رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


اقتصادات المناطق بروافد الرؤية

بـدأت التنمية في السعودية تأخذ مسارا استراتيجيا مع تطـبيـق أسلوب خـطـط التنـميـة الخـمسـيـة المتتـاليـة التـي انطلقـت عـام 1970، وقد حرصت الحكومات المتعاقبة على أن تشمل التنمية جـميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية في المناطق كافة، وذلك ضمن مفهوم التنمية المتوازنة، وقد حققت من خلال خطط التنمية توسعا أفقيا كبيرا، وتم ربط المدن كافة بشبكة من الطرق البرية، وربط المدن الرئيسة بالمطارات الداخلية، مع تحقيق شبكة من المستشفيات والمراكز الطبية، إضافة إلى بناء المدارس، والتوسع في إنشاء الجامعات، وفروع للجهات الحكومية والاقتصادية كافة، كما استطاعت تحقيق قفزات تنمية مشهودة في فترة زمنية قصيرة، ثم تحولت من نموذج خطط التنمية متوسطة الأجل إلى التخطيط الاستراتيجي المبني على رؤية ومستهدفات وبرامج بإطلاق رؤية السعودية 2030 في عام 2016، للمحافظة على المكتسبات التنموية، وإصلاح الاقتصاد السعودي من خلال تنويع مصادر الدخل وتمكين القطاع الخاص ومواصلة النمو.
ولا تزال مسألة التنمية المستدامة هدفا يؤرق العالم أجمع ولذلك وضعت الأمم المتحدة خطة التنمية المستدامة لعام 2030، التي اعتمدتها جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في عام 2015، ووضعت 17 هدفا من أجل القضاء على الفقر وتحسين الصحة والتعليم، والحد من التفاوت، وتحفيز النمو الاقتصادي والتصدي لتغير المناخ والعمل على حفظ المحيطات والغابات. وتتسق رؤية المملكة 2030 مع الأهداف العالمية للتنمية المستدامة، حيث العديد من المبادرات التي لها مؤشرات قياس تتم مراجعتها دوريا من قبل مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ومن أجل أن تكون محوكمة بشكل كاف فقد تم تحقيق تحول في هياكل العديد من الجهات الحكومية، ومن ذلك صدور قرار مجلس الوزراء لعام 1439، بشأن تنظيم هيئات تطوير المناطق والمدن، حيث منحها التنظيم استقلالا ماليا وإداريا، وتم ربطها برئيس مجلس الوزراء مباشرة، وهي تهدف إلى تحقيق تخطيط وتطوير شامل للمناطق في المجالات العمرانية، والسكانية، والاقتصادية، والتنموية، والاجتماعية، والثقافية، والبيئية، والنقل، والبنية الأساسية، والبنية التحتية الرقمية، وتوفير احتياجات المنطقة من الخدمات والمرافق العامة وتتولى رسم السياسات العامة لتطوير المنطقة وتنميتها وإعداد الخطط والدراسات والمخططات الاستراتيجية الشاملة للمنطقة وبرامجها التنفيذية، وإقرارها، وذلك بما يضمن تحقيق التنمية المتوازنة في المنطقة.
وتتولى الهيئات وضع الخطط والاستراتيجيات التي تترجم في صورة تنمية مستدامة على أرض الواقع، وذلك بالتنسيق مع الوزارات ذات العلاقة، ما يحقق تكاملا وتوزيعا شاملا للتنمية المستدامة في مناطق المملكة كافة.
فالتنمية المحلية رافد أساسي لتحقيق المستهدفات المحددة من خلال تحقيق نمو في مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي، أو تنمية المحتوى المحلي وتنفيذ كافة سياسات تحفيز الصناعات الحديثة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والبرامج والمستهدفات ذات العلاقة بأسواق العمل والاستثمار والتسويق وخدمات التوظيف. فجودة الحياة تتحقق بتنمية جميع مناطق ومدن المملكة وتوفير اقتصاد مزدهر ومجتمع يعود بالنفع على الوطن والمواطنين.
ولأنه قد يصعب تنظيميا ووفقا للمبادئ الأساسية للحوكمة إنشاء هيئة لتطوير كل مدينة، فقد أولى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان هذه المسألة اهتماما، إذ أعلن شخصيا في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، إطلاق مكاتب استراتيجية لتطوير مناطق الباحة، والجوف، وجازان، التي ستكون نواة لتأسيس هيئات تطوير مستقبلا.
وتهدف هذه المكاتب الاستراتيجية إلى الاهتمام بكل مكونات التنمية في تلك المناطق، حيث تركز على استثمار المقومات التنموية التي تزخر بها كل منطقة لتحقيق أعلى استفادة منها وتحويلها إلى عناصر داعمة للاقتصاد، إضافة إلى قيام المكاتب الاستراتيجية في المناطق الثلاث بأعمال التطوير والتنسيق والمتابعة مع الجهات الحكومية كافة، للعمل على تحفيز وإشراك القطاع الخاص في تنمية المكونات المكانية فيها.
والاهتمام بهذه الهيئات والمكاتب الاستراتيجية هو تأكيد على اتساع وشمولية الخطط المستقبلية الموضوعة، وأن تحقيقها مسؤولية جهات عديدة من القطاعين العام والخاص والجمعيات والمؤسسات الأهلية والمجتمعات المحلية، ضمن إطار واضح يضمن تضافر الجهود وعدم ازدواجها، وتحقيق التنسيق الفعال بين قطاعات الاقتصاد كافة بما يضمن توجيه الموارد نحو متطلبات أهداف التنمية المستدامة، والمتوازنة في كل منطقة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي