تدفقات متوقعة بمليارات الدولارات لدول الخليج قريبا .. أوزانها بالمؤشرات العالمية على وشك الارتفاع
من المنتظر أن تحصل أسواق المال الخليجية "بورصات الأسهم و أدوات الدين الدولارية" على أخبار إيجابية خلال الـ50 يوما المقبلة، وذلك بعد تواتر أنباء إمكانية حصول تغيرات سريعة واستثنائية في أوزان دول منطقة الخليج برفقة دول الأسواق الناشئة بمؤشرات الأسهم ومؤشرات أدوات الدخل الثابت التابعة لفوتسي و MSCI وغيرها.
وتأتي تلك التطورات في ظل ترجيح مديري الأصول والمراقبين أن تسفر الاجتماعات التي جرت في الأيام الماضية أو التي ستجري خلال الأسبوع الحالي مع الجهات التي تدير مؤشرات الأسهم والسندات لفئة الأسواق الناشئة من استبعاد كلي أو جزئي أو تدريجي لروسيا من المؤشرات خلال جدول زمني محدد، الأمر الذي سيقود إلى إعادة ترتيب أوزان كافة دول الأسواق الناشئة وذلك عبر زيادة وزن كل دولة.
وتتباين آلية التعامل من جهة إلى أخرى، مع ترجيح الاستبعاد الكلي مع الأسهم الروسية مقارنة بسنداتها.
ولن يكون أثر الزيادة باديا للدول ذات الأوزان الصغيرة، إلا أن تأثير الزيادة سيكون أوضح مع المنطقة الخليجية والشركات الأكبر وزنا و الصين وكوريا والهند وتايوان.
ومع هذا فلن تحصل دول الأسواق الناشئة على تلك التدفقات إلا بعد زوال قيود تنفيذ طلبات المستثمرين الأجانب بالبورصة المحلية لروسيا ومن ثم تحديد موعد تنفيذ ترتيبات إعادة أوزان الدول الذي ستكشف عنه الجهات التي تدير مؤشرات لاحقا.
وسارعت الجهات التي تدير مؤشرات أدوات الدخل الثابت بالأسواق الناشئة من وتيرة إجراءاتها للنظر بشأن وجود الائتمان الروسي بأوزانها وذلك في خضم التطورات الحالية التي تصعب من إمكانية تنفيذ الصفقات في السوق الثانوية، وينتظر أن تشرع الجهات المالكة للمؤشرات بتقديم توضيحات للمستثمرين خلال الأيام المقبلة.
إلا أن أعين المستثمرين لا تزال موجهة نحو الجهات التي تدير مؤشرات الأسهم، وذلك بحكم انكشاف العديد من المستثمرين على البورصة الروسية التي تعد مسألة تنفيذ الصفقات بها أصعب للمستثمر الأجنبي.
وأعلنت أولى الجهات عن نيتها استبعاد الأسهم الروسية وحددت إطارا زمنيا لها هي فوتسي و MSCI، حيث قالت MSCI الخميس أن إعادة ترتيب التصنيف سيتم تنفيذها خلا خطوة واحدة على جميع مؤشرات أسهمها وذلك في 9 آذار (مارس).
وكان السبب الرئيس لاستبعاد الأسهم الروسية لكونها على حد وصف المستثمرين غير قابلة للاستثمار في ظل القيود الحالية من البنك المركزي الروسي.
وتلعب مؤشرات الأسهم والسندات العالمية دورا مؤثرا في جذب مليارات الدولارات لاقتصادات الدول التي يتم ترقيتها لتكون ضمن المؤشرات.
ونقلت الفاينانشيال تايمز الخميس عن فوتسي قولها إنها ستستبعد الأسهم الروسية من مؤشراتها في 7 آذار (مارس)، في قرار ينتظر أن يحذوه نظراؤها الآخرون.
وتعد شركة "بلاك روك" ومجموعة "فانجارد" بين أكبر شركات إدارة صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة الروسية، وتكافحان لإيجاد طريقة للتخلص من حصص في الشركات التي فرضت عقوبات عليها.
ومن المتوقع أن تحدد الجهات المالكة للمؤشرات التي لم تعلن عن قرارها حتى الآن، مواعيد اجتماعاتها القادمة من أجل إجراء مراجعة لأوزان المؤشرات التي قد يتم على أثرها رفع أوزان دول الأسواق الناشئة في حال إجراء تخفيض مؤثر لوزن روسيا.
وحتى الآن غير معروف نسبة الأوزان الجديدة لدول الخليج أو شركات المنطقة بحكم تكتم الجهات المالكة للمؤشرات على مثل هذه القرارات لحساسيتها، إلا أن المؤكد أن الأيام المقبلة ستكشف إعلانات متتابعة حول آلية التنفيذ.
ووفقا لما ذكرته مصادر مطلعة لوكالة بلومبيرج، ينوي "جيه بي مورجان تشيس" حذف السندات الروسية من مؤشر "جيه بي مورجان" للسندات المتوافقة مع معايير البيئة والمجتمع والحوكمة في الأسواق الناشئة، ومؤشر "جيه بي مورجان" للتنوع العالمي للسندات الحكومية المتوافقة مع معايير البيئة والمجتمع والحوكمة في الأسواق الناشئة.
وكانت أول جهة عالمية قد قامت باستبعاد سندات الجهات الروسية التي طالتها العقوبات هي Intercontinental Exchange (ICE).
وتدير هذه الجهة مؤشر أدوات الدين السيادية المقومة الدولار، الذي يديره بنك أوف أمريكا ميريل لينش مع (ICE) والمعروف اختصارا بـICE BofAML index، حيث يصل وزن السعودية به إلى 13.1 في المائة مقابل 4.2 في المائة للسندات السيادية الروسية.
واعتمد تحليل وحدة التقارير الاقتصادية على بيانات منصة الأبحاث لـ CreditSights التي تنشر أداء الدول المندرجة بمؤشر ميريل لينش بصفة أسبوعية.
ومنصة أبحاث CreditSights تعد أحد أهم الأصوات الرائدة بأسواق الائتمان العالمية التي تستمع لها صناديق التحوط وشركات إدارة الأصول فيما يتعلق بتقييم مخاطر الائتمان الخاصة بالأوراق المالية الاستثمارية.
وفي الأيام الماضية، أخذت وسائل الإعلام الاقتصادية العالمية تتناقل عن نية الجهات التي تدير مؤشرات الأسهم والسندات على استبعاد روسيا منها.
وتقوم الجهات التي تدير المؤشرات باستشارة المستثمرين المؤسسيين قبل الإقدام على خطوة الاستبعاد المرشحة بأن تتسع رقعتها.
وأشار تحليل وحدة التقارير الاقتصادية إلى أن إعادة ترتيب أوزان الدول المنتظرة ستؤدي إلى تسرب مليارات الدولارات للأسهم والسندات الخليجية بعد تفعيل استبعاد روسيا من المؤشرات بحكم ضخامة وزن المنطقة الخليجية بمؤشرات الأسواق الناشئة.
ويعيش العديد من مديري الأصول ضغوطا لاستبعاد الأصول الروسية من محافظهم.
واستبعاد الأسهم الروسية من مؤشرات الأسهم والدين سيقود لإعادة توزيع الوزن الروسي ورفع أوزان دول الأسواق الناشئة بالمؤشرات.
ويبرر القائمون على المؤشرات تلك الخطوة بالعقوبات وعن عدم استطاعة المستثمرين من تنفيذ صفقات على الأوراق المالية الروسية.
وأشارت صحيفة "بزنس ستاندرد" الهندية عن أحد المحللين إلى قوله إن استبعاد روسيا عن مؤشر شركات الأسهم الصغيرة سينتج عنه تسييل 15.7 مليار دولار وكون السوق الهندية ستستفيد من التدفقات المالية المتوقعة.
وأوقفت بورصتا نيويورك للأوراق المالية وناسداك الأمريكيتان، تداول أسهم عديد من الشركات الروسية في أعقاب أحدث موجة من العقوبات الأمريكية على روسيا بسبب تدخلها في أوكرانيا.
بينما علقت شركة الاستثمار المالي الأمريكية بلاك روك طرح أسهم جديدة في صندوق استثمار قابل للتداول يرتبط بأسهم روسية، على خلفية الحرب الروسية ضد أوكرانيا.
وأشارت "بلومبيرج" إلى أن قرار "بلاك روك" يأتي في وقت تسعى فيه شركات الاستثمار المالي وإدارة الأصول من كل الأطياف إلى احتواء العاصفة التي فجرتها العقوبات الغربية على روسيا بسبب التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا.
جي.بي مورجان
وبحسب رصد الصحيفة، فإنه لأول مرة بمؤشر سندات جيه بي مورجان العالمي، فإن هناك دولتان خليجيتان ضمن الخمسة الأوائل لأكبر الدول التي لدى المستثمرين الأجانب انكشاف كبير على إصداراتهم.
وقالت جيني كوسقراف المتحدثة باسم جيه.بي مورجان، لـ"الاقتصادية"، إن المكسيك تحتل المرتبة الأولى متبوعة بإندونيسيا والصين والإمارات والسعودية.
أما على صعيد الإصدارات المقومة بعملة الاتحاد الأوروبي، فقد حافظت السعودية على المرتبة 16 بمؤشر سندات الأسواق الناشئة العالمي المتنوع المقوم باليورو Euro EMBIG Div الذي يديره جي.بي مورجان.
ووفقا للبيانات التي حصلت عليها الصحيفة من بنك الاستثمار الأمريكي فقد سجل وزن السعودية بهذا المؤشر زيادة بمقدار 26.86 في المائةعلى أساس سنوي، حيث يقف الوزن عند 2.55 في المائة بنهاية 2021 مقارنة بـ2.01 في المائة في 2020.
في حين أشارت حسابات وحدة التقارير الاقتصادية إلى تسجيل القيمة السوقية لأدوات الدين المقومة باليورو أكبر زيادة لها على أساس سنوي وذلك بعد بلوغها 43.82 في المائة، حيث وصلت القيمة السوقية إلى 4.66 مليار يورو بنهاية 2021 مقارنة بـ3.24 مليار يورو عن 2020.
وأسهم ضم جي.بي مورجان لأدوات الدين السعودية، المتداولة بالبورصات العالمية، لمؤشراته قبل أكثر من ثلاثة أعوام في إحداث تحسن مطرد في السيولة الثانوية وتعظيم قاعدة المستثمرين الأجانب عما كانت عليه.
وتتم هيكلة صناديق أدوات الدخل الثابت (التابعة لشركات إدارة الأصول العالمية) لكي تتبع أوزان كل دولة أو شركة تدرج ضمن المؤشر بشكل أوتوماتيكي، الأمر الذي يزيد من تدفق الاستثمارات وتخفيض تكلفة الاقتراض.
وزن المنطقة الخليجية
من ناحية أخرى، سجل معروض الدول الخليجية من أدوات الدين الدولارية قفزات قياسية في أهم مؤشر لقياس أداء سندات الأسواق الناشئة تابع لجي بي مورجان.
وأظهر رصد الصحيفة الذي استند إلى بيانات بنك أبوظبي الأول، أن وزن المنطقة الخليجية بمؤشر جي.بي مورجان لسندات الأسواق الناشئة ارتفع بمقدار 966 في المائة خلال ظرف ثلاثة أعوام مقارنة بالوزن الإجمالي البالغ 2.1 في المائة بنهاية 2018. علما أن وزن دول الخليج مجتمعة بمؤشر "سندات الأسواق الناشئة" مستمر في التصاعد.
وأظهر الرصد أن وزن دول الخليج مجتمعة بلغ مع المؤشر الدولي لسندات الأسواق الناشئة EMBI Global 22.4 في المائة في 2021 مقارنة بـ20.7 في المائة في 2020.
وبذلك تصبح الديون السيادية للخليج جزءا لا يتجزأ من محافظ شركات إدارة الأصول العالمية سواء الخاملة منها أو النشطة.
مراحل متدرجة
ومعلوم أن المركز الوطني لإدارة الدين، بالنيابة عن وزارة المالية توقع في 2019 أن تصل قيمة التدفقات نحو أدوات الدين السعودية إلى 11 مليار دولار وذلك ما بين 31 كانون الثاني (يناير) 2019 (وهو تاريخ الانضمام الفعلي للمرحلة الأولى) و 30 أيلول (سبتمبر) من العام نفسه.
وبحسب توقعات المتخصصين بأسواق الدخل الثابت فمن المفترض أن هذا الانضمام جلب ما بين 25 في المائة إلى 33 في المائة كتدفقات إضافية نحو أدوات الدين السيادية للمملكة وهي استثمارات بالأوراق المالية للسعودية لم تكن في المتناول قبل 2019. في حين تصل هذه النسبة إلى 50 في المائة للكويت التي لديها إصدار واحد مؤهل وهي سندات الأعوام العشرة.
وبسبب وصول الديون الخليجية "المضافة" والقديمة ما بين 15 في المائة إلى 20 في المائة، فإن القائمين في ذلك الوقت، على المؤشر ارتؤوا أن تتم عملية الدخول للمؤشرات عبر عدة مراحل وذلك على مدى تسعة أشهر، وذلك كي لا يتسبب الحجم الكبير للديون الخليجية في إحداث اضطرابات بالديون الأخرى مع تحويل الصناديق الأموال إلى أدوات الدين الخليجية.
خروج سندات من المؤشرات
ومن المنتظر أن يتم خروج الإصدارات التي يحين استحقاقها هذا العام من مؤشرات جي.بي مورجان وذلك وفقا للإرشادات التنظيمية لكل مؤشر.
ويحل في 2022 أجل استحقاق يقدر بـ18.1 مليار ريال لسداد أصل الديون الدولية منها استحقاق نيسان (أبريل) الذي بموجبه سيتم سداد رأس المال والأرباح المتبقية لصكوك دولارية خمسية بعائد 2.89 في المائة تم إصدارها بقيمة 4.5 مليار دولار تعادل 16.8 مليار ريال.
واستندت تحليلات وحدة التقارير الاقتصادية الخاصة بمواعيد آجال الاستحقاق على البيانات التي حصلت عليها من منصة "فاكتست" FactSet للخدمات المالية.
ولدى "فاكتست" واحدة من أشهر منصات التحليلات المالية التي يستعين بها المجتمع الاستثماري العالمي من أجل تقييم الأوراق المالية وبناء القرار الاستثماري.
مقدار التدفقات الخليجية
وبشكل عام هناك تباين في مقدار التدفقات الخاملة والنشطة التي يتوقع لها أن تنجذب لأدوات الدين الخليجية.
والسبب في ذلك يرجع لكون الصناديق النشطة قامت في أواخر 2018 بشراء كمية ضخمة من الديون الخليجية ترقبا لإعلان انضمامها أوائل 2019 وهذا ما حدث.
ويظهر رصد الصحيفة لتوقعات بيوت الخبرة بشركات إدارة الأصول العالمية والإقليمية أن التدفقات المتوقعة للسعودية قبل إعلان خبر الانضمام في كانون الثاني (يناير) 2019 كانت تتراوح ما بين 10 و 11 مليار دولار وللإمارات بقيمة ثمانية مليارات دولار.
لكن بعد الانضمام الرسمي في أواخر كانون الثاني (يناير) فإن هذا الرقم وصل إلى سبعة مليارات دولار للسعودية وخمسة مليارات دولار للإمارات ونحو 30 مليار دولار لمنطقة الخليج.
وهذا الأمر أكدته للمرة الأولى مذكرة بحثية صادرة من بنك أوف أمريكا ميريل لينش التي ذكر فيها أن صناديق كثيرة زادت انكشافها على السعودية، وهو ما قلص إلى حد ما فرص المزيد من الشراء إلا أن ردود المستثمرين، في ذلك الوقت، كانت تشير إلى أنهم لم يصلوا بعد إلى الوزن الكامل، بينما يتحرك المستثمرون الخاملون تمشيا مع المؤشرات التي تضيف نسبة معينة من أدوات الدين بشكل شهري.
الانضمام لم يكن سهلا
تاريخيا، دائما ما عانت أدوات الدخل الثابت من عدم حصولها على التقدير اللازم (كأصول متميزة عن غيرها من الأسواق الصاعدة). ونتج عن ذلك عدم وجود نوعية الأصول تلك بمعظم محافظ شركات إدارة الأصول المتخصصة في الاستثمار في الأسواق الناشئة.
إلا أن الأمر برمته بدأ بالتغير تدريجيا مع نهاية كانون الثاني (يناير) 2019 عندما شرعت مؤشرات جي بي مورجان بإضافة الديون الخليجية إلى مؤشراتها الرئيسة التي تتبع أداءها الصناديق المتخصصة بأدوات الدخل الثابت.
وعملية الانضمام لهذا المؤشر تأخرت بشكل كبير، ويعود ذلك بسبب وجود معيار صارم يفيد بأن دول الخليج تقع في مرتبة عالية جدا على مؤشر البنك الدولي لتصنيف الدخول المرتفعة تتجاوز المعايير العادية التي تؤهل للإدراج في مؤشر الأسواق الناشئة وهو أن يكون دخل الفرد أقل من 20 ألف دولار، حيث إن دخل الفرد في الإمارات يصل إلى 40 ألف دولار مقارنة بـعشرة آلاف دولار في البرازيل.
بيد أنه تم إيجاد منهجية أخرى تسمح لدول الخليج أن تكون ضمن تصنيف الأسواق الناشئة مثل "نسب تعادل القوة الشرائية" التي يستخدمها صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للمقارنة بين ثروات مختلف الدول.
وهذا المؤشر يمكن استخدامه في بعض الأحيان لمقارنة مستويات المعيشة بين دولتين أو أكثر، وهذا المعيار يستخدم أيضا لقياس تكلفة شراء سلة سلع مماثلة لعملات دول أخرى في الأسواق الناشئة.
وبالنسبة للصكوك، فإن الأنظمة الداخلية للمؤشرات تسمح باختيار الصكوك الصادرة من جهات الإصدار المؤهلة، وذلك شريطة أن تكون الصكوك حاصلة على تصنيف ائتماني من إحدى وكالات التصنيف الائتماني العالمية وتاريخيا تمت إضافة الصكوك للمؤشر منذ أواخر 2016.
وحدة التقارير الاقتصادية