ضربة موجعة لـ «تايجر كبز» بعد عمليات البيع «الوحشية» لأسهم شركات التكنولوجيا
في الأشهر الأخيرة، كثير من صناديق التحوط التي أنشأتها شركة تايجر مانيجمينت الاستثمارية التي يملكها جوليان روبرتسون تعرضت لخسائر فادحة، بعد انخفاضات كبيرة في أسهم شركات التكنولوجيا الأمريكية التي تمتلك كثيرا من الصناديق حصصا فيها.
مجموعة تايجر كبز "الشركات الأشبال"، بما فيها صندوق تايجر جلوبال الذي يملكه تشيس كولمان ويدير أصولا بقيمة 90 مليار دولار، وصندوق كوتيو مانيجمينت الذي يملكه فيليب لافونت، وصندوق لايت ستريت كابيتال الذي يملكه جلين كاتشر، قامت بدعم مجموعة مشابهة من الشركات من ضمنها "بيلوتون إنترآكتيف"، و"زووم" و"بلوك"، وفقا لتحليلات أجرتها "فاينانشيال تايمز".
كانت هذه الشركات هي الرابح الأكبر في المراحل الأولى من الجائحة. لكن بعضها، بما في ذلك "بيلوتون"، انخفضت بشكل حاد عن أعلى مستوياتها، حيث شكك المستثمرون في جاذبيتها في عالم ما بعد عمليات الإغلاق. كما تراجعت أخيرا بعض شركات التكنولوجيا الأكثر شهرة بين شركات تايجر كبز، مثل "أمازون" و"مايكروسوفت".
توقعات ارتفاع أسعار الفائدة هذا العام - خاصة في الولايات المتحدة - وجهت أيضا ضربة إلى مزيد من شركات المضاربة التي ستتأثر تدفقات أرباحها المستقبلية الكبيرة المتوقعة بسبب انخفاض تكاليف الاقتراض.
قال ديكسون بوردمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبتيما أسيت مانيجمينت، الذي عمل سابقا مع روبرتسون، إن "تايجر كبز" "كانت تشتري أسهم النمو اليوم وغدا، لكن الأرباح لم تتحقق في بعض ما كانوا يشترون". قال: "بالنسبة إلى ’الشركات ذات العائد المنخفض‘، كان ذلك عقابا قاسيا جدا من جميع النواحي".
أثرت تراجعات الأسهم عبر قطاع التكنولوجيا في عدد من شركات تايجر كبز، التي تحولت سجلات الأداء التي كانت ذات يوم عالية المستوى بالنسبة إليها إلى اتجاه معاكس في نهاية العام الماضي حتى في 2022.
قال أحد المطلعين في صناعة صناديق التحوط: "لقد كانت قاسية". قال إنه كان هناك "كم بالغ من الألم".
خسرت شركة تايجر جلوبال 7.5 في المائة العام الماضي و14.8 في المائة أخرى في كانون الثاني (يناير)، بينما انخفضت شركة لون باين، واحدة من شركات تايجر كبز، التي يملكها ستيف ماندل، 7 في المائة العام الماضي و10 في المائة أخرى في كانون الثاني (يناير)، كما يقول أشخاص اطلعوا على الأرقام. بينما انخفضت "لايت ستريت" 26 في المائة العام الماضي و15 في المائة في كانون الثاني (يناير).
شركات تايجر كبز، التي يصنف بعضها من بين أفضل صناديق التحوط أداء على الإطلاق، واجهت انتقادات في بعض الأحيان بسبب التداخل الكبير في استثماراتها.
أثبتت تحليلات أجرتها "فاينانشيال تايمز" لعمليات التسجيل التنظيمية أن 15 سهما من شركات التكنولوجيا امتلكت فيها مجموعة من الصناديق، ترجع أصولها إلى تايجر مانيجمينت التي يملكها روبرتسون، مراكز في كثير من الأحيان خلال العام الماضي.
كانت "بيلوتون" واحدة من أكثر الحيازات المؤلمة. خلال 2021، امتلك كل من "تايجر جلوبال"، و"كوتيو"، و"لايت ستريت"، و"دي ون" و"فايكينج" حيازات، مع شراء الأخيرين الأسهم في وقت مبكر من ذلك العام. كان لدى "تايجر جلوبال" أكثر من مليار دولار في منتصف العام، عندما كان يتم تداول السهم عند نحو 124 دولارا.
ارتفع سعر سهم بيلوتون من 28 دولارا في نهاية 2019 إلى ذروته عند أكثر من 170 دولارا في أوائل 2021، حيث راهن المستثمرون على أن صانع دراجات اللياقة البدنية وأجهزة المشي الموصولة سيزدهر أثناء عمليات الإغلاق.
لكنه انهار منذ ذلك الحين إلى أقل من 25 دولارا، متأثرا بسحب المنتجات وعدم تحقيق المبيعات المستهدفة. كما تضررت سمعة الشركة عندما تعرضت شخصية في البرنامج التلفزيوني "بيليونز" لأزمة قلبية أثناء استخدام دراجة "بيلوتون"، كذلك العام الماضي عندما ماتت شخصية محورية في أحد المسلسلات الشهيرة الأخرى بعد استخدام الدراجة. خلال 2021، باعت كل من "دي ون" و"لايت ستريت" مراكزها في الوقت الذي زادت فيه "تايجر جلوبال" حيازاتها.
بعض صناديق التحوط تمكنت من جني الأرباح بعد وضع الرهان المعاكس لشركات تايجر كبز. مثلا، قلل جيمس هانبري من شركة أودي أسيت مانيجمينت، من حيازاته في "بيلوتون" حتى أواخر العام الماضي - حيث راهن على انخفاض سعر سهمها - وفقا لوثائق اطلعت عليها "فاينانشال تايمز".
قال أحد العاملين في الصناعة الذي حقق صندوقه الربح بوضع رهان معاكس لشركة بيلوتون: "من المدهش أنهم ضيعوا تلك الفرصة"، في إشارة إلى مراكز "تايجر كبز" في السهم. أضاف الشخص: "لم يكن الأمر كما لو كانت هذه المشكلات مخفية".
كانت شركة زووم، التي تملك تطبيق عقد المؤتمرات عن طريق الفيديو، من أولى الشركات الرابحة أثناء عمليات الإغلاق لكن أسهمها تراجعت بشكل حاد منذ ذلك الحين. وكانت كل من كوتيو، وتايجر جلوبال ولايت ستريت داعمين لأسهمها، على الرغم من أن لايت ستريت باعت حصتها في الربع الأخير من العام الماضي. تراجعت الأسهم، التي بلغت ذروتها عند أكثر من 580 دولارا في أواخر 2020، من 337 دولارا في بداية العام الماضي إلى نحو 110 دولارات مع تباطؤ المبيعات.
أسس روبرتسون شركة تايجر مانيجمينت في 1980 وتم إغلاقها في 2000. كانت الشركة من أوائل الشركات الريادية في صناعة صناديق التحوط، وتعرف أيضا بأنها واحدة من أكثر شركات الاستثمار نفوذا على مر العصور.
لكن شركة تايجر مانيجمينت أنتجت كثيرا من شركات تايجر كبز "الأشبال" وما يسمى شركات جراند كبز "الأشبال الأحفاد"، مثل "دي ون"، التي خرجت من صلب شركة فايكينج، واحدة من شركات تايجر كبز. يمكن أيضا إرجاع جذور نحو 200 شركة إلى "تايجر".
تبنت كثير من الشركات أساليب استثمارية مشابهة، مع تركيزهم على شركات التكنولوجيا التي تتمتع بمكانة قوية في السوق في المجالات التي تتطلب اجتياز معوقات عالية للدخول فيها، حتى لو كانت تتداول على تقييمات قد تبدو عالية بالنسبة إلى المقاييس التقليدية.
العام الماضي، نشر لافونت مؤسس "كوتيو" تغريدة ذكر فيها: "في كثير من الأحيان، لا أستطيع فهم التكنولوجيا الجديدة ولكن إذا كان المؤسس ملتزما فيها للغاية لدرجة أنها تشعرني بأنها 'سحرية'، حينها أحاول الاستثمار على أي حال. بمجرد أن يدخل المال على الخط، يحدث التعلم دائما بصورة أسرع!".
العام الماضي، كتب كولمان، مؤسس "تايجر جلوبال"، في خطاب المستثمر الذي اطلعت عليه "فاينانشيال تايمز"، أن الفريق "ممتن لبدء حياتنا المهنية في الاستثمار في وقت كان فيه عصر الإنترنت يبدأ للتو". أضاف أن أحد أخطائه في الاستثمار كان بيع الأسهم بما في ذلك أسهم "نيتفلكس" و"بيلوتون" في وقت مبكر جدا، ليقوم بشرائها مرة أخرى في وقت لاحق بتقييمات أعلى بكثير.
قال جيم نيومان، كبير مسؤولي الاستثمار في "ساسيكس بارتنرز"، الذي يقدم المشورة للعملاء بشأن استثمارات صناديق التحوط، إن شركات تايجر كبز قد انتهى بهم الأمر بامتلاك بعض الأسهم نفسها لأنهم "دفعوا للتوجه إلى تلك الأسماء بزخم تصاعدي"، في حين أن أحجام أصولهم الكبيرة يمكن أن تعني أنها ممتلئة استعدادا للحصول على مخزون أكبر.
قال أحد المستثمرين في صندوق التحوط، في إشارة منه إلى الاستثمار في صناديق تايجر كبز: "إذا اشتريت واحدا فستشتريها كلها".
امتنعت كل من "تايجر جلوبال"، و"كوتيو"، و"فايكنج"، و"مافيريك"، و"لون باين"، و"دي ون" و"لايت ستريت" عن التعليق.
في حين أن بعض شركات تايجر كبز قد قلصت مراكزها أثناء تراجعات السوق، يبدو أن عددا منها لا يزال متمسكا بأسلوبها الاستثماري. في أواخر العام الماضي، كتبت كل من "تايجر" و"دي ون" إلى المستثمرين تمنحهم فرصة لاستثمار مزيد من الأموال في هذه الآليات التي عادة يصعب الوصول إليها، كما يقول أشخاص مطلعون على هذه التحركات.
الشهر الماضي، أجرى كولمان وسكوت شلايفر من "تايجر جلوبال" اتصالا مع المستثمرين، حيث أكدا على قناعتهما بهذه العملية ووضحا فرص الشراء في السوق. إضافة إلى "بيلوتون"، زاد الصندوق من مراكزه في "بلوك" و"زووم" خلال الربع الرابع.
في حين أن الأداء كان مخيبا للآمال في الأشهر الأخيرة، إلا أن كثير من المستثمرين ما زالوا يدعمون شركات تايجر كبز لكي تزدهر مرة أخرى.
قال مايكل ستورم جيسكي، الذي عمل سابقا في شركة شومواي كابيتال، إحدى شركات تايجر كبز، ويدير الآن شركة ماكرو للأبحاث: "لا يزال أمام تداول أسهم التكنولوجيا المعممة طريق طويل لتقطعه. بشكل عام، شركات تايجر كبز هي سادة تداول أسهم التكنولوجيا".