لماذا يصعب قياس التضخم الحقيقي؟
ما لون قوس قزح؟ في المتوسط، أبيض. وما المستوى الحالي للتضخم في المملكة المتحدة؟ في المتوسط، 5.4 في المائة. كلا الجوابين صحيح. وكلاهما يفتقد إلى شيء مهم.
يهدف مؤشر أسعار المستهلك CPI إلى قياس متوسط السعر الذي يدفعه المستهلكون في المملكة المتحدة. لكن عندما ظهرت أحدث أرقام مؤشر أسعار المستهلك، انتقلت الكاتبة عن الأغذية والناشطة في مكافحة الفقر، جاك مونرو، إلى منصة تويتر مع بعض الأمثلة من السوبر ماركت المحلي الذي تذهب إليه: 500 جرام من المعكرونة الرخيصة ارتفعت من 29 بنسا إلى 70 بنسا على أساس سنوي، كيلو جرام من الأرز ارتفع من 45 بنسا إلى جنيهين استرلينيين، الفاصوليا المطبوخة ارتفعت من 22 بنسا إلى 32 بنسا. مع تراكم الأمثلة، خلصت مونرو إلى أن معدل التضخم الذي واجهته الأسر الفقيرة كان أعلى بكثير من مؤشر أسعار المستهلك، 5.4 في المائة.
في سلسلة تغريدات قرأها منذ ذلك الحين ملايين الأشخاص، أضافت مونرو: "النظام الذي نقيس من خلاله تأثير التضخم معيب بشكل أساسي". أتفق مع ذلك، لأسباب مختلفة. تشعر مونرو بالقلق من ارتفاع الأسعار بالنسبة إلى الأسر الأكثر فقرا. أشعر بالقلق من أن عملية قياس التضخم الحالية لدينا ببساطة لأنها لا يمكن أن تخبرنا ما إذا كانت مونرو على صواب أم خطأ.
بدلا من ذلك، علينا الاعتماد على الأدلة. يأتي أحد الأدلة من النظر إلى مؤشر أسعار المستهلك المعاد وزنه. كريس جايلز، من "فاينانشيال تايمز"، فعل ذلك. أشار إلى أنه بينما كانت أسعار الطاقة ترتفع بسرعة، ارتفعت كذلك أسعار وجبات المطاعم. عند إعادة وزن مؤشر أسعار المستهلك ليعكس إنفاق أسرة فقيرة (طعام أكثر وتدفئة أكثر) أو أسرة أكثر ثراء (تناول الطعام في المطاعم أكثر ورحلات جوية أكثر) معدل التضخم هو نفسه إلى حد كبير بالنسبة إلى الجميع.
دليل آخر يأتي من مراقبي الصناعة. لاحظ ستيف دريسر محلل البيع بالتجزئة، أن بيانات جاك مونرو جاءت من سوبرماركت أزدا، لكن "أزدا كان يخفض تدرج القيمة للمنتجات لفترة من الوقت (...) هذا ليس مؤشرا للسوق الأوسع".
يأتي الدليل الثالث من دراسة استقصائية كبيرة حول الإنفاق الاستهلاكي نشرها أخيرا خبراء اقتصاديون أكاديميون في الولايات المتحدة، خلصوا إلى أن ارتفاع التضخم في أواخر 2020 كان أعلى في "الدخل المنخفض والتعليم المنخفض والأسر ذات البشرة السوداء". مع ذلك، الفرق هو نصف نقطة مئوية أو أقل.
لكن ينبغي لنا عدم الاعتماد على المؤشرات clues. لا يمكن أن توضح لنا إعادة وزن مؤشر أسعار المستهلك ما يحدث للمنتجات الغذائية فائقة الرخص التي تعد مهمة جدا لشخص يتسوق بميزانية محدودة. في الواقع أخبرني رئيس قسم التضخم في مكتب الإحصاء الوطني، مايك هاردي، أن جامعي البيانات في مكتب الإحصاء الوطني يستهدفون المنتجات الأكثر شيوعا، بناء على مساحة الرف. هل هذه المنتجات أرخص السلع الأساسية أم لا؟ يعترف هاردي قائلا: "لم نقم بالتحليل لنعرف".
أميل بعض الشيء إلى ذلك. من المنطقي حساب التضخم من خلال النظر إلى السلع نفسها، شهرا بعد شهر. لكن قد يتوجه متسوق ذكي في إدارة ميزانيته أولا إلى قسم "السلع المخفضة لقرب انتهائها". ثم يأخذ بعض الكربوهيدرات الرخيصة. أرز في أسبوع، ومعكرونة في الأسبوع التالي - كل ما كان في عرض خاص. ما هو معدل التضخم لمثل هذا المتسوق؟ حتى من الناحية النظرية، تبقى الإجابة محيرة.
مع ذلك، الجواب مهم. قد لا يكون الأمر مهما بالنسبة إلى بنك إنجلترا لأنه يحاول ضمان استقرار الأسعار عبر الاقتصاد بأكمله، لكن يجب أن يكون الأمر مهما للحكومة لأنها تحدد مستوى المزايا والمعاشات التقاعدية الحكومية. من المؤكد أن الأمر يهم الوالد اليائس عند المحاسبة، محاولا معرفة ما إذا كان بإمكانه شراء علبة من زبدة الفول السوداني أو ما إذا كان الخبز المحمص سيكون يابسا هذا الأسبوع.
جاك مونرو - أخبرتني أن "اهتماماتها الرئيسة هي الرياضيات والمعكرونة الرخيصة" - تعمل الآن على تجميع جهد تطوعي لإنتاج مؤشر أسعار المواد الغذائية الأساسية الرخيصة وغيرها من الأساسيات مثل منتجات الدورة الشهرية ومعجون الأسنان والشامبو.
لكن هذا لا يمكن أن ينافس الموارد التي يخصصها مكتب الإحصاء الوطني لتجميع مؤشر أسعار المستهلك، وجمع ستة آلاف عرض أسعار يوميا في جميع أنحاء البلاد. أعلن مكتب الإحصاء الوطني للتو عن خطط لتعزيز هذا الجهد ببيانات أجهزة المسح من محال السوبرماركت.
هل هذه القوة الإحصائية موجهة بشكل جيد؟ نعم، إذا كان الهدف هو قياس التضخم في الاقتصاد. لا، إذا أردنا فهم ما يحدث للأسر الأشد فقرا.
جمع بيانات جيدة حقا يعد مكلفا ولا يقدر بثمن. لكن في الأغلب ما يكون صادما أن ندرك أن هناك أسئلة معينة قد تم تجاهلها. في 2007 صدمنا عندما أدركنا مدى عدم معرفتنا بالمخاطر في القطاع المصرفي. في 2019، قدم كتاب "المرأة الخفية" Invisible Women لكارولين كريادو بيريز حجة مقنعة مفادها أن البيانات المتعلقة بالمرأة في الأغلب ما يتم تجاهلها. في 2020، سارع مكتب الإحصاء الوطني إلى إنشاء مسح لحالات العدوى يمثل السكان، لكن كان من الممكن إجراء مثل هذا المسح قبل أعوام. الآن أشارت جاك مونرو إلى فجوة أخرى.
يحتاج المهووسون والمقتصدون في الإنفاق في كل مكان - أمثالي - إلى محاولة سد هذه الفجوات في معرفتنا بدلا من الوقوع فيها. توجد أقواس قزح بيضاء في كل مكان، وليس من السهل دائما تمييز الألوان. لكن يجب أن نحاول.