متى نتوقف عن إعطاء أموالنا لمجهولين عبر الإنترنت؟

متى نتوقف عن إعطاء أموالنا لمجهولين عبر الإنترنت؟

"إذا رأيت هذا، فقد أتيت مبكرا جدا"، هذا ما كتب على حساب تويتر لـ" كابيتا" بهدف الإثارة، وهو مشروع جديد للرموز غير القابلة للاستبدال NFT "المستوحاة من الرسوم المتحركة". لقد أصبح القول مجازا مألوفا في سوق الرموز غير القابلة للاستبدال المليئة بالزبد، حيث أدى إثبات الملكية المدعوم من البلوكتشين إلى إنشاء سوق فنية رقمية شديدة المضاربة. وبالتأكيد، فقد حقق آلاف المتابعين الجدد الشهرة لحساب كابيتا في بضع ساعات أملا في الانضمام إلى المشروع في بداياته، استنادا إلى صورة ظلية أنيقة ووعد فقط لا غير.
أن تكون "مبكرا" في عالم الرموز غير القابلة للاستبدال غير الخاضع للتنظيم يمكن أن يكون مربحا للغاية. فغالبا ما يكافأ الداعمون الأوائل لمشروع جديد بإمكانية الوصول "إلى القائمة البيضاء" قبل طرح الرمز المميز للبيع لعامة الناس. ومع الضجيج الكافي، يمكن أن تعني القائمة البيضاء دفع بضع مئات من الدولارات مقابل رموز غير القابلة للاستبدال يمكن إعادة بيعها بالآلاف بعد ذلك ببضع ساعات.
ولكن في الاندفاع اليائس بشكل متزايد للعثور على بورد إيب يات كلوب التالي – سلسلة الرموز غير القابلة للاستبدال الشهيرة التي كثيرا ما تباع أعمالها الكرتونية بشكل متكرر بملايين الدولارات - فإن فرص بذل العناية الواجبة محدودة. فعديد من منشئي الرموز غير القابلة للاستبدال يستخدمون أسماء مستعارة، ما يجعل من الصعب التحقق من بيانات اعتمادهم.
سرعان ما كشف روبرتو نيكسون، الشخص الذي يقف وراء كابيتا، أن حسابه على تويتر كان خدعة، وذلك بهدف تحذير الناس من القفز بسرعة كبيرة بعد سلسلة من عمليات الاستيلاء على النقود وعمليات السرقة "المعروفة باسم سحب البساط في لغة الرموز غير القابلة للاستبدال". وغرد نكسون الذي ينشر أخبار الرموز غير القابلة للاستبدال عبر حساب themetav3rse@: "لماذا نقوم بتطبيع إعطاء أموال لأشخاص مجهولين عبر الإنترنت؟ هناك كثير من الهراء في هذا المجال الآن".
وسط كل الضجيج والزبد، من السهل نسيان أن الرموز غير القابلة للاستبدال ما زالت "في مرحلة مبكرة جدا". إذ مر أقل من عام منذ أن تم إنشاء أول أعمال بورد إيب وستة أشهر فقط منذ أن انفجرت مبيعات الرموز غير القابلة للاستبدال في الصيف الماضي.
ومع ذلك، فإن الشركة التي تقف وراء بورد إيب يات كلوب، وهي يوجا لابس، تقوم بالفعل بجمع الأموال بتقييم قدره مليارات الدولارات. جميع منصات "تويتر" و"إنستجرام" و"يوتيوب" تقفز إلى مشجعين الرموز غير القابلة للاستبدال. " أوبن سي" أكبر سوق لهذه الرموز، قدرت قيمتها بأكثر من 13 مليار دولار في الشهر الماضي. وأطلق على بطولة سوبر بول الأمريكية في عطلة نهاية الأسبوع الماضي اسم "كريبتو بول"، حيث تشتري منصات التداول مثل كوين بيس وإف تي إكس الإعلانات أثناء البث الأكثر تكلفة للتلفزيون الأمريكي.
إن هذه الأرقام اللافتة للنظر، إلى جانب تأييد المشاهير لها والسهولة الواضحة التي يمكن بها كسب أو خسارة الآلاف من خلال تداول الرموز غير القابلة للاستبدال، أعطت الفن المشفر شعبية تفوق الحجم الفعلي للسوق بشكل كبير.
وبالقياس من الناحية المالية، تبدو السوق كبيرة بالتأكيد، فقد تم تداول ما قيمته 24 مليار دولار من الرموز غير القابلة للاستبدال حتى الآن، بما في ذلك أكثر من أربعة مليارات دولار في كانون الثاني (يناير) وحده، وفقا لمنصة تتبع السوقCryptoslam.io. وتداولت سوق أوبن سي ما لا يقل عن 100 مليون دولار من الإيثريوم "العملة المشفرة الأكثر استخداما لشراء الرموز غير القابلة للاستبدال" كل يوم في الشهر الماضي، وفقا لـDune.xyz، وهو موقع آخر لبيانات بلوكتشين.
ولكن، عندما تحسب عدد المستخدمين بدلا من الدولارات، فإن عالم الرموز غير القابلة للاستبدال صغير جدا. فوفقا لموقع التحليلات دآب رادار، كان لدى أوبن سي نحو 500 ألف مستخدم نشط خلال الشهر الماضي. المتفائلون في الرموز غير القابلة للاستبدال يعترفون، حتى الآن، أن إجمالي الجمهور بضعة ملايين. وعلى الرغم من أن النمو كان سريعا، إلا أنه لا يزال خطأ تقريبيا في عالم الإنترنت الذي يبلغ عدد مستخدميه نحو خمسة مليارات شخص.
إن آخر مرة أستطيع فيها تذكر هذا التفاوت بين الدعاية حول خدمة عبر الإنترنت وعدد الأشخاص الذين يستخدمونه بالفعل كان "تويتر" في أعوامه الأولى. مثل الرموز غير القابلة للاستبدال اليوم، استخدم عدد قليل فقط من الأشخاص "بشكل رئيس في وادي السيليكون" تويتر، لكن الجميع سمعوا عنه.
بالنسبة إلى المدافعين عن الرموز غير القابلة للاستبدال، يعد عدم التوازن هذا مؤشرا إيجابيا، إذا كان هناك بضعة ملايين فقط من الأشخاص مسؤولين عن إنفاق المليارات، فتخيلوا فقط كيف يمكن أن تصبح السوق كبيرة عندما تنضم الجماهير! إن كثيرا من التقنيات الجديدة الواعدة تبدأ في الظهور مثل الدمى. إلى جانب ذلك، تقوم أوبن سي بالفعل بجني الملايين من الرسوم كل أسبوع. قارنوا ذلك مع "تويتر"، الذي استغرق عدة أعوام لإيجاد نموذج أعمال قوي.
ولكن هذا التحليل يتجاهل مليارات الدولارات التي يقدر أن يتم استهلاكها من خلال "تجارة الغسيل"، وهو نوع من الاحتيال يتضمن بيع الرموز غير القابلة للاستبدال ذهابا وإيابا بين المستخدمين (المجهولين) نفسهم، من أجل رفع السعر.
على المدى الأطول، يمكنني رؤية جاذبية الرموز غير القابلة للاستبدال. بينما يعد ارتداء هوياتنا الرقمية أمرا منطقيا لأننا نقضي مزيدا من الوقت على الإنترنت. ويشهد وادي السيليكون اندفاع المواهب إلى الشركات الناشئة التي تركز على الويب3، وهو مفهوم التكرار الجديد للإنترنت القائم على تقنية بلوكتشين. فقد تكون المشكلات المحيطة بالرموز غير القابلة للاستبدال اليوم قابلة للإصلاح، خاصة عندما يكون هناك كثير من الأموال كذلك لفترة طويلة.

الأكثر قراءة