الموظفون السابقون يعودون إلى شركاتهم بمهارات وخبرات جديدة

الموظفون السابقون يعودون إلى شركاتهم بمهارات وخبرات جديدة
كان الموظفون السابقون في الأغلب متقاعدين، أما الآن تعتبرهم الشركات موظفي المستقبل.

في 2018، تركت ليان سيولمانز شركة سيلزفورس للعمل بوظيفة جديدة في شركة جوجل في لندن. العام الماضي، عادت إلى مجموعة البرمجيات السحابية، فأصبحت موظفة سابقة "عائدة". تقول، "عندما توافرت وظيفة، تواصل معي الأشخاص الذين كنت أعمل معهم".
كانت عودتها، جزئيا، لأسباب شخصية. إذ أرادت وظيفة في بروكسل، لتكون قريبة من عائلتها. من الناحية المهنية، كانت خطوة للأمام، حيث أصبحت مديرة إقليمية في وقت تقوم فيه الشركة بصياغة أنماط عمل جديدة مع خروجها من الجائحة.
العودة إلى شركة قديمة كانت لها مزايا. كانت سيولمانز على دراية سابقة بثقافة الشركة. "إذا كنت تعرف الشركة من قبل ستتدبر أمورك بشكل أسهل". خلال العامين الماضيين، توجب على كثير من المبتدئين الجدد معاناة المقابلات عن بعد، والالتحاق بالوظيفة والعمل من المنزل، ما جعله من الصعب بشكل خاص التعامل مع شركاتهم الجديدة.
حاول أصحاب العمل إقامة حفلات توظيف، ومكافآت توظيف، وزيادة الأجور والامتيازات، حرصا منهم على سد النقص في العمالة. كما يفكر الآن بعضهم في الموظفين السابقين. وفقا لمنصة لينكد إن، الشبكة الاجتماعية المهنية، فإن 4.5 في المائة من الموظفين الجدد على المنصة كانوا موظفين عائدين العام الماضي مقارنة بـ3.9 في المائة في 2019. كما تقول شركة إنتربرايز ألومني، التي تبتكر برمجيات للشركات، إن نحو 24 في المائة من الأشخاص المسجلين على منصاتها يتقدمون لوظائف عند أصحاب عملهم السابقين.
بالنسبة إلى أصحاب العمل يمكن أن يكون هناك فائدة مالية من تشغيل الموظفين العائدين، كونه يحد من تكاليف التوظيف والتدريب ويزيد الإنتاجية. قارنت دراسة من جامعة كورنيل خبرات العمل لأكثر من ألفي موظف عائد ونحو 11 ألف موظف جديد في شركة رعاية صحية كبيرة مقرها الولايات المتحدة. وجدت أن الموظفين العائدين تفوقوا على الموظفين الجدد في الأداء، خاصة في الوظائف المتضمنة "لمستويات عالية نسبيا من التنسيق الإداري، مثل مدير المشروع ووكيل المشتريات التي تشمل التخطيط، ووضع الأهداف، والجدولة وتطبيق الإجراءات الروتينية والقواعد التنظيمية". كذلك في الوظائف التي تركز على التعاون مع الآخرين داخل الشركة.
كارولين جافني، نائبة الرئيس لشؤون الإنتاج ورئيسة الموظفين لدى الرئيس التنفيذي في شركة لينكد إن، التي عادت إلى الشركة قبل أربعة أعوام بعد وظيفة في شركة إنستجرام، تشجع الناس "في فترة إعادة التنظيم الكبيرة هذه على أن يأخذوا بعين الاعتبار الشركات التي عملوا فيها في الماضي".
يقول مايك إتلينج، الرئيس التنفيذي لشركة يونيت 4 للبرمجيات السحابية، "كنت دائما قادرا على مراجحة المواهب، لكن لديك الآن ظاهرة الاستقالة الكبرى هذه التي تحدث في كل مكان. إن أكبر أسلوب فردي للعثور على موظفين في مكان آخر قد ولى". هذا يعني أن أصحاب العمل سيحتاجون إلى التجربة.
يقول إتلينج إن أهمية الموظفين السابقين بالشركة تتزايد بالنسبة إلى المشغلين. يعني هذا تغيير الطريقة التي ينظر بها أصحاب العمل تجاه مغادرة الموظفين. بدلا من القول مع السلامة، يقترح الترحيب بالموظفين المغادرين إلى شبكة الموظفين السابقين، وهو مبدأ يمارسه بنفسه. يقول، "توقف عن اعتبار مغادرتهم أمرا سلبيا - من المحتمل أن يعودوا إلينا. دعنا ننظر للأمر بإيجابية". يمكن لهذه العقلية تغيير نغمة مقابلات ترك العمل أيضا. يضيف، "كثير من الناس يبدؤون المحادثة بأسلوب الإنقاذ. أما أنا فأفضل التحدث حول ما يمكننا فعله لمساعدتك على الوظيفة المقبلة".
مارال كازانجيان، رئيسة الموارد البشرية في وكالة موديز للتصنيف، وهي نفسها موظفة عادت أخيرا، تقول إنها شهدت "شركات تتعامل مع الموظفين المغادرين كأنهم بلا ولاء". أندريا ليجناني، الرئيس العالمي لشؤون العلاقات مع الموظفين السابقين في مصرف سيتي جروب، كشف عن تحول في مواقف الشركات تجاه الموظفين المغادرين أخيرا. يقول، "يفكر أصحاب العمل بالموظفين السابقين على أنهم فرصة وليست خيانة". يقول في الماضي، كان الموظفون السابقون "في الأغلب متقاعدين، أما الآن تعدهم الشركات موظفي المستقبل". تقدر الشركة أن نحو 10 في المائة من قوتها العاملة العالمية الحالية هم من الموظفين العائدين.
يمكن أن تساعد شبكة الموظفين السابقين أصحاب العمل في اكتشاف طريقة استهداف الموظفين العائدين. يقول ليجناني إنه علم أن موظفي شركة سيتي في إفريقيا يتم إغراؤهم من قبل شركات ناشئة. "تمكنا من عمل رسالة محددة لهؤلاء الموظفين، قائلين إن هناك وظائف لموظفي التكنولوجيا". كما يضيف أن شبكات الموظفين السابقين يمكن أن تغير الطريقة التي يشعر بها الموظفون الذين تم تسريحهم مثلا بسبب الاندماج أو من أجل خفض التكاليف، تجاه صاحب عملهم السابق. يقول إنهم قد يشعرون بالرفض، ويمكن أن توفر شبكة الموظفين السابقين "صوتا مختلفا".
مع ذلك، يجب أن يكون أصحاب العمل واعين أنهم إذا كانوا يستقطبون من منطقة مواهب تاريخية، فقد يعارضون الجهود المبذولة لتنويع القوى العاملة. يجادل أنصار شبكات العاملين السابقين بأن إضفاء الطابع الرسمي على هذه الهياكل من شأنه أن يتغلب على شبكات المحسوبية غير الرسمية.
في آذار (مارس) 2020، تركت نيشا فاسان شركة والت ديزني للانضمام لشركة ويوورك، وانضمت مرة أخرى إلى مجموعة الأفلام والترفيه في بداية هذا العام، بعد فترة عمل مدتها 12 شهرا في مكان آخر. تقول، "من المفرح الالتحاق بعمل تعرف فيه بعض الأشخاص مسبقا". كان هذا خاصة بعد الانضمام إلى شركتين خلال الجائحة. تقول، "هذا ثالث عمل عن بعد بالنسبة لي. الجزء الأصعب في كونك موظفا جديدا هو بناء العلاقات. الألفة مريحة، معرفة الهيكل التنظيمي، وكيف تعمل الفرق، جعلت الأمور سلسة". مع ذلك، المجموعة التي عادت إليها ليست بالضبط هي تلك التي غادرتها. قالت، "كان هناك كثير من التغيير في الشركة. أنت لا تبدأ من مرحلة الصفر. ولا تبدأ من النهاية، لكن في مكان ما بينهما".
تقول كازانجيان في شركة موديز إنه من المتوقع أن يكون لدى الموظفين العائدين "فضول حول ما هي عليه اليوم".
يقول إيتلينج إنه في الشركات النامية، قد يجد الموظفون العائدون أن الشركة مختلفة تماما عما تركوها عليه. "أسوأ ما يمكنك فعله هو أن تتوقع أن يكون الموظف العائد على ما يرام. في الأغلب ما أتلقى رسائل بريد إلكتروني منهم يقولون فيها: ’يا للعجب، الشركة مختلفة تماما‘".
في حين كانت الوظيفة التي شغلتها جافني في شركة إنستجرام في مجال كانت تعمل فيه من قبل - وهو الإنتاج - إلا أن المجال الذي عادت إليه في شركة لينكد إن استلزم منحنى تعليميا حادا. "حاولت أن أعود بعقل متفتح. قضيت الأشهر الثلاثة إلى الستة الأولى في تلقي المعلومات، لفهم كيف كانت المنظمة تعمل، بدلا من افتراضاتي السابقة".
تشير إيما سينكلير، الرئيسة التنفيذية لشركة إنتيربرايز ألومني، إلى أن "الأشخاص ليسوا فقط هم من يتطور، بل الشركات أيضا تتطور - الرجوع إلى شيء تعرفه بمهارات وخبرات جديدة أمر رائع".
من المرجح أن يتمتع الموظفون العائدون بحسن نية تجاه صاحب العمل، إذ عادة ما يغادرون لأسباب شخصية "الموقع أو مسؤوليات الرعاية"، أو عرض عمل مغر.
يقول إيتلينج، الذي يبلغ عدد قوته العاملة في شركة يونت4 نحو 2،800 شخص، إنه يقدر الموظفين الذين لديهم مزيج من خبرة الشركات الكبيرة والشركات الناشئة. "تمنحك الشركات الصغيرة القدرة على التحرك بشكل أسرع وأكثر ذكاء. لديك حركات الموظف المبتدئ. أقول دائما للناس عند التفكير في حياتهم المهنية أن يحاولوا الحصول على كل من الخبرتين".
في حين تشير الأبحاث إلى أن الموظفين العائدين قد يتفوقون على الموظفين من خارج الشركة من حيث الأداء، تقول أليسون داتشنر، الأستاذة المساعدة في الإدارة في كلية بولير للأعمال في جامعة جون كارول، إنه بالنسبة إلى فوائد الأداء على المدى الطويل، قد تكون التعيينات الداخلية أكثر فاعلية من إقناع الموظفين السابقين بالعودة - من المرجح أن يتفاوض الموظفون العائدون على رواتب أعلى ووصف وظيفي أفضل. يحتاج المديرون لإدراك تأثير الموظفين العائدين الذين يتقاضون أجورا جيدة في معنويات فرقهم. قد يرسل ذلك إشارة إلى أن الطريقة الوحيدة لزيادة الرواتب هي ترك الشركة.
لا توصي داتشنر أصحاب العمل "باكتناز المواهب" بل "بتحسين سهولة التنقل والتحول الوظيفي". لذلك ينبغي اعتبار الموظفين السابقين "جزءا من إدارة المواهب الشاملة التي تتضمن دعم التنقل الداخلي". لدى شركة سيلزفورس، مثلا، فريق توظيف داخلي مخصص لمساعدة الموظفين على العثور على فرص جديدة داخل الشركة. تقول إيرين ماكاريوس، أستاذة الإدارة المشاركة في جامعة أكرون في أوهايو، ينبغي للشركات أن تركز بشكل أكبر على الترقيات الداخلية، والقيام بتدريب منتظم أو محادثات مهنية. "كم مرة يقول أصحاب العمل، ’إلى أين تريد الذهاب تاليا؟‘".
تقول جافني لدى جيف وينر، الرئيس التنفيذي لشركة لينكد إن، فلسفة "الخطوة التالية"، حيث يتم تشجيع الموظفين على التخطيط لخطواتهم المقبلة، بما في ذلك بناء مستقبل وظيفي قد يشمل الانتقال خارج الشركة. عندما فكرت في بادئ الأمر في ترك المجموعة، كان المديرون والموجهون "داعمين للغاية. يعد جزءا من ثقافتنا إجراء محادثات مفتوحة" تشتمل على تحديد فرصتهم التالية ومناقشة كيفية الوصول إليها، بما في ذلك خارجيا.
يشعر عامر جان، مسؤول إقراض عقاري مقيم في نيويورك، بالسرور من عودته إلى مصرف سيتي بعد 18 عاما. أحد الجوانب الذي لاحظ أنه يختلف عن عمله السابق هو الثقة التي تأتي مع تقدم العمر. "إذا كانت لدي فكرة، سأتصل بالأشخاص، لا أهتم بأقدميتهم".

الأكثر قراءة