجراءات لمساعدة الشركات على تعزيز الاستثمار، والابتكار والنمو".
مع ذلك، تقول عدة شركات إنها لا تستطيع فعل كثير باستثناء تحميل التكاليف على المستهلكين على الرغم من أنهم يخاطرون بفقدان العملاء في وقت تشتد فيه حاجتهم إليهم.
قال بيتر بورج نيل، الرئيس التنفيذي لـ"أوكمان إنز"، "لا نرى إبقاء الأسعار منخفضة خيارا قابلا للتطبيق (...) إذا سمحت لهامش الربح الإجمالي بالانخفاض، سينتهي بك المطاف بلا شيء".
استسلم بعض أصحاب الأعمال الصغيرة بالفعل. قالت داون بيرتون، التي تدير "كاريبين" لخدمات تقديم وتوصيل الطعام في جنوب لندن، إنها قررت إيقاف كلا الخدمتين في نهاية هذا الشهر لأن التكاليف "ارتفعت كثيرا لدرجة أنني لا أستطيع تحملها".
قالت ويلسون إنها رفعت الأسعار بنحو 10 في المائة وكانت تحاول إبقاء الشرفة مغلقة، بسبب وجود مدافئ خارجية ومصابيح LED، ما لم يكن هناك عدد كاف من العملاء لتغطية التكلفة.
مارتن ماكتاج، رئيس شركة إف إس بي، قال إن الفواتير المرتفعة "ستضع نهاية لعديد من الشركات البالغ عددها ربع مليون، التي تقول إنها على وشك الانهيار". أضاف قائلا، "سواء كانت دار الرعاية التي تستعد لدفع ثمن فاتورة ضريبية أعلى بسبب ما يسمى برسوم الرعاية الصحية والاجتماعية، أو الكهربائي الذي يواجه رسوما متزايدة لسدادها لاستكمال المهمات العاجلة، أو المطعم الذي يحاول بعد عامين من القيود على التجارة أن ينتعش على الرغم من ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، فإن الشركات الصغيرة في جميع المجالات ذات العلاقة بحاجة ماسة إلى الدعم".