معالجة الفقر تتطلب نشر الثقافة المالية في المدارس الابتدائية

معالجة الفقر تتطلب نشر الثقافة المالية في المدارس الابتدائية
طفل واحدا فقط من بين كل ثلاثة أطفال يتلقى حاليا أي شكل من أشكال التثقيف المالي في المدرسة الابتدائية.

يعد كثير من الناس الأسابيع الأولى من العام هي أصعب الأسابيع. الجميع في أنحاء المملكة المتحدة يشدون أحزمتهم - بالمعنى الحرفي للكلمة ـ وهم يشرعون في نظام صحي جديد، وأيضا نظام مالي جديد. عطلة نهاية العام خاصة، لكن تحت ضوء المجهر تظهر تكاليفها الهائلة.
تظهر أرقام بنك إنجلترا أن الأسر تنفق في المتوسط 740 جنيها استرلينيا إضافيا في كانون الأول (ديسمبر)، أي 29 في المائة أكثر من أي شهر عادي. في مواجهة ضغط موسم الأعياد، يقترض ثلثا الأسر للمساعدة على تغطية النفقات، والآلاف يأخذون ديونا لا يمكن إدارتها خلال الانتظار الطويل لأيام الدفع بعد عيد الميلاد.
لكن الأمور أسوأ هذا العام. ارتفاع الدين السنوي هو أزمة ناشئة في تكلفة المعيشة، مدفوعة بمزيج من الفواتير المرتفعة للغاية والتضخم. لقد دعوت إلى معالجة هذا الأمر بشكل عاجل، جزئيا من خلال تخفيض ضريبة القيمة المضافة على الطاقة إلى أقل من 5 في المائة وتطبيق تخفيضات متزايدة في التكاليف لأولئك الأكثر تضررا.
مع ذلك، يجب أن تتوقف هذه الأزمة أيضا للنظر في حلول طويلة الأجل لعدم الاستقرار المالي للأسر، أي ليس فقط ضمان حصول الناس على ما يكفي من المال في جيوبهم، لكن التأكد من أن الأشخاص لديهم المهارات اللازمة لإدارة دخلهم لتحقيق أقصى استفادة. يقع إصلاح التثقيف المالي في صميم هذا.
أظهر استطلاع للرأي شمل أربعة آلاف بالغ، نشره مركز العدالة الاجتماعية الشهر الماضي، أن ما يقارب نصف الأفراد - 46 في المائة - الذين عانوا مشكلات مالية قالوا "إن مهارات إدارة الأموال المنخفضة أسهمت في هذه المشكلة".
بالطبع، يجد كثير من الناس أنفسهم مدينين لأسباب خارجة عن إرادتهم، لكن من اللافت للنظر كم من الناس يعدون تعزيز المهارات وسيلة للخروج: وجد الاستطلاع نفسه أن 44 في المائة من جميع البالغين، وثلثي أولئك الذين تراوح أعمارهم بين 18 و34 عاما، يعتقدون أن وضعهم سيتحسن مع مزيد من التثقيف المالي. الرغبة في مزيد من التحكم والتمكين مدوية، ويجب أن يكون هدف الحكومة هو تحقيق ذلك.
مع ذلك، يجب أن نكون صادقين بشأن حجم التحدي. على الرغم من التقدم الكبير الذي تم إحرازه في ظل الحكومات الأخيرة، بما في ذلك إدخال التثقيف المالي إلى مناهج المدارس الثانوية في 2014، لا يزال هناك كثير يتعين القيام به.
كثير من البالغين يفتقرون إلى المهارات الأساسية التي تدعم القدرة المالية. يعاني نحو تسعة ملايين بالغ في سن العمل في إنجلترا انخفاضا في مستوى الإلمام بالقراءة والكتابة أو الحساب، مع وجود خمسة ملايين شخص يفتقرون إلى كليهما. تم العثور على واحد من كل اثنين غير قادر على اجتياز اختبار محو الأمية المالية الذي أجرته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، الذي وضع المملكة المتحدة في مرتبة أدنى كثيرا من فرنسا والنرويج وكندا - وتحت تايلاند وألبانيا مباشرة - في الترتيب العالمي.
أحد إعلانات وزير المالية البريطاني الأقل انتشارا في ميزانية العام الماضي هو برنامج حساب البالغين البالغ 560 مليون جنيه استرليني، "ملتبلاي" Multiply. من المحتمل أن يغير البرنامج الحياة حقا وآمل أن يتم توفير التمويل بهذا القدر للبرامج التي تدمج التثقيف المالي مع أجندة مهارات البالغين التي تتبعها الحكومة بحق.
لكن الحقيقة هي أننا يجب أن نبدأ في وقت مبكر. يظهر بحث أجرته خدمة المال والمعاشات التقاعدية أن عادات الأطفال المالية تتشكل منذ سن السابعة. أولئك الذين يتركون المدرسة دون تثقيف مالي فعال معرضون بشكل كبير لخطر الاستغلال المالي والاحتيال والديون. تشير تقديرات إلى أن نحو 55 ألف طفل تراوح أعمارهم بين 11 و16 عاما هم مقامرون، وتحذر تقارير أخيرة من تحول أعداد متزايدة من الشباب إلى "بغال مال" للعصابات الإجرامية. مع ذلك، فإن طفلا واحدا فقط من بين كل ثلاثة أطفال يتلقى حاليا أي شكل من أشكال التثقيف المالي في المدرسة الابتدائية.
يجب على الشباب اليوم أن يتنقلوا في سوق مالية تتطور بوتيرة مذهلة. كما وجد مركز العدالة الاجتماعية، يعزو معظم الشباب مشكلاتهم المالية إلى مهارات إدارة الأموال المنخفضة.
لكن مثل هؤلاء الأشخاص هم من بين كثيرين ممن أصبحوا مستهلكين منتظمين لخطط الشراء والدفع لاحقا. هل يفهمون الاتفاقات التي يبرمونها؟ مثل جميع أشكال الديون، يمكن أن تكون هناك عواقب وخيمة عند التعامل معها. يجب أن يميز التثقيف المالي اليوم أن جيل "تيك توك" يواجه تحديات مختلفة تماما عن أولئك المسلحين بدفتر الشيكات في الأعوام الماضية.
يجب أن تكون المدارس والمهارات أهم كلمتين في مفردات الحكومة بينما نعيد البناء بشكل أفضل. إن إعداد شبابنا لعالم ومكان عمل فيهما متطلبات عالية يعني أخذ المهارات على محمل الجد. وإدارة الأموال ليست استثناء. بينما ننتظر التوصيات الكاملة لتحقيق مركز العدالة الاجتماعية في هذا الأمر، من الواضح أن علينا أن نكون أكثر جرأة في نهجنا في التثقيف المالي، بما في ذلك، بشكل حاسم، في المدرسة الابتدائية، حيث تظل إدارة الأموال غائبة عن المناهج الدراسية في إنجلترا.
قبل كل شيء، هناك حاجة إلى عرض تثقيفي مالي جديد لبناء المرونة في مجتمعنا واقتصادنا الذي يحمي من أزمات تكلفة المعيشة عند ظهورها، سواء كان ذلك لتجنب أزمة الديون الشخصية الطارئة بعد عيد الميلاد أو فاتورة كبيرة بشكل غير متوقع. المهارات "الناعمة" التي نشوه صورتها في كثير من الأحيان ليست ضعيفة على الإطلاق. فعندما يتم تمكين الناس، تصبح لديهم سيطرة أكبر على حياتهم. وما المهمة الأفضل للحكومة من ذلك.

*عضو في البرلمان ورئيس لجنة التعليم في مجلس العموم.

الأكثر قراءة