التعايش مع كوفيد لا يعني التظاهر بعدم وجوده
كوفيد- 19 عدو له تقلباته. في الوقت الذي قامت فيه حكومة المملكة المتحدة بتحديث استراتيجية "التعايش مع كوفيد" الشهر الماضي، بدأت أعداد الحالات تتزايد مرة أخرى. وفقا لمكتب الإحصاء الوطني، أصيب أقل من 4.3 مليون شخص في المملكة المتحدة في الأسبوع المنتهي في 19 آذار (مارس)، جراء المتحور الفرعي من أوميكرون بي أيه2 - الأكثر عدوى، وتضاؤل الإقبال على أخذ الجرعات المعززة، وتخفيف القيود.
بغض النظر عن ذلك، بدءا من نيسان (أبريل)، سينتهي الفحص الشامل المجاني لكوفيد وسيتم إغلاق كثير من مختبرات الفحص التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية. أما المطلب القانوني بالعزل إذا كانت نتيجة الفحص إيجابية فقد خفض إلى إرشادات مع إلغاء الدعم المالي المرتبط. كذلك تم التخلص من الكمامات إلى حد كبير. أيضا ألغي تمويل دراسات المراقبة أو تم تقليصها، بما في ذلك تطبيق "زو كوفيد". الحكومة نفسها التي أوصت بترديد مقطع أغنية "هابي بيرثداي" -عيد ميلاد سعيد- لمرتين متتابعتين أثناء غسل اليدين "باعتبارها معيارا للمدة المثالية للتخلص من الجراثيم"، احتفلت بعيد الميلاد الثاني للجائحة بغسل يديها من المسؤولية لتتحول إلى إجراءات لإدارة الوضع فقط، بصرف النظر عن تعهداتها بتوفير جرعة رابعة وأدوية مضادة للفيروسات.
هناك فرق شاسع بين تعلم التعايش مع فيروس لا يزال منتشرا بيننا والتظاهر بأنه لم يعد موجودا. إذا كنا نريد حقا التعايش معه، فعلينا أن نتجنب التظاهر بعد وجوده. هناك مجالات كثيرة في الحياة يتم فيها إدارة المخاطر وعدم اليقين بالشراكة بين الدولة والفرد، مع ممارسة المسؤولية الشخصية في إطار تضعه الحكومة. نحن لا نتجاهل مخاطر الطرقات أو أماكن العمل، ولكن بدلا من ذلك نعمل على التخفيف منها.
من الجلوس خلف عجلة القيادة إلى ركن السيارة، حريتي في القيادة مقيدة بالاعتراف بحقوق الآخرين وصون سلامتهم. بموجب القانون يجب أن أمتلك رخصة قيادة، ويجب أن تكون سيارتي خاضعة للضريبة، ومؤمنة، وصالحة لقيادتها على الطرقات. تعد أحزمة الأمان ومقاعد الأطفال الصغار إلزامية. أما حدود السرعة المسموح بها، وإشارات المرور، وعلامات الطريق تقيد من حريتي في التجول كما يحلو لي، كما هو الحال بالنسبة إلى قوانين القيادة تحت تأثير الكحول والقيود على ركن السيارات وحظر استخدام الهاتف المحمول أثناء القيادة. أسوأ مخالفات القيادة تنطوي على خطر السجن لمدة طويلة.
نادرا ما يعترض السائقون على هذه الإجراءات باعتبارها انتهاكات للحرية لا يمكن التسامح بشأنها. بدلا من ذلك، فإن القدرة على القيادة تعد مرادفا لممارسة الحرية. لذا، بالنظر إلى هذه القيود الواسعة، ما مدى خطورة الطرقات؟ في الأشهر الستة الأولى من 2021 مات نحو 580 شخصا في حوادث المرور على الطرق في المملكة المتحدة أو 22 شخصا تقريبا في الأسبوع. لكن في المقابل، كانت هناك 820 حالة وفاة بسبب كوفيد في الأسبوع المنتهي في 11 آذار (مارس).
إن إلغاء جميع تدابير كوفيد في إنجلترا "اسكتلندا أجلت الإلغاء" يعني أن الأفراد المصابين أصبحت لهم الآن حرية الاختلاط بالآخرين في العمل، والمدارس، ووسائل النقل العام، والمتاجر، والمطاعم. أصبح الفيروس ينتشر مرة أخرى دون رادع.
لم يفكروا تفكيرا يذكر بالمرضى المعرضين للخطر سريريا الذين احتموا من الفيروس لمدة عامين، أو تعاطفوا معهم حتى. قيل لهم إن بإمكانهم الاستمرار في تلقي الفحوص المجانية "من أجل تمكينهم من الوصول المبكر إلى الأدوية المضادة للفيروسات"، لكنهم أبلغوا عن صعوبة الحصول عليها. منع العدوى في المقام الأول، من خلال تدابير الصحة العامة مثل ارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة والتهوية وتوفير الفحوص، استراتيجية أفضل لنا جميعا، ليس فقط على المدى القصير ولكن من أجل تجنب الأعراض طويلة الأمد بعد الإصابة بكوفيد.
أيضا يعد تفكيك بنيتنا التحتية للجائحة استراتيجية تغفل عن ظهور متحورات جديدة، أينما كان مصدرها. الصين، الحامل الوحيد لراية صفر كوفيد، هي بلد يجب أن نتعلم منه، بالنظر إلى أن قلة من المواطنين لديهم مناعة من العدوى الطبيعية وأن اللقاحات المصنوعة محليا ليست وقائية تماما كالأخرى. كانت نسبة تلقي المسنين للقاحات، الذين أعمتهم استراتيجية صفر كوفيد ليعتقدوا بأن اللقاحات غير ضرورية، منخفضة مقارنة بالمسنين في أوروبا.
أوميكرون آخذ في الانتشار الآن في بلد يبلغ تعداد سكانه 1.4 مليار شخص. إذا كانت معدلات الوفيات المسجلة في هونج كونج نذيرا لما سيأتي، فسيصبح من الصعب التظاهر بأن الفيروس لم يعد موجودا بيننا.