"المنع المظلل".. حقيقة أم خرافة؟

"المنع المظلل".. حقيقة أم خرافة؟

هناك نظرية مؤامرة مستمرة في عالم مشاهير الإنترنت تدعي أن منصات التواصل الاجتماعي تحب خفض أرقام المشاهدة لمعاقبة صانعي المحتوى. يعتقد أن ما يسمى بالمنع المظلل يقلل من الشعبية عن طريق الإخفاء. بغض النظر عن عدد المرات التي تقول فيها شركات التكنولوجيا إنها غير حقيقية، فإن الفكرة لا تزال قائمة.
تنتشر مخاوف المنع المظلل عبر كل منصة. في 2020، اتهمت منصة يوتيوب بأنها طبقت المنع المظلل على "بيوديباي"، أحد أشهر صانعي المحتوى، بعد أن اشتكى مستخدمون من عدم تمكنهم من رؤية قنواتهم في نتائج البحث.
في 2018، ادعى دونالد ترمب أن "تويتر" كان يطبق المنع المظلل على أصوات المحافظين. استخدم لاحقا هذه الادعاءات لإثارة الاهتمام بشركة وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة به "تروث سوشال"، التي تشبه "تويتر". كتب على المنصة الجديدة، "لن يكون هناك منع مظلل، أو تضييق، أو منع من التربح ماليا بوساطة الإعلانات، أو العبث بالخوارزميات للتلاعب السياسي".
مثل سائقي أوبر ودليفيرو، المؤثرون في وسائل التواصل الاجتماعي تحت رحمة الخوارزميات. هذا يجعلهم علفا مثاليا لنظريات المؤامرة. من المنطقي أيضا أن يشعر المؤثرون بالحيرة بسبب أي انخفاض مفاجئ في التفاعل ويخافون من التغييرات التي قد تعرض صفقات العلامات التجارية التي يوقعونها للخطر.
بدلا من التصديق بأن شعبيتهم تتضاءل، يتشبث بعض بفكرة أن المنع المظلل عبارة عن إجراء تأديبي يتم استخدامه ضد صانعي المحتوى الذين لا يستلزم حظرهم تماما من منصة ما. تقول النظرية إنه نظرا لأنهم لم ينتهكوا شروط الخدمة، فلا يمكن للشركة طردهم. بدلا من ذلك، تختار شكلا جبانا من أشكال الانتقام من خلال تضييق نطاق جمهور محتواهم. يتم إلقاء اللوم على شركات مثل إنستجرام لقيامها عمدا بتعديل خوارزمياتها لتقليل التفاعل.
ابحث على الإنترنت وستجد كثيرا من الأشخاص الذين يقولون إنهم يستطيعون مساعدة الحسابات على تخطي المنع المظلل. بالطبع هذا ممكن فقط في حال كان المنع المظلل موجودا. تصر شركات وسائل التواصل الاجتماعي على أنها مجرد خرافة. في 2018، قال آدم موسيري رئيس "إنستجرام" إنه "ليس شيئا حقيقيا". في العام الماضي، حاولت الشركة مرة أخرى، حيث كتبت مدونة مطولة حول طريقة عمل الخوارزميات، على أمل تبديد الإشاعة.
كتبت أنه إذا تفاعل أحد المستخدمين مع مقاطع فيديو لحساب آخر في الماضي، مثلا، من المرجح أن يشاهدوا مقاطع فيديو جديدة من المصدر نفسه. لكن هذا لا يعني أنه من المضمون أن يشاهدوا كل منشور. نشرت "تيك توك" أيضا شرحا مفصلا لتوصيات الفيديو الخاصة بها لتبديد فكرة التحيز. لا توجد شركة تريد المخاطرة بفقدان صانعي المحتوى المشهورين لمنافسيها لمجرد تراجع أعداد المشاهدين.
الحقيقة هي أن خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي تحاول إبقاء المستخدمين مستمتعين. تشتهر" تيك توك" بالاختيار العشوائي للمحتوى. تحاول الشركة عمدا عدم إظهار عدد كبير جدا من المقاطع من صانع المحتوى نفسه في فترة زمنية قصيرة. إنها تريد تغذية المستخدمين بنوع المحتوى الذي يرغبونه دون أن يصبح موحدا للغاية.
لكن من الصحيح أيضا أن الشركات يمكنها التدخل. هناك تعديلات مصممة لحماية المستخدمين من المحتوى غير المرغوب، وإزالة الصور الضارة. يصعب تبرير بعض القواعد. خدمة تحويل النص إلى كلام التي أطلقتها" تيك توك" العام الماضي بالتعاون مع ديزني لم تستطع نطق إحدى الكلمات. يدعي بعض صانعي المحتوى السود أن محتواهم لا يتم الترويج له على نطاق واسع مثل محتوى أقرانهم البيض.
من الصعب محاولة فهم نظام تكون قواعده مبهمة. هناك عديد من النظريات حول أفضل وقت في اليوم لنشر مقطع فيديو على" تيك توك" أو العدد الأمثل للوسوم لإضافتها إلى صورة على "إنستجرام". لكن لا شيء مضمون. تم تصميم المحتوى المروج لجذب الأذواق المتغيرة بسرعة. حتى إذا وجد صانع محتوى موضوعا يتماشى مع المشاهدين، فإنه يخاطر بفقدان التفاعل إذا استمر في نشر المحتوى نفسه كثيرا.
الإحباط الإضافي لصانعي المحتوى هو العثور على شخص ما لتقديم شكوى إليه. مثل معظم شركات التكنولوجيا الكبرى، لا توظف منصات التواصل الاجتماعي مثل" إنستجرام" و"تيك توك" كثيرا من الأشخاص مقارنة بإحصاءات المستخدمين الخاصة بهم. "إنستجرام "مملوكة لشركة ميتا، الشركة الأم لفيسبوك، التي كان لديها 71970 موظفا بدوام كامل في نهاية العام الماضي و3.59 مليار شخص يستخدمون واحدا على الأقل من منتجاتها كل شهر. هذا يمثل نحو موظف واحد لكل 50 ألف مستخدم.
لسوء الحظ بالنسبة إلى صانعي المحتوى الذين يجعلون وسائل التواصل الاجتماعي عملهم التجاري، فإن التفسير الأكثر ترجيحا لانخفاض عدد المشاهدات هو أن كل ما يقومون بنشره لا يضرب على وتر حساس لدى المشاهدين. الجمهور يشعر بالملل ويبحث عن محتوى آخر.
إذا كنت تكسب لقمة العيش من خلال جذب الانتباه، وتعتمد طريقة جذب هذا الاهتمام عبر منصات الطرف الثالث، فمن الصعب تحديد المخاطر. لا يمكن لأي قدر من المدونات حول الخوارزميات تغيير هذا الواقع.

الأكثر قراءة