رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


واضح الرؤية .. المعرفة والعزيمة

 في عام 2018 أجرت مجلة "أتلانتيك" الأمريكية، حوارا مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وقد وصف اللقاء بأنه لقاء الصراحة غير العادية، حيث كان ولي العهد شفافا ولديه رؤية واضحة في شأن عديد من الأمور والقضايا محليا وخارجيا، وبعزم وإصرار على المضي قدما نحو إنجاز مستهدفات رؤية المملكة 2030.

لقد مضى وقت منذ ذلك اللقاء وتغير المشهد السياسي، وتبدلت الظروف الاقتصادية، ومضت رؤية المملكة 2030 بقيادة الأمير محمد بن سلمان، في تحقيق مستهدفاتها، لتعود مجلة "أتلانتيك" لفتح صفحة حوار جديدة مع ولي العهد، الذي تحدث بالشفافية والصراحة أنفسهما، وبالقيم والروح العالية من الإصرار والتحدي أنفسهما.

وإذا كان الحوار الذي تم في 2018، ولم تكن إنجازات رؤية المملكة 2030 قد ظهرت وبدأت تتحقق، فإن الحديث اليوم يأتي وفي المملكة مزيد من الحداثة، ومزيد من التقدم، فقد حققت قفزات تاريخية، وتقدما في الصعد كافة، التي وعد الأمير محمد بن سلمان، المواطنين والعالم بتحقيقها، فلم يكن الحوار الجديد إلا تأكيدا على مصداقية الأمير وعزمه الذي لا يلين، فهو المدرك للقضايا كافة، والعارف ببواطن الأمور، والمشكلة والحل.

لقد أشار ولي العهد إلى أن الأمر اليوم مختلف عما كان سابقا، ومنذ 2018 كل شيء بات في مكانه الصحيح، فهناك أشخاص يعملون، وحكومة جيدة وخطط موضوعة، وحققت المملكة خطوات جبارة في مكافحة الفساد وإصلاح الأنظمة القضائية، وإصلاحات أخرى في المنظومة الاقتصادية وحوكمة الإجراءات.

هكذا تمضي المملكة بقوة وعزم وإصرار لتحقيق مستهدفات الرؤية، وبعبارات التمكن والثقة التي قالها الأمير محمد بن سلمان، لمجلة "أتلانتيك"، "فلا أحد على هذا الكوكب يمتلك القوة لإفشال الرؤية".

السعودية دولة عريقة ذات تاريخ ممتد إلى أكثر من 300 عام، دولة ملكية، قامت وأسست على هذا النموذج، فهي ليست دولة طارئة على التاريخ بلا جذور ولا هوية ولا ثقافة، وليست دولة صغيرة، بل ذات عقد اجتماعي راسخ القدمين، وهذا العقد يحقق للمملكة هذه الاستدامة التاريخية، ويعبر عن إرادة الجموع من أبناء هذا الشعب، الذين بايعوا الملك وولي العهد. ولقد عبر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن هذه الإرادة الشعبية القوية والمتماسكة في ثنايا الحوار الصحافي.  

لقد حققت الرؤية عددا من الإنجازات الكبرى في وقت قصير بقيادة ولي العهد، فهي اليوم تعد واحدة من أسرع الدول نموا في العالم، وتمتلك اثنين من أكبر عشرة صناديق استثمارية في العالم، وواحدا من أكبر الاحتياطيات من العملة الأجنبية في العالم، والمملكة عضو مجموعة الدول العشرين وعلى وشك الوصول إلى المرتبة الـ17 وصولا إلى مرتبة أعلى من المرتبة الـ15 بحلول 2030، وتستطيع المملكة اليوم تلبية 12 في المائة من الطلب العالمي على النفط، كما استطاعت تجاوز كل العقبات الاقتصادية التي أفرزتها تقلبات أسعار النفط والأزمة الصحية، حيث نما الناتج المحلي 5.6 في المائة، مع تنوع اقتصادي بعيد عن تقلبات أسعار النفط.

فالمملكة - كما قال ولي العهد - ذات اقتصاد بالغ الأهمية للعالم أجمع، ومن ضمن مجموعة الدول العشرين، وهذه الإمكانات جعلت الدول في العالم تسعى إلى التعاون والشراكة مع المملكة، من الشرق ومن الغرب، وعلى من يهتم بمصالح بلاده التعاون مع المملكة.

وقد أشار ولي العهد - بصراحته - إلى أن الولايات المتحدة تعي ما ينبغي لها فعله لتنمية مصالحها السياسية والاقتصادية معنا، فاستثمارات المملكة في أمريكا تتجاوز 800 مليار دولار، والاستثمارات السعودية في الصين أقل من مائة مليار دولار، لكنها تنمو بسرعة كبيرة.

ومع كل حوار يندهش الجميع من المعرفة المتقنة التي يملكها الأمير محمد بن سلمان، وإلمامه بالتاريخ والحضارات وأهداف الشريعة الإسلامية، وهي معرفة فريدة حقا، كما وصفته المجلة، وتظهر بجلاء في حوار ولي العهد عن الأحاديث النبوية والتفصيل العميق في ذلك، وكيف تؤثر مثل هذه التفاصيل في الحياة الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع، لكن هذه المعرفة العميقة بالإسلام هي الأساس الذي مكن ولي العهد من التمييز بين الإسلام الحق الذي جاء به النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وبين ما داخلته الجماعات الإرهابية بتنوعها وبمذاهبها المختلفة، واختطفت بذلك الإسلام بعيدا عن تسامحه.

ويعمل ولي العهد من أجل أن نرجع إلى التعاليم الإسلامية الحقيقية، التي عاشها الرسول - صلى الله عليه سلم - والخلفاء الأربعة الراشدون، وكانت مجتمعاتهم منفتحة ومسالمة، وكان عندهم مسيحيون ويهود يعيشون في تلك المجتمعات، وأرشدتنا التعاليم إلى أن نحترم جميع الثقافات والأديان، وهذه التعاليم كانت مثالية، ونحن راجعون إلى الجذور، حيث تعمل المملكة على مشروع توثيق الأحاديث النبوية المثبتة، الذي سيرى النور خلال عام، وهو الشيء الحقيقي، كما وصفه الأمير محمد بن سلمان.

هذه هي السعودية الحديثة برؤيتها الفريدة القائمة على إرثها التاريخي والثقافي الذي لا يمكن أن يتزعزع، وهذا الإرث يمدنا بالتميز الذي ننشده في المشاريع الكبرى التي نعمل عليها، فالمملكة - كما قال ولي العهد - لا تعمل على استنساخ تجارب الدول والشعوب الأخرى، بل هي ناتجة من تميز الشعب السعودي وأرضه العامرة بالتنوع الثقافي.

وقد أشار ولي العهد إلى هذا التميز الفريد الذي لا يمكن أن يكون في مكان آخر، فالعلا لا توجد سوى في المملكة، وكذلك الدرعية وجدة التاريخية. تميز يريد العالم أن يسبر أغواره.

وقد نجحت المملكة بشكل مذهل، رغم أن العمل لا يزال جاريا في عديد من هذه المشاريع، حيث ارتفع عدد السياح من ستة ملايين في 2016 إلى 17.5 مليون سائح في 2019، وهو رقم قياسي بالنسبة إلى السياحة السعودية، ولا شك أن تميز المملكة هو مرتكز هذا الإقبال الذي سيتصاعد مع تصاعد وتيرة الإنجاز لنصل إلى مائة مليون سائح سنويا، وهو رقم قريب تحقيقه وفقا للمعطيات الحالية ومسيرة الرؤية التي تمضي في طريقها نحو مستهدفاتها، ولا تأبه بأعداء النجاح وأطراف الفشل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي