سوق السندات تتأرجح مع حتمية ارتفاعات أسعار الفائدة
تدرك الأسواق بعض الأمور الأكيدة في الوقت الحالي، لكن هناك أمرا واحدا بارزا، الجميع يكره السندات الحكومية. الخوف، والبغض، والحرب... عادة ما تدفع كل هذه الأمور السيئة المستثمرين القلقين إلى الأذرع الدافئة والمطمئنة للأسواق الأكثر أمانا على الأرض، وعلى رأسها سندات الخزانة الأمريكية. لكن هذه المرة مختلفة.
حجم الاضطراب في أوساط المستثمرين واضح في مذكرة صادرة هذا الأسبوع من شركة بيمكو. اتفق فريق الشركة على أن الحرب الروسية الأوكرانية، والعقوبات الناتجة عن ذلك، والضغوطات في أسواق السلع قد "ألقت جميعها بظل أكبر من عدم اليقين" على بيئة معقدة بالفعل تتصف بالتعافي الذي يتوقف ويعود من جائحة كوفيد- 19. قال يواكيم فيلس وأندرو بولز من شركة إدارة صندوق السندات، إن هذا ليس توترا عاديا منتشرا.
كتبا، "على النقيض من المخاطر، التي يمكن قياسها من خلال تحويل الاحتمالات للنتائج استنادا إلى الخبرة أو التحليل الإحصائي، فإن عدم اليقين هو في الأساس غير قابل للقياس ويمثل الأمور المجهولة التي لا يمكن معرفتها. في بيئة غير مؤكدة بشكل جذري، لا تكون التوقعات التفصيلية للنقطة مفيدة بشكل خاص في تكوين استراتيجية الاستثمار".
بدلا من ذلك، من المنطقي الاتفاق على وجهة نظر واسعة ومراعاة النطاق الواسع للسيناريوهات المحتملة واحتمالية "العلاقات اللاخطية" وتغييرات النظام المفاجئة في الاقتصاد والأسواق المالية. الكلمات الرئيسة هي "لا خطي" و"مفاجئ". الكلمتان تعكسان توقعا واسع النطاق بأن شيئا ما من المحتمل أن يسير على نحو خاطئ بشكل كارثي - لا يمكننا تحديد هذا الشيء أو متى يمكن أن يحدث ذلك.
عادة، هذا النوع من الخوف غير المنطقي وعدم اليقين من شانهما أن يبقيا أسواق السندات مدعومة جيدا. لكن الأمر الوحيد الذي يتفق عليه المستثمرون بدرجة عالية من الثقة هو أن التضخم المرتفع والمتصاعد سيبقى لفترة طويلة، ويجب على سوق السندات التكيف مع هذا. يبدو أن هذا الشهر يتجه ليكون الأسوأ لسندات الخزانة الأمريكية على الأقل منذ انتخاب دونالد ترمب رئيسا في 2016.
في هذا الأسبوع، أدى الضغط النزولي على الأسعار إلى دفع العائد لعشرة أعوام عاليا إلى 2.5 في المائة، ما يمثل زيادة في أفضل جزء من نقطة مئوية كاملة منذ بداية 2022. دخلت الأسواق والاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في مواجهة لعدة أسابيع في مطلع هذا العام. لكن الجدل انتهى فعليا، سيرفع البنك المركزي أسعار الفائدة، رغم هشاشة الاقتصاد، لمواجهة التضخم.
ليست الولايات المتحدة وحدها التي تفعل ذلك، مع بنكها المركزي المتشدد بوضوح. عوائد ألمانيا لأجل عشرة أعوام، التي نادرا ما تحقق نسبة فوق 0 في المائة، ارتفعت 0.58 في المائة، النسبة الأعلى منذ 2018، مدفوعة بجاذبية السوق الأمريكية القوية.
قال كريس إيجو من شركة أكسا إنفسمنت مانجرز في مذكرته الأسبوعية، "أداء السندات كان سيئا للغاية". أضاف، "قارب الربع الأول من 2022 على الانتهاء، وكان فظيعا"، حيث تجاوزت التراجعات الدورات الأربع السابقة لرفع أسعار الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي، في الأعوام 1994، و1999، و2004، و2015.
في هذه المرحلة، قد يكون الأسوأ قد انتهى لكن "لا يمكن استبعاد" أن تتحرك العوائد بقدر نقطة مئوية أخرى لأعلى خلال الأشهر الـ12 المقبلة، حسبما أضاف إيجو. أيضا قال إن هناك فرصة للعودة إلى نطاق يراوح بين 4 و5 في المائة الذي كان سائدا قبل الأزمة المالية في 2008.
أتى التحسين على هيئة ارتفاع مفاجئ يبلغ 0.14 نقطة مئوية في عوائد سندات الخزانة في عصر الجمعة الماضي - قفزة كبيرة بمعايير هذه السوق. الفكرة المتنامية بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يختار رفع سعر الفائدة مرة واحدة أو أكثر بمقدار نصف نقطة مئوية لكل عملية رفع، هي فكرة تكتسب زخما.
حتى الذين يميلون عادة إلى رؤية الارتفاع في أسعار السندات يغيرون موقفهم. من بينهم ستيفن ميجور، الرئيس العالمي لأبحاث الدخل الثابت في مصرف إتش إس بي سي.
كتب في مذكرة هذا الأسبوع، "ما يبدو في مباراة لكرة القدم كانتصار مؤكد - وفقا لأداء الشوط الأول - في الأغلب لن يكون كذلك في الشوط الثاني. الثقة الزائدة، والإصابات، وتبديل اللاعبين، والمهارات الإدارية؟ مهما كان التفسير، هناك أمور تحدث... والأمر نفسه مع توقعاتنا المحدثة".
رفع ميجور هدفه على عوائد سندات الولايات المتحدة لأجل عشرة أعوام إلى 2 في المائة، بارتفاع من 1.5 وأضاف أيضا نصف نقطة إضافية على توقعاته لنهاية 2023، إلى 1.5 في المائة. كان هناك أيضا قبول بأنه "كان عليه استيعاب" الموقف المتشدد من الاحتياطي الفيدرالي في وقت أبكر. لا تزال توقعات ميجور أقل من المستويات السائدة بشكل كبير، ولم يتخل عن فكرة أن التضخم قد يخمد قريبا أو أن النمو الاقتصادي قد يكون غير مستقر للغاية للحفاظ على سلسلة رفع أسعار الفائدة. لكن مع ذلك، عندما يبدأ مؤيدو عبارة "أسعار فائدة أدنى لفترة أطول" في التذبذب، يبدو الأمر مهما.
رفع مصرف سيتي الرهان الجمعة الماضية، حيث أخبر العملاء أنه يتوقع أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة أربع مرات بمقدار نصف نقطة هذا العام وأن يرفعه مرتين أيضا بمقدار ربع نقطة. أضاف المصرف، "يظل المسار معتمدا على البيانات، ويمكن أن تؤدي آثار التضخم الشهرية الأقوى أو الأضعف إلى مزيد، -مثل نصف نقطة مئوية- في كل اجتماع أو أقل".
ما لم تكن تدير صندوق سندات، هل ينبغي أن تقلق بشأن أي من هذا؟ ينبغي أن تشعر بالقلق إذا كان لديك استثمارات في أي فئة أصول أخرى، حيث تشكل عوائد الولايات المتحدة حجر الأساس لتسعير مجموعة من الأصول الأخرى. تعد القفزة الأخيرة في العوائد بمنزلة تذكير بأنه حتى الأسواق الثابتة عادة يمكن أن تنهار.