إحباطات "وول ستريت" في الصين وهونج كونج تتصاعد

إحباطات "وول ستريت" في الصين وهونج كونج تتصاعد

نادرا ما ترغب البنوك الكبرى في "وول ستريت" مضايقة حكومتي الصين وهونج كونج في تعاملاتها. فهناك الكثير من المخاطر على المحك التي تمنعها من إثارة غضب بكين.
لذا فقد كانت الإجراءات الأخيرة مدهشة بشأن قضيتين حساستين من قبل بانك أوف أمريكا ومجموعة ضغط مالية آسيوية تعد كلا من جولدمان ساكس، ومورجان ستانلي وجيه بي مورجان أعضاء لها.
أولا، تم كشف غطاء بانك أوف أمريكا بصفته أول عمالقة "وول ستريت" الذي يقوم رسميا بمراجعة ما إذا كان سيتم نقل الوظائف من هونج كونج لمصلحة سنغافورة، حيث تعد قيود السفر المتعلقة بالجائحة (على الأقل) أقل تشددا بكثير.
لقد كانت لحظة كبيرة في قصة استغرق إعدادها عامين بالنسبة لهونج كونج، حيث سئمت البنوك العالمية من عقاب قواعد الحجر الصحي التي جعلت من الصعب جدا عليهم توظيف شخص في الوقت، الذي تغادر فيه أعداد قياسية من الأشخاص المدينة.
وبعد انتشار الأخبار، قدمت هونج كونج بعض الراحة، حيث خفضت مدة الحجر الصحي الفندقي لجميع الوافدين الدوليين من ثلاثة أسابيع إلى أسبوعين. لكن المصرفيين قلقون من أن سعي الإقليم لتحقيق "صفر كوفيد" بهدف إعادة فتح الحدود مع الصين يعني أن السفر الدولي غير المقيد لا يزال بعيد المنال جدا.
حتى قبل الجائحة، كان "وول ستريت" يخطط بشكل طارئ بسبب اضطراره إلى نقل الوظائف خارج المنطقة، فقد دفعت الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية لعام 2019، والقمع السياسي لها إلى إعادة التفكير في ملاءمة البيئة لممارسة الأعمال التجارية هناك.
ومنذ ذلك الحين، كان الانتقال بهدوء عن طريق الاستنزاف هو الأسلوب المفضل لتنويع المخاطر المؤدية لمزيد من الاضطرابات السياسية أو إغلاق الحدود حول مركز عمليات البنوك في آسيا. ومن الدلالات على حساسية هذه القضية أن الأمر قد استغرق عامين قبل أن تكسر الصناعة المالية صمتها بشأن سياسة "صفر كوفيد"، على الرغم من تأثيرها المحتمل في قطاع الخدمات المالية.
لكن على غير العادة، لم تكن مراجعة "بانك أوف أميركا" الحادثة الوحيدة الأسبوع الماضي، التي تخاطر فيها "وول ستريت" باتخاذ إجراءات جريئة في علاقتها مع الصين، حيث اتخذت البنوك بشكل منفصل خطوة نادرة الحدوث للتراجع من جانب بكين عن اللوائح المالية الجديدة.
وقد قامت مجموعة الضغط في الصناعة، وهي رابطة صناعة الأوراق المالية الآسيوية والأسواق المالية، بتحذير المشرعين الصينيين في رسالة تعد مسودة القواعد الجديدة لإدراج الشركات الصينية في الخارج كانت غامضة وبعيدة المدى لدرجة أنها خلقت مخاطر تنظيمية لا يمكن تجنبها يمكن أن تعرقل عقد الصفقات.
أما المقترحات المقدمة من هيئة تنظيم الأوراق المالية الصينية، التي وردت ردا على التعويم الكارثي لتطبيق ديدي تشوشينج لنقل االركاب في نيويورك العام الماضي، فستضيف مزيدا من الرقابة من بكين، إضافة إلى المعايير العالمية الحالية لضمان الاكتتابات الأولية للشركات. حتى الشركات الصينية، التي تم تأسيسها في الخارج سيتعين عليها الحصول على الموافقة على خطة للإدراج في الولايات المتحدة أو في أي مكان آخر.
وقالت رابطة صناعة الأوراق المالية والأسواق المالية في آسيا إن القوانين ستكون مثبطة للبنوك لمساعدة الشركات الصينية في جمع الأموال من الأسواق الدولية، وهو مصدر تمويل ساعد بعض أكبر الشركات في الصين على النمو وولد مليارات الدولارات من الرسوم للبنوك الاستثمارية.
إن مثل هذه الشكاوى العلنية والصريحة تعد غير عادية في الصين وهونج كونج، حيث أصبح إقناع أي شخص ما في أي بنك دولي كي يقول الكثير عن أي شيء على الإطلاق أمرا صعبا للغاية.
وقد أصبحت التوترات عالية للغاية حول ما هو مقبول قوله لدرجة أن حكومة هونج كونج في نهاية هذا الأسبوع كان عليها أن توضح علنا أن "الإدلاء بملاحظات عامة والمناقشة" حول التطبيق العملي لسياساتها الخاصة بفيروس كورونا لم يكن "غير قانوني".
فالخوف الذي تشعر به البنوك هو من رد فعل عنيف مشابه لما عاناه بنك إتش إس بي سي وهو أكبر بنك تجزئة في هونج كونج عندما هاجمته الصحف الحكومية الصينية بعد أن تورط في المعركة بين الولايات المتحدة وكندا والصين بشأن احتجاز مينج وانزو المديرة التنفيذية في شركة هواوي.
ويسعى بانك أوف أميركا جاهدا بالفعل لإعادة تأكيد التزاماته تجاه هونج كونج. وفي رسالة موجهة إلى الموظفين بمناسبة العام القمري الجديد هذا الأسبوع، قال رؤساء منطقة آسيا والمحيط الهادئ في البنك إن الإقليم ظل "مركزيا" لأعماله واستراتيجيته الإقليمية، وفقا لأحد المطلعين على الرسالة.
لكن معضلة البنوك الدولية تتحدث عن حقيقة موطنها في هونج كونج في حقبة ما بعد الاحتجاجات وكوفيد: أن الرد الصريح على السياسة السيئة قد يفيد الجميع بالفعل، لكنه نادرا ما يكون من مصلحة الشركة، التي تنحرف عن المسار أن تخاطر. لكن هذا النقاش الفاتر يبدو أبعد ما يكون عن ثقافة الرأسمالية المفعمة بالحيوية والصاخبة، التي اشتهرت بها هونج كونج في الماضي– كما اعتاد أحد السكان المحليين على الاستشهاد بها في استبعاد سنغافورة الحازمة كمركز مالي منافس.

الأكثر قراءة