هل يظل الدولار ملاذا آمنا؟

أعلن البنك الفيدرالي الأمريكي رفع معدل الفائدة على الإيداعات النقدية بمقدار ربع نقطة مئوية إلى نطاق 0.25 في المائة - 0.50 في المائة في ظل الظروف الراهنة لجائحة كورونا التي ما زلنا نعيش أحداثها منذ عام 2019، ثم أزمة جديدة أو لنقل مجازا جائحة جديدة وهي الحرب الروسية الأوكرانية، والأخيرة غزت العالم بتداعيات مثيرة على الطاقة والغذاء والمعادن وغيرها. واستخدم البنك الفيدرالي الأمريكي أحد الأدوات التقليدية في السياسة النقدية لإدارة الاقتصاد الكلي للبلاد من أجل التصدي إلى ارتفاع الأسعار وكبح جماح التضخم في وقت يبلغ معدل التضخم 7.87 في المائة في الولايات المتحدة الأمريكية حاليا وهو أعلى معدل يصل إليه منذ عام 1981 عندما كان 10.32 في المائة، إضافة إلى أن تكلفة الاقتراض ستكون غير جاذبة إلى جانب بطء النمو الاقتصادي ونقص المعروض النقدي في السوق لكن سيزيد من مكاسب المودعين بكل تأكيد.

وخلال الـ 50 عاما الماضية، ذكرت فينبولد Finbold، وهي شركة بريطانية تعمل على فحص ومتابعة أداء اتجاه القطاعات المالية أن القيمة الحقيقية للدولار قد انخفضت بنسبة 86 في المائة، ما أثار تساؤلات حول جدوى الدولار على المدى الطويل كعملة ملاذ آمن. ووفقا للبيانات التي نشرتها فينبولد، فقد انخفض الدولار ستة أضعاف على مدار الـ 50 عاما الماضية. ففي عام 1972، كانت قيمة الدولار الواحد كمرجع وأساس تأريخي تمثل دولارا واحدا، لكن انخفضت قيمته بنسبة 86 في المائة بحلول عام 2022 لتصل إلى 0.14 دولار.

وبالتالي حصل تآكل فظيع لقيمة العملة الأمريكية. إن انخفاض قيمة العملة يقلل بشكل مباشر من القوة الشرائية لها ولذلك فإن الدولار عام 1972 يساوي 6.99 دولا (أو سبعة دولارات تقريبا) اليوم. وعندما تعادل قيمة الدولار آنذاك سبعة دولارات الآن، فهذا يعني بالطبع أن القيمة الحقيقية للدولار الواحد قد تضاءلت بمرور الوقت كما هو معلوم عند الاقتصاديين. أو بعبارة أخرى فإن الدولار الواحد سيشتري لك عددا أقل من المشتريات في المتجر عما كان في السابق.

لقد ارتفع معدل التضخم في الولايات المتحدة منذ عام 1972 حتى مع تعافي الاقتصاد من أزمات شديدة مثل الأزمة المالية العالمية عام 2008 وآثار جائحة كورونا المستمرة.

لكن مع استمرار انخفاض قيمة الدولار، هناك مخاوف من أن مكانة الدولار كعملة ملاذ آمن قد تتآكل بالنظر إلى القرائن والشواهد الحالية. ولقد كان الذهب بمنزلة ملاذ آمن ذي آثار تقليدية خلال فترات الركود الاقتصادي، وقد يتطلع المستثمرون إلى شراء المعدن الأصفر حسب ما أشارت إليه شركة فينبولد في تقريرها.

ولا شك إن ظهور العملات الرقمية أو المشفرة مثل Bitcoin، قد حصل على دعم كبير من المستثمرين منذ بداية حقبة العملات الرقمية عام 2008. ومن الجدير بالذكر أن انخفاض قيمة الدولار قد يشار إليها كأحد الأسباب الرئيسة التي تجعل المستثمرين مهتمين بالاستثمار في العملات الرقمية، ويشار إليها باسم الذهب الرقمي Digital Gold نظرا لمحدودية المعروض والعزوف عن الاستثمار التقليدي.

وعلى أي حال، يجب على المستثمرين توخي الحذر لأن رفع أسعار الفائدة من البنك الاحتياطي الفيدرالي قد يدفع المستثمرين بعيدا عن التعامل بالعملات الرقمية إلى حسابات التوفير التقليدية. وما بين بوابات الاستثمار المتعددة سواء العملات الرقمية أو الذهب أو الدولار أو العقار أو الأسهم والصكوك أو غيرها، يظل المستثمر في دوامة البحث عن الملاذ الآمن والربح المجزي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي