وحدة الرياح التابعة لـ "سيمنز إنرجي" تنحرف عن مسارها

وحدة الرياح التابعة لـ "سيمنز إنرجي" تنحرف عن مسارها
ديون شركة الطاقة الخضراء التي تعمل في أكثر من 90 دولة تزيد على مليار يورو.

أظهر كريستيان بروش نبرة تحد، حتى مع احتجاج مجموعات من المراهقين بشكل روتيني على تغير المناخ في الشوارع أسفل مكتبه في ميونيخ.
قال بروش لـ"فاينانشيال تايمز" في صيف 2020، بينما كان يستعد لرئاسة شركة سيمنز إنرجي: "يبحث الجميع عن حل سحري (...) يجعل (الطاقة) مستدامة بين عشية وضحاها، (لكن) على مدى العقود المقبلة سنحتاج إلى الغاز الطبيعي".
فشل موقفه غير العصري في الوصول إلى المستثمرين. بعد أسابيع، وعلى خلفية عودة ظهور حزب الخضر، تراجعت "سيمنز إنرجي" في أول ظهور لها في سوق الأسهم في فرانكفورت بعد أن أصبحت أكبر شركة فرعية في ألمانيا على الإطلاق. الذين استثمروا في الشركة كانوا أكثر انجذابا إلى نشاطها الوحيد في مجال الطاقة النظيفة - الشركة الإسبانية سريعة النمو لتوربينات الرياح سيمنز جاميسا، أو "إس جي آر إي".
مع ذلك، وحدة الطاقة المتجددة هذه - وليست عقود الغاز والفحم التي تشكل الجزء الأكبر من الميزانية العمومية لـ "سيمنز إنرجي" - هي التي تهدد الآن مستقبل الشركة وتسبب المتاعب لأكبر مساهم فيها، شركة سيمنز.
بعد 18 شهرا وأربعة تحذيرات بشأن الأرباح، محت "إس جي آر إي" مليارات اليوروهات من القيمة السوقية لمالكة حصص الأغلبية فيها. بحسب نيكولاس جرين، محلل في "بيرنشتاين"، فإن حصة "سيمنز إنرجي" البالغة 67 في المائة في وحدة طاقة الرياح جعلتها "غير قابلة للاستثمار". الخميس، واجه بروش وبقية فريق إدارة "سيمنز إنرجي" مستثمرين غاضبين في الاجتماع السنوي للمجموعة. كان لدى المساهمين لائحة اتهامات طويلة.
على الرغم من إضافة 1.4 مليار يورو من طلبيات طاقة الرياح البرية مع ارتفاع الطلب على الطاقة المتجددة بعد مؤتمر المناخ كوب 26، سجلت "إس جي آر إي" خسارة قدرها 289 مليون يورو جراء تراكم الطلبيات في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام المالي.
ارتفاع تكاليف المواد الخام وتغييرات اللحظة الأخيرة باهظة الثمن على توربينات 5 إكس- المصممة للتعامل مع الدوارات الكبيرة وزيادة إنتاج الطاقة في جميع ظروف الرياح - تركت "إس جي آر إي "مع ما تسميه "العقود الشاقة". ديون شركة الطاقة الخضراء التي تعمل في أكثر من 90 دولة تزيد على مليار يورو.
"في الوقت الحالي، لا نثق بتوقعاتكم"، كما قال إنجو سبيش، مدير محفظة في شركة ديكا، إحدى الشركات المساهمة في" سيمنز إنرجي"، لكبار مسؤولي الشركة في الاجتماع، بعد أن أصر بروش على أن "سوق الرياح سليمة" وأن "جميع المقاييس إيجابية".
أضاف سبيش: "لقد دمرت ثقة سوق رأس المال ويجب الآن استعادتها بشق الأنفس".
تتردد أصداء مشكلات "إس جي آر إي" خارج مجلس إدارة "سيمنز إنرجي". وأثارت شكوكا بين المديرين التنفيذيين حول ما إذا كان بإمكان الشركات الأوروبية والأمريكية المنافسة في قطاع طاقة الرياح، أو ما إذا كانت الواردات الآسيوية الأرخص ثمنا ستقوضها في النهاية كما هو الحال مع الطاقة الشمسية.
قال شخص مقرب من "سيمنز إنرجي"، مشيرا إلى قطاع الرياح: "لا يوجد مجمع للأرباح حاليا". في الواقع، وبعد أسبوع من التحذير بشأن الأرباح الأخير لـ"إس جي آر إي"، حذرت الشركة المنافسة فيستاس من مزيد من الاضطرابات بعد أرباح مخيبة للآمال، في حين قالت شركة جنرال إلكتريك إن قسم الرياح التابع لها تكبد خسارة قدرها 312 مليون دولار في الربع الأخير من 2021.
أضاف ذلك الشخص: "إذا (بقيت) السوق على هذا النحو، فلن تكون لدينا شركة غربية تعمل في (طاقة الرياح). سيأتي الصينيون في النهاية بمبادرة الحزام والطريق، والشيء التالي الذي سيفعلونه هو تصدير توربينات الرياح البرية، مهما كان السعر".
يلقى باللائمة في الكثير من المشكلات التي تعانيها" إس جي آر إي"على الإدارة الفوضوية. منذ أن قاد جو كايسر، الرئيس التنفيذي السابق لـ"سيمنز"، عملية الدمج مع "إس جي آر إي" في 2017، توالى على الشركة أربعة مديرين تنفيذيين وخمسة مديرين ماليين وخمسة مديرين لوحدة طاقة الرياح البرية وخمسة مديرين لوحدة طاقة الرياح البحرية ومديران للخدمات، وفقا لتحليل أجراه "جيه بي مورجان".
قال شخص آخر مقرب من "سيمنز إنرجي" إنه كان هناك "عدم تكامل" و"وافتقار لرؤية" المشكلات.
كانت بعض الزلات هزلية في طبيعتها تقريبا. في كانون الثاني (يناير) 2020، مثلا، كان على "إس جي آر إي" تعديل هدف الأرباح بعد أن تحملت أكثر من 100 مليون يورو من التكاليف حيث تأخرت المشاريع في النرويج بسبب "رداءة حالة الطرق وبداية الطقس الشتوي مبكرا على غير العادة". قال أحد الأشخاص ساخرا، لقد أخفقت الشركة في توقع تساقط الثلوج في دول الشمال.
لقد لعبت الفوضى في سلسلة التوريد دورا أيضا. لكل كيلوواط، هناك مواد خام في تثبيت توربينات الرياح أكثر بـعشرة مرات من الوقود الأحفوري - ونحو 400 طن من الفولاذ في التوربين الواحد. يتم توقيع عقود طاقة الرياح قبل التسليم بعامين أو ثلاثة أعوام، ما ترك الموردين مثل "إس جي آر إي" عرضة للتقلبات الأخيرة في أسعار المواد الخام.
لا تظهر مثل هذه الضغوط علامات تذكر على التراجع، ولا تزال "سيمنز إنرجي" تقيم الآفاق التجارية لـ "إس جي آر إي".
تهدف المجموعة الألمانية إلى تحقيق هامش ربح يراوح بين 8 و10 في المائة لجميع شركاتها، ويتوقف مستقبل "إس جي آر إي" على قدرتها على تحقيق عائد مشابه، وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر.
قال كايسر، الرئيس الحالي لـ"سيمنز إنرجي"، لـ"فاينانشيال تايمز" إنه على الرغم من أن سيمنز "اختارت متعمدة" عدم إنفاق الأموال على شراء "إس جي آر إي" فورا في 2017، عندما كان مستقبل صناعة الرياح الناشئة لا يزال غير مؤكد، كانت خطة شركتي سيمنز وإس جي آر إي هي "تشكيل السوق" وكان "لا يزال على قناعة بأن الطاقة المتجددة ستكون مصدر الطاقة في المستقبل".
في حين أن قطاع طاقة الرياح البرية لـ"إس جي آر إي" يعاني الصعوبات، إلا أنها تمتلك وحدة طاقة رياح بحرية مربحة ومتنامية، التي يأمل المستثمرون أن تكون خطة للتحول.
قالت فيرا ديل، مديرة محفظة في "يونيون"، أحد أكبر خمسة مساهمين في "سيمنز إنرجي": "لن يتطلب الأمر على الأرجح الكثير لتحقيق الاستقرار في الشركة". أضافت: "يتطلع الجميع للاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، لذا فإن التوقعات منخفضة للغاية".
أضافت ديل أن التخلص من "إس جي آر إي" بالكامل سيكون خطوة إلى الوراء. "المشكلة هي (...) هل يستطيع مدير صندوق ما أن يكون مساهما مخلصا لسيمنز إنرجي؟".
أشار بروش إلى أنه على الرغم من التوقعات بأن السوق ستنمو 250 في المائة على مدار الـ30 عاما المقبلة، فإن تحقيق ربح ثابت من طاقة الرياح، كما هو الحال مع الوقود الأحفوري، سيستغرق وقتا ويتطلب إدارة صبورة.
قال: "أعتقد أنه في وقت ما كان ينظر إلى (الرياح) على أنها سهم تكنولوجي"، ولكن مع تجميع الشفرات في الموقع لكل عملية تثبيت، فإن التوربينات "لا تزال منتجا ومشروعا وخدمة".
قد لا تكون رسالته، كما في صيف 2020، رسالة تريد السوق أو المجتمع سماعها، خاصة بعد أن أوقفت ألمانيا فعليا تطوير خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 من روسيا.
قال بروش لـ"فاينانشيال تايمز": "إذا كنا نعتقد أنه من السهل تحقيق إمدادات طاقة مستدامة وأقل ثمنا بين عشية وضحاها، فإننا نخدع أنفسنا".
"ستكون تلك قصة رائعة. لكنها ليست صحيحة".

الأكثر قراءة