«نووم» .. تطبيق مثير للجدل خاص بإنقاص الوزن

«نووم» .. تطبيق مثير للجدل خاص بإنقاص الوزن
زيادة الوزن أصبحت قضية لدى كثير من الناس أثناء فترة الإغلاق الناتج عن تفشي فيروس كورونا.

خلال العامين اللذين عملت فيهما تايلور في "نووم" Noom، وهي شركة ناشئة في مجال الصحة ـ مقرها نيويورك ـ حصلت على تمويل من مستثمرين كبار في مجال التكنولوجيا مثل "سيلفر ليك" و"سيكويا كابيتال"، تلقت رسائل مثيرة للقلق من عملاء يحاولون إنقاص أوزانهم من خلال التطبيق الخاص بالشركة.
بعض ما ورد في هذه الرسائل: "أنا مصاب بالبوليميا"، "أنا أفرط في تناول الطعام"، "أنا أكره نفسي".
قالت تايلور، وهو ليس اسمها الحقيقي: "لم أشعر بأني مستعدة لأنني لست مستشارة في الصحة العقلية أو إخصائية تغذية. لم أستطع التعامل مع ذلك بشكل صحيح".
تايلور من بين عدد من "المدربين الصحيين" الذين عملوا في "نووم" وتحدثوا إلى "فاينانشيال تايمز" شرط عدم الكشف عن هوياتهم. أرادوا إثارة المخاوف من أن تصميم تطبيق إنقاص الوزن وسياسات الشركة قد تسبب الضرر للمستخدمين المعرضين للخطر.
عندما عرضوا هذه المخاوف، أقر أرتيم بيتاكوف، رئيس "نووم" والشريك المؤسس، بأن الشركة كانت بحاجة إلى معالجة المشكلة.
قال: "كلما سمعت عن هذه المشكلات، شعرت بالألم حقا. أريد أن أعالجها جميعا (...) إننا نبتكر بأسرع ما يمكننا"، مضيفا أن نظام "نورث ستار" الغذائي التابع للشركة يهدف إلى "إنقاذ أكبر عدد ممكن من الأرواح".
تسوق "نووم" نفسها باعتبارها منصة لخسارة الوزن بشكل مستدام من خلال تطبيق إطار العمل النفسي للعلاج السلوكي المعرفي وتقديم الدعم الفردي من مدرب خاص بالصحة. تأسست الشركة في 2008 وحققت نموا سريعا خلال الجائحة، في الوقت الذي اشتكى فيه كثيرون من زيادة الوزن بعد عمليات الإغلاق العالمية.
في 2020، زادت قاعدة مستخدميها 250 في المائة لتصل إلى 3.6 مليون مشترك وتضاعفت الإيرادات السنوية لتصل إلى 400 مليون دولار. تبدأ الاشتراكات في التطبيق من 60 دولارا في الشهر.
أحدث جولة استثمار لها في أيار (مايو) العام الماضي، بقيادة "سيلفر ليك" ومشاركة "سيكويا كابيتال"، جمعت "نووم" 540 مليون دولار، ما رفع قيمتها السوقية إلى 4.2 مليار دولار، وفقا لـ"بيتش بوك". يقال إنها تسعى إلى طرح عام أولي هذا العام، وهو ما رفضت الشركة التعليق عليه. من جانبها امتنعت "سيلفر ليك" عن التعليق ولم ترد "سيكويا" على الفور على طلبات للتعليق.
يملأ المستخدمون استبانة يستغرق عشر دقائق يتم إدخالها في خوارزمية - إلى جانب بيانات من مستخدمي "نووم" الآخرين - لإنشاء خطة نظام غذائي مخصصة، بما في ذلك السعرات الحرارية اليومية المستهدفة، وقراءة في النظرية النفسية والإطار الزمني لفقدان الوزن.
تسأل الاستبانة الخاصة بالاشتراك في الخدمة عما إذا كان المستخدم يعاني عدم انتظام في الأكل وإذا اختار نعم لن يسمح له بالاستمرار. عندما يقوم المدربون بتصعيد المستخدمين المحتمل تعرضهم للخطر، يخضعون بحسب "نووم" إلى إشراف سريري، مضيفة أنها أزالت نحو 0.1 في المائة من هذه الحالات من المنصة، ووجهتهم إلى قسم الموارد للحصول على الدعم.
لكن أحد المدربين الصحيين السابقين قال: "لا أعتقد أن عملياتها تبذل جهدا بما فيه الكفاية لحماية مستخدميها".
عندما أبلغت تايلور عن حالات كانت قلقة بشأنها، تزعم أنه طلب منها أن "تدربهم بطريقة تناسب المشكلة"، بدلا من أن تنصح العميل بطلب المساعدة الطبية أو تعرض عليه استرداد المبلغ. أضافت "ستقول (نووم) ’لا تطرديهم من المنصة‘".
قال المدربون إن العميلات على وجه الخصوص تم إعطائهن سعرات حرارية مستهدفة "غير صحية" و"تقييدية" و"غير واقعية".
هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة توصي النساء عموما بتناول ألفي سعرة حرارية يوميا وتقليلها بمقدار 500 - 600 سعرة حرارية لفقدان الوزن بشكل صحي. في السابق، كان الحد الأدنى للسعرات الحرارية المسموح بها في "نووم" 1200 سعرة حرارية للنساء، لكن تمت زيادته 10 في المائة في تشرين الثاني (نوفمبر)، بناء على تعليقات المستخدمين.
قال بيتاكوف: "كثير من الميزانيات تأتي منخفضة جدا لأن الناس لديهم هدف معين ويريدون أن يكونوا صارمين تماما ونريد أن نسمح لهم بتولي زمام الأمور"، مضيفا أن الحسابات تم إجراؤها باستخدام طرق علمية آمنة وفعالة.
عندما أجرت "فاينانشيال تايمز" الاختبار الخاص بالتطبيق بصفتها امرأة، أعطيت 1320 سعرة حرارية لتخفيض خمسة كيلو جرامات بوتيرة "متوسطة". لا توجد تحذيرات عندما يسجل المستخدم أنه استهلك بضع مئات فقط من السعرات الحرارية المستهدفة في اليوم، على عكس منصة ماي فيتنس بال MyFitnessPal المنافسة التي تمنع المستخدمين من حفظ النتائج إذا كانوا يتناولون كميات طعام أقل من المطلوب.
قالت تايلور إنها تستطيع مراجعة الملفات الشخصية يدويا للتحقق من السعرات الحرارية، لكن عبء عملها كان كبيرا جدا لدرجة أنها نادرا ما كان لديها وقت لذلك.
"نووم" لديها ثلاثة آلاف مدرب صحي في جميع أنحاء العالم مكلفين بالعمل مع مئات العملاء في وقت واحد ومن المتوقع أن يردوا على الرسائل في غضون 48 ساعة باستخدام خدمة داخل التطبيق. قال بعض المدربين أنهم يعانون إرهاقا شديدا، مع أهداف للوصول إلى 100 تفاعل في اليوم.
وفقا لأحد المدربين السابقين في "نووم": "إنه عمل مرهق، لا يمكنك أن تقضي الوقت في إعطاء المستخدم ما يستحقه من حيث الرد".
تم طرد تايلور في النهاية بعد أن قالت الشركة إنها لم تحقق الأهداف المطلوبة منها. قالت: "لا أزال أشعر بالقلق بشأن هؤلاء المستخدمين. شعرت بأنني شخص يمكن التخلص منه، و’نووم‘ لم تكترث".
قالت "نووم" تم إجراء مراجعات لأداء الموظفين الذين كان أداؤهم ضعيفا باستمرار. أضافت الشركة أن هناك موظفين سابقين لم تكن "نووم" مناسبة لهم، لكن معدل السعادة المتعلقة بالعمل لا يزال أعلى من 80 في المائة بناء على استطلاعات الموظفين.
يخضع المدربون الصحيون لبرنامج تدريبي مدته 75 ساعة يسمى "نوميفيرسيتي" Noomiversity، يغطي النظرية النفسية والتواصل مع المستخدمين، بناء على رسائل مكتوبة من كتيب إرشادي بعنوان "المعلم" Guru. ولا يحتاج المدربون إلى أي مؤهلات متعلقة بالصحة.
أغلبية مدربي ومستخدمي "نووم" يعيشون في الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة هي ثاني أكبر سوق لها. العام الماضي، وظفت الشركة نحو 15 مدربا صحيا في المملكة المتحدة بعقود محددة المدة باعتبارها تجربة لمعرفة ما إذا كانت ستحسن تجربة المستخدم. تم إخبار المجموعة عبر مكالمة فيديو أنه لن يتم تجديد عقودهم بعد المطالبة بحقوق عمل أفضل، كما قال أحد المدربين البريطانيين الذين تم التعاقد معهم.
قالت "نووم" إن الوظائف كانت مؤقتة بشكل واضح، تم تصنيفها بشكل صحيح، وبعد تقييم السوق قررت الشركة عدم تجديد العقود.
كانت رواتب المدربين الدائمين تعادل الحد الأدنى للأجور في الولايات المتحدة، بحسب ما قال أشخاص مطلعون على أجور العاملين في "نووم".
قال بيتاكوف: "نحاول جاهدين إيجاد طريقة تجعل البرنامج ميسور التكلفة وموازنة ذلك مع الأجور".

الأكثر قراءة