رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


ماذا ينتظر أسواق النفط؟ «3»

عودا على بدء، ذكرت في المقالين السابقين من هذه السلسلة أن أسواق النفط مرت خلال العقد الأخير بكثير من الأحداث الجوهرية والتقلبات السعرية، وذلك ليس بغريب على أسواق النفط، فقد كانت وستبقى كذلك منذ تداول أول برميل لها، حتى تداول آخر برميل. أضفت أن المعادلة النفطية ليست معادلة بسيطة، بل معادلة معقدة جدا يؤثر فيها كثير من العوامل، وعليه - في اعتقادي - أن استشراف أسواقها وسلوكها وأسعارها يتطلب جهدا استثنائيا، ومتابعة حثيثة لجميع هذه العوامل وغيرها بصورة مستمرة.
سلطت الضوء على بعض هذه الأحداث الجوهرية التي مرت بأسواق النفط، بدءا بالتخمة النفطية، مرورا بالأحداث الاقتصادية التي أسهمت في تعميق آثارها، ومنها تباطؤ الاقتصاد العالمي، وعلى رأسه اقتصاد الصين، وصولا إلى جائحة كورونا التي نحرت الاقتصاد العالمي من الوريد إلى الوريد، وبلا شك النفط ومشتقاته لم يكونا بمنأى عن آثار هذه الجائحة القوية.
عرجت على دور "أوبك" الاستثنائي في التعامل مع تقلبات أسواق النفط خلال الأعوام القليلة السابقة، خصوصا في خضم أحداث جوهرية هبطت في ضوئها أسعار النفط إلى مستويات قياسية وتاريخية. ركزت على عاملين مهمين - في اعتقادي - قد يكون لهما تأثير كبير في مستقبل أسواق النفط على المديين المباشر والقصير، وهما رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران، ما يعني ضخ مزيد من النفط في الأسواق العالمية، إضافة إلى العامل الثاني الذي لا يقل أهمية، وهو تعاطي العالم مع قضية تغير المناخ والانحباس الحراري، وتأثير ذلك في الوقود الأحفوري وعلى رأسه النفط. السؤال المهم في رأيي الذي توقفنا عنده في المقال السابق، هو: كيف ستتفاعل أسواق النفط إذا ما تم رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران؟ وكيف ستواجه الحملات الإعلامية والإعلانية ضد الوقود الأحفوري؟
أرى أن لرفع العقوبات الاقتصادية عن إيران وارتفاع الصادرات الإيرانية من النفط تأثيرا محدودا في أسواق النفط يمكن استيعابه ولن يكون له أثر كبير، حيث إن عودة الصادرات النفطية إلى سابق عهدها ما قبل العقوبات الاقتصادية ستواجه عقبات فنية وسوقية كبيرة. العودة ستتطلب وقتا ليس بالقصير، وانتزاع الحصص السوقية من المنتجين المنافسين لن يكون أمرا سهلا، ولذلك أرى أن الأثر محدود ومضاربي لفترة بسيطة، في حال تم إعلان رفع العقوبات.
التعاطي العالمي فيما يخص قضية تغير المناخ والمحاولات المتطرفة في اعتقادي من البعض لتقوض الوقود الأحفوري لم ولن يكن حدثا مفاجئا ومباغتا لأسواق النفط، ما يعني أن الأسواق ومنتجي النفط لديهم القدرة على التعامل مع هذا الملف المهم بحكمة وباعتدال ومسك العصا من منتصفها بين حاجة العالم المتعطش إلى الطاقة بجميع أنواعها، ومراعاة قضية المناخ والبيئة ومنظريها.
المعركة في اعتقادي بين منتجي النفط الذي ينظرون لقضية تغير المناخ بحكمة واعتدال والمتطرفين الذين يتجاهلون خطورة المساس بأهم شريان من شرايين الطاقة وهو النفط، المعركة في اعتقادي معركة طويلة الأمد. في كل الحالات أجزم - بعد توفيق الله - أن "أوبك" بقيادة السعودية ستتجاوز هذه العقبات، كما تجاوزت غيرها تاريخيا، والتاريخ لا يحجب بغربال، والأرقام لا تكذب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي