نجاح المنشأة وخصائص القائد

إدارة أي منشأة مهما صغرت أو كبرت، ومهما كانت طبيعة نشاطها تحتاج إلى مجموعة خصائص يتمتع بها قائدها، ودون الخصائص تتعثر المنشأة، وتفشل في أداء رسالتها، ويحسن الإشارة إلى أن الخصائص مزيج بين الخصائص الفطرية، والخصائص المكتسبة يتعلمها الفرد من المواقف التي يمر بها، أو يكتسبها من خلال دورات تدريبية خاصة في الإدارة.
الخصائص الفطرية سمات أودعها الله في كيان الفرد، فخاصية القيادة لا تتوافر عند كل من يتسنم منصبا إداريا، فكم من الأفراد قادتهم المصادفة لاعتلاء منصب، لكن متطلبات العمل تكشف عدم قدرته؛ نظرا لافتقاده ما يؤهله للنجاح، الخصائص الفطرية تتمثل في بسطة في الجسم، والصوت، وسعة المعرفة، والذكاء المتمثل في سرعة البديهة، وسعة الأفق، وسرعة الإدراك، والاستيعاب، والصبر، والتحمل، والحنكة في معالجة المواقف، فهذه الخصائص تسهم في فهم الآخرين، والقدرة على التعامل معهم، وإقناعهم، فمتى ما توافرت هذه الخصائص يتوافر جزء مهم من شخصية القائد لتضفي الخصائص المكتسبة الجزء المكمل للقائد الناجح.
الخصائص المكتسبة، إما أن يتم اكتسابها من خلال المواقف، والظروف التي تواجه قائد المنشأة، وبشكل تدريجي، وتراكمي يمثل كل موقف جرعة تسهم في بناء الصفة، واكتساب الآلية المناسبة التي تسهم في حل المشكلة، وتجاوز الظرف الذي تمر به المنشأة، وفي سير مديري الشركات الكبرى في العالم ما يكشف القدرة على تجاوز الظرف الصعب بانتهاج عدة أساليب، وتجريبها للوصول إلى الحل الناجع. فالتغيير في المراكز الإدارية، أو التخلص من بعض المديرين، وتدعيم آخرين، أو إشراك العاملين بغض النظر عن مستوياتهم في إبداء الرأي، واقتراح الحلول، أو إعطائهم نسبة من الأرباح كلها تمثل حلولا لم يتم التوصل لها من أول وهلة؛ بل تم اكتشافها مع الوقت، وبعد قراءة متأنية، وفهم لواقع المنشأة، والعلاقات بين العاملين فيها.
التواصل مع الآخرين، سواء العاملين، أو المستفيدين، وفهمهم، وإقناعهم يمثل خاصية لا يمكن القول بتوافرها عند كل أحد، وذلك لارتباطها بالذكاء الاجتماعي الذي يشكل الجانب الفطري أساسا له إلا أن الحياة الواقعية، والخوض في غمارها تسهم في شحذ، وصقل الذكاء الاجتماعي من خلال الحديث مع الآخرين، وحوارهم، والتفطن لحججهم، والمبررات التي يستندون إليها، إضافة إلى إدراك وعيهم بكل المتغيرات ذات العلاقة بالموقف محل الإشكال، أو الاهتمام. كما أن القدرة على قراءة أفكار الآخرين، ومشاعرهم، ورغباتهم، وإدراك الحالات النفسية التي يعيشونها إيجابية، أو سلبية وحسن التعامل مع الحالة يمثل خاصية مهمة تمكن القائد من السير في منشأته من نجاح إلى آخر.
النجاح يحتاج إلى السعي الحثيث لاكتشاف، وتطوير استراتيجيات بناء الذات في جانب الشخصية وما له علاقة في النمو المهني، خاصة في زمن كهذا، حيث التغيرات المتسارعة التي تستوجب معرفة الجديد في مجال الإدارة، وحسن توظيف النظريات النفسية، وتوظيف التقنية لتسهيل وتيسير الأعمال داخل المنشأة، وتعاملاتها الداخلية والخارجية.
الجمع بين خاصيتي الثقة بالنفس، والمرونة، ولين الجانب مهمتان للنجاح متى ما تم الجمع بينهما بتوازن دقيق في قيادة المنشأة، إذ أحيانا تقود الثقة بالنفس صاحبها إلى التعالي على العاملين، واتخاذ قرارات متهورة تتصادم مع مصالح العاملين، وتضر بالمنشأة. وأستشهد في هذا السياق بعبارة قالها لي أحد العاملين في إحدى المنشآت، حيث وصف مديره بقلة الحصافة؛ نظرا لاتخاذه قرارات مستفزة، وليست مدروسة بعناية أدت بالمنشأة إلى الإفلاس، والخروج من السوق في مجال نشاطها. لذا فالاتسام بالمرونة يقلل من لغواء الثقة بالنفس المفرطة لقبول آراء الزملاء، واقتراحاتهم بشأن إدارة المنشأة بالكفاءة الواجبة.
التصلب في الرأي، وافتقاد المرونة يؤديان إلى افتقاد القائد القدرة على لمّ أشتات المنشأة ليتحول الوضع إلى ما يشبه السفينة في عرض البحر الموشكة على الغرق لافتقاد ربانها السيطرة على الوضع لقوة الأمواج العاتية من كل جهة. إن وجود استراتيجية واضحة ومحددة يسهل على العاملين توجيه كل الأنشطة والفعاليات اليومية لتحقيق الأهداف المرسومة درءا للاجتهادات الفردية.
.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي