احرص .. إنستجرام لا يحمي طفلك البالغ من العمر 13 عاما
في مؤتمر إنستجرام لمنشئي المحتوى الافتراضي الصيف الماضي، المحادثة التي دارت بين الرئيس التنفيذي للتطبيق، آدم موسيري، والمؤثرة المراهقة، جوجو سيوا، التي تغني وترقص دائما، أخذت منعطفا غريبا. ذلك حين بدأت سيوا البالغة من العمر 18 عاما، المعروفة بارتداء الألوان الزاهية وربطات الشعر المقوسة، بتلخيص رحلتها التي استمرت لأعوام لتصل إلى النجومية على وسائل التواصل الاجتماعي. قالت، "كان لدي كل شيء منذ أن كنت في الخامسة من عمري! أعلم أنه ليس من المفترض أن يكون لديك حساب على إنستجرام حتى تبلغ 13 عاما. لكن كان لدي حساب. كذلك الحال مع كثير من الأطفال في سن الخامسة...".
تدخل موسيري لمقاطعة سيوا في منتصف الجملة، "لا أريد سماع ذلك". كان موسيري يضحك بصوت خافت، لكن مشاهدة تبادل الحديث هذا كانت مؤلمة. كانت سفيرة تطبيق الصور هنا تفشي عن غير قصد حقيقة أن التطبيق كان يعج بالمستخدمين القصر منذ فترة طويلة، وهو انتهاك للقوانين الخاصة بالتطبيق. واستجابة لذلك، سد المسؤول التنفيذي رفيع المستوى أذنيه تماما.
لا يسمح لمن هم دون 13 عاما باستخدام تطبيق إنستجرام، المملوك لشركة ميتا، امتثالا لقوانين الخصوصية الأمريكية بشكل جزئي. مع ذلك، وجدت دراسة استقصائية لأكثر من ألفي قاصر نشرتها العام الماضي جمعية ثورن الخيرية للأطفال أن 65 في المائة من الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين تسعة و12 عاما استخدموا تطبيق إنستجرام مرة واحدة على الأقل، وأن 40 في المائة يستخدمونه مرة واحدة على الأقل يوميا. لكن من المحتمل أن يتعرض الأطفال الذين يستخدمونه لأضرار عديدة. وفقا لجمعية ثورن، قال نحو 38 في المائة من البنات و36 في المائة من الأولاد الذين تراوح أعمارهم بين تسعة و12 عاما إنهم تعرضوا للتنمر أو شعروا بعدم الارتياح على الإنترنت، بينما طلب من 14 في المائة إرسال مقطع فيديو أو صورة عارية من قبل شخص ما عبر الإنترنت.
يقوم إنستجرام بجمع حزم من البيانات الشخصية ويخلطها من أجل التعريف بالمستخدمين وتقديم إعلانات موجهة لهم. أصبح التطبيق الآن جيدا جدا في تخمين رغبات المستخدمين لدرجة أنه اضطر إلى التأكيد - مرارا وتكرارا - أنه لا يخترق الهواتف المحمولة من أجل الاستماع إلى المحادثات الخاصة.
إذن، كيف يمكن للتطبيق التابع للشركة الأم البالغة قيمتها 660 مليار دولار أن يعرف أنني أريد حذاء رياضيا جديدا أحمر اللون من أديداس، لكنه لا يعرف عمري؟
في مدونة نشرت في تموز (يوليو) الماضي، أقرت شركة فيسبوك أن من الصعب تقييم العمر وأن تكنولوجيا فيسبوك وإنستجرام كانت "قيد التطوير". قالت إنها كانت تبني برنامج ذكاء اصطناعي للعثور بشكل مسبق على من هم دون سن 13 عاما والذين كذبوا بشأن أعمارهم - عن طريق البحث عن الأعمار التي يذكرها الأشخاص عند كتابتهم منشور تهنئة بعيد ميلاد أحدهم، مثلا - لكن الشركة قالت إن التكنولوجيا "ليست مثالية". قالت أيضا إنها تعمل على "تطوير قائمة من الخيارات ليثبت المستخدمون عمرهم" دون الحاجة إلى طلب الهوية منهم، على الرغم من أن الشركة لم تكشف عن هذه الخاصيات بعد.
لكن منتقدي إنستجرام يجادلون بأن الشركة تعمدت عدم القيام بما يكفي لإخراج القاصرين من التطبيق. لأن أرقام المستخدمين تبدو كبيرة بالنسبة للمساهمين إذا ظلت كذلك. تعتقد البارونة بيبان كيدرون، رئيسة جمعية "5 حقوق" 5Rights الخيرية المعنية بالحقوق الرقمية للأطفال، أن الفكرة القائلة إن هذا التحدي التكنولوجي كبير للغاية هي فكرة مضللة. تقول، "كل هذا لأنه ليس من مصلحتهم التجارية القيام بذلك".
لكن في الواقع، هناك الآن سوق متنامية للحلول في قطاع "تكنولوجيا السلامة" التي تبلغ قيمتها مليار دولار، التي تستخدم عادة تكنولوجيات التعلم الآلي. شركة يوتي الناشئة التي تتخذ من لندن مقرا لها تستخدم الكاميرا في الجهاز المحمول لتحليل الوجه لأداة "تقدير العمر من خلال الوجه" وتدعي أن لديها هامش خطأ يبلغ نحو عام ونصف بالنسبة لمن تراوح أعمارهم بين ستة أعوام و19 عاما. بينما تدعي شركة بايوكاتش، المتخصصة في مساعدة البنوك على اكتشاف الأنشطة الاحتيالية، أنها قادرة على تمييز العمر من خلال تحليل الطريقة التي يستخدم بها الشخص جهازه المحمول. مثلا، يتعامل المستخدمون الأكبر سنا مع الهواتف بإصبع واحد للكتابة عليها، لكن الأصغر سنا يستخدمون كلا الإبهامين، وهكذا.
ويضغط خبراء آخرون من أجل فرض مزيد من التحقق المركزي من العمر، هل يجب أن تتأكد شركة أبل من العمر من خلال التحقق من الهوية كطريقة لمنع المستخدمين دون السن القانونية من تحميل التطبيقات غير الملائمة كلية؟ هذا شيء بدأت إنستجرام في الضغط من أجله بلطف.
بالنسبة إلى النقاد، من اللافت للنظر أن فيسبوك وإنستجرام انتظرتا حتى الآن للبدء في تطوير تكنولوجيا خاصة بهما للتحقق من العمر. فيما تواجه تطبيقات الوسائط الاجتماعية الأخرى، مثل تيك توك، انتقادات مماثلة. تقول ماري أيكن، خبيرة تكنولوجيا السلامة وأستاذة علم النفس السيبراني في جامعة كابيتول للتكنولوجيا في الولايات المتحدة، "إلى أن تكون هناك بيئة تنظيمية تفرض عقوبات بسبب عدم استخدام تكنولوجيا للتحقق الدقيق من العمر، فإن الوضع سيظل كما هو"، بعبارة أخرى "ميئوس منه".
وقد بدأ سياسيون وجهات رقابية الالتفاف حول الموضوع. أعلنت شركة إنستجرام بنفسها خططا لبناء تطبيق "إنستجرام كيدز" لمن هم دون 13 عاما، بحجة أن المراهقين باقون على الإنترنت بغض النظر عن أي شيء، لذلك من الأفضل توفير مساحة آمنة يكون للآباء سيطرة إضافية عليها. لكن المبادرة ولدت كثيرا من المعارضة لدرجة أن الشركة أوقفتها مؤقتا، بينما يتشاور المسؤولون التنفيذيون مع الخبراء. لكن هذا لا يزال يمثل تحسنا طفيفا جدا، مقارنة بالرئيس التنفيذي الذي يدير وجهه إلى الاتجاه الآخر.