رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


التقاضي بمرونة التحول الرقمي

صدر نظام التنفيذ عام 1433هـ، من أجل رفع كفاءة قضاء التنفيذ، وإنفاذ العقود، وتحقيق العدالة الناجزة وسرعة إيصال الحق لصاحبه.
ينص النظام الذي يتألف من 98 مادة على أن قاضي التنفيذ يختص بسلطة التنفيذ الجبري والإشراف عليه، ويعاونه في ذلك من يكفي من مأموري التنفيذ، والفصل في منازعات التنفيذ مهما كانت قيمتها، وتكون جميع قرارات قاضي التنفيذ نهائية. وتؤلف محكمة التنفيذ من دوائر مختصة، وكل دائرة من قاض فرد أو أكثر، وفق ما يحدده المجلس الأعلى للقضاء، وفي المحافظات والمراكز التي لا تتوافر فيها محكمة تنفيذ تؤلف في المحاكم العامة دوائر للتنفيذ.
تكمن أهمية قضاء التنفيذ في كونه ثمرة الأحكام، والمعين على عدم تعطيلها.
نظام التنفيذ جزء من مشروع ضخم لتطوير النظام العدلي في المملكة، وآلياته، وأدواته، منذ عملت وزارة العدل على أكثر من 38 مبادرة، من بينها نظام إدارة القضايا المتكامل، وهو جزء من التحول الرقمي الشامل لجميع إجراءات منظومة التقاضي، وذلك من خلال أتمتة جميع الأعمال الإدارية والمعلوماتية، ابتداء من مرحلة قيد الدعوى وتسجيلها، مرورا بإجراءات التبليغ، ومن ثم دعم عمليات التقاضي ومتابعة القضايا، وانتهاء بعمليات التنفيذ. وفي مجال التنفيذ تسعى الوزارة نحو تطويرات جوهرية، من بينها تعزيز التحول الرقمي وضبط إجراءات التنفيذ وتسريعها، بما لا يخل بالجودة والضمانات القضائية، وإسناد الأعمال غير القضائية إلى القطاعين الخاص وغير الربحي، وقصر دور القاضي على الأعمال القضائية، وكل ذلك من أجل تحسين تنافسية المملكة، وبيئة الأعمال فيها، ومواكبة أحدث النظريات في التنفيذ المالي وغير المالي وتحقيق المرونة التشريعية. وفي خطوة تاريخية في أعمال وزارة العدل، وضمن مبادرات التحول الرقمي وإجراءات التقاضي في السعودية، دشن وزير العدل عبر منصة "ناجز"، المحكمة الافتراضية للتنفيذ من خلال توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث تتم إجراءات المحكمة كافة بشكل رقمي بالكامل وعلى مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع، فهي هندسة إجرائية تختصر إجراءات التنفيذ من 12 خطوة إلى خطوتين فقط من إحالة الطلب آليا لدائرة التنفيذ في المحكمة وصولا إلى إصدار الإجراءات التنفيذية لإكمال عملية التنفيذ مع الاستغناء عن سبع زيارات للطلب الواحد، بما يضمن تحقيق العدالة الناجزة وسرعة إيصال الحق لصاحبه بالتوازن مع مراعاة الحقوق الأساسية للمنفذ ضده ومصلحة المجتمع، وذلك بضمان الشفافية. جدير بالذكر أن وزارة العدل تسعى إلى تطوير نظام التنفيذ، حيث تم نشر مشروع النظام المقترح على منصة استطلاع لأخذ آراء الجمهور بشأنه. وقد جاء من ضمن أهداف المشروع الجديد تعزيز التحول الرقمي وضبط إجراءات التنفيذ وتسريعها، بما لا يخل بالجودة والضمانات القضائية.
هذه التحولات الرقمية التي يشهدها النظام العدلي في المملكة، تأتي ضمن توجيهات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي أكد في أكثر من مناسبة أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تعيد تعريف أساليب حياتنا وأعمالنا وتعلمنا. كل هذا يدعونا جميعا إلى التفكير والعمل بجد للاستفادة من الذكاء الاصطناعي وإطلاق أقصى إمكاناته في سبيل الارتقاء بمجتمعاتنا واقتصاداتنا. وتعمل مبادرات رؤية المملكة 2030، ومن ضمنها الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي حتى تصبح المملكة رائدة العالم في تقنيات الذكاء الاصطناعي. والمحكمة الافتراضية تعد نقطة تحول كبيرة في آليات التفكير نحو استخدامات الذكاء الاصطناعي، وهذا التحول التقني لا يمكن أن يتحقق دون قاعدة تشريعية بالغة الدقة، مع شبكة من الاتصالات والممكنات التقنية المتكاملة. فالمحكمة الافتراضية تمكن من تنفيذ إجراءات مثل التدقيق والإحالة، والتبليغ الإلكتروني بأمر التنفيذ، وتنفيذ الإجراءات، وتحصيل الأموال وصرفها وإنهاء التنفيذ. كل ذلك دون تدخل بشري، ما يقلل الأخطاء إلى أدنى مستوى، وكما أشرنا يحقق مفهوم العدالة الناجزة، ويخفض تكلفة التقاضي على كل الأطراف إلى درجة كبيرة.
كما أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تمكن المحكمة الافتراضية من تحقيق درجة أعلى من الرقابة، مع تجاوب وتواصل مع المستفيدين باستقبال شكاواهم وحلها، وكل ذلك دون تدخل بشري.
فهذه الخطوة الرائدة تضع المملكة في مكانة متقدمة، وترفع مستويات الثقة بالاقتصاد السعودي، ما يعزز قاعدة الاستثمار عموما، والأجنبي خصوصا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي