الخوف من الآثار الجانبية للأدوية وهم يطارد المرضى

الخوف من الآثار الجانبية للأدوية وهم يطارد المرضى
تحريك النرد الأول (يسار) يأتي مرة بـ"نوسيبو" ومرة بـ"بوسيبو".

تلقى ملايين الأشخاص في منتصف العمر بعض الأخبار السارة هذا الأسبوع. توصلت دراسة دولية إلى أن عديدا من الآلام والأوجاع التي يعانيها أولئك الذين يتناولون أدوية لخفض مستويات الكوليسترول لديهم والحماية من أمراض القلب لا تنتج عن الحبوب نفسها، لكن بسبب المخاوف بشأن آثارها.
سيكون هذا مصدر ارتياح لقراء صحيفة "الإكسبرس" وموقعها الإلكتروني. "الإحساس المفاجئ والمزعج الذي يمكن أن يحدث في الركبة"، "الآثار الجانبية الثلاثة "..." التي تؤثر في العيون"، "الشعور الغريب الذي ينتاب الرجال". هذه بعض عناوين الأخبار المخيفة التي وردت أخيرا حول ردود الفعل تجاه تناول الستاتينات "عقاقير المخفضة للكوليسترول".
قد لا تكون بعض أحاسيسهم الجسدية من الآثار الجانبية للدواء، لكن بسبب قراءة "الإكسبرس". وجدت الدراسة التي نشرتها مجلة "القلب الأوروبية" European Heart Journal التي شملت 4.1 مليون مريض، أن أقل من 10 في المائة يعانون عدم تحمل الستاتين، لكن عديدا منهم تحدثوا عن إصاباتهم بأعراض مثل آلام الرأس والعضلات.
بدلا من ذلك، عانى هؤلاء ما يعرف بـ"نوسيبو" "المرض الوهمي"، على عكس "بلاسيبو" "العلاج الوهمي"، كما عانوا ألما لا ينتج عن علة أو علاج بحد ذاته، بل ينجم عن القلق، أو عن الخطأ في تحديد سبب مرض آخر مثل التهاب الركبة، أو نتيجة لتوقع آثار سيئة بحيث تتحقق بعد ذلك.
هذا لا يجعلها خيالية. في الأغلب ما تكون أعراض "نوسيبو" متوافقة مع الأمراض التي تتطابق معها، تظهر عمليات مسح تغيرات مماثلة في كيمياء الدماغ. يقول تيد كابتشوك، أستاذ الصحة العالمية والطب الاجتماعي في كلية الطب في جامعة هارفارد، "تبدو استجابة نوسيبو تماما مثل الآثار الجانبية للعقار".
لكنها مشكلة. تشير تقديرات إلى أن ما يصل إلى نصف المرضى الذين تم وصف الستاتين لهم يتوقفون عن تناوله أو يقللون جرعاتهم لأنهم يشعرون بتوعك. نظرا لأن الستاتينات الآن رخيصة الثمن ويتم وصفها على نطاق واسع "أتناولها بنفسي"، فإن المقاومة تزيد من مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية أو السكتات الدماغية بين السكان. يسبب تأثير "نوسيبو" أيضا ضررا جسيما. لقد تم الاعتراف منذ فترة طويلة بحدوث مثل هذا الضرر. ابتكر وولتر كينيدي، وهو طبيب بريطاني، مصطلح "نوسيبو" في 1961 بحسبانه "التوأم الشرير" لـ"بلاسيبو". في الآونة الأخيرة، اقترح باحثون مصطلح "دروسيبو" للاستجابات التي لا تعد آثارا جانبية مباشرة لتناول الأدوية.
لا أعتقد أنني أتخيل أن "نوسيبو" ينتشر. أحد أسباب رفض الناس التطعيم ضد كوفيد - 19 هو الخوف من ردود الفعل السلبية الخطيرة مثل فقدان الخصوبة أو النوبات القلبية. مهما حاول الأطباء ومسؤولو الصحة العامة طمأنتهم، فإن القلق يظل قائما.
أكدت تجارب سريرية للقاحات كوفيد - 19 الدليل السابق على ظاهرة "نوسيبو"، عديد من الأشخاص الذين حقنوا بمادة وهمية، بدلا من اللقاح، تعرضوا لتأثيرات سيئة. كذلك وجدت دراسة بحثية نشرت الشهر الماضي أن 35 في المائة من الأشخاص الذين يتلقون علاجا وهميا بدلا من جرعتهم الأولى لديهم ردود فعل سلبية في أماكن أخرى من أجسامهم.
يترتب على ذلك أن عديدا من الأعراض التي اشتكى منها الناس كانت تندرج ضمن ظاهرة "نوسيبو". شعرت بالمرض قليلا بعد أحد لقاحات كوفيد، لكنني الآن أتساءل عما إذا كان ذلك أحد الآثار الجانبية للدواء، أو لمجرد أنني كنت أتوقع ذلك. كنت محاطا بالأصدقاء والزملاء الذين يخبرونني بما شعروا به، وما إذا كانوا بحاجة للاستلقاء.
تتفاقم هذه الحالة بفعل الوضع المحموم لوسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي. لكي نكون منصفين لـ"الإكسبرس"، فإن قصصها حول الآثار الجانبية لعقار الستاتين أكثر توازنا من العناوين الرئيسة، لكنها تعرف كيف تجذب قراءها المسنين. الأخبار السيئة، بما في ذلك أسباب القلق بشأن المخدرات، مقنعة.
ثم هناك تدفق في الفهم والمعلومات والآراء المؤثرة والخداع المتعمد الذي يتدفق عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومجموعات الرسائل الخاصة. هناك كثير من الأشخاص الذين يريدون تخويف الآخرين بشأن الآثار الجانبية ويمكن أن تصبح نبوءة تتحقق من تلقاء نفسها.
يكمن وراء كل هذا مشكلة طبية معقدة - الأطباء ملزمون بإبلاغ المرضى بشكل كامل بالمخاطر، إضافة إلى فوائد الدواء، وعدم الإضرار بهم، لكن إذا كان من المرجح أن يؤدي إخبار المرضى بكل الآثار الجانبية المحتملة إلى ردود فعل سلبية، فما الذي ينبغي لهم فعله؟.
خاصة مع المرضى العصبيين، يميل بعضهم إلى تخطي التحذيرات والاعتماد على المنشورات التي تأتي مع الحبوب "التي لم أقرأها من قبل". كابتشوك، الذي يدرس تأثيرات "بلاسيبو" و"نوسيبو"، يدين مثل هذه التكتيكات ويقول، "عدم إخبارهم أمر غير أخلاقي تماما، ويلغي الموافقة المسبقة وهو أمر خادع".
لديه اقتراح آخر، يجب على الأطباء شرح الآثار الجانبية المحتملة للأدوية بإيجاز، لكنهم يضيفون أن الأشخاص لديهم أيضا ردود فعل مماثلة من خلال تأثير "نوسيبو". وهو يسمي هذا "وضع مطبات السرعة" لمنع إغراق المرضى بالمعلومات، وجعلهم على اطلاع أفضل، وليس أسوأ.
سيكون الأمر أسهل كثيرا إذا أنتجت أجسامنا معلومات واضحة، بدلا من الأوجاع والآلام الغامضة التي قد تكون مرضا أو آثارا جانبية أو "نوسيبو"، لكننا لم نخلق بهذه الطريقة، وسيستغرق العلم الطبي مزيدا من الوقت لإنتاج إشارة دقيقة.
حتى ذلك الحين، الصحة العامة في خطر من تأثير "نوسيبو". لدينا ما نخافه أكثر من الخوف نفسه، لكنه لا يزال مؤلما.

الأكثر قراءة