أيهما أكثر إخافة للمستثمرين .. فلاديمير بوتين أم جيروم باول ؟
يتمتع الرئيس الروسي بمهارات الجودو والأسلحة النووية و 100 ألف جندي متمركزين حول أوكرانيا لدعم تهديدات موسكو "بالعواقب الأكثر خطورة التي لا يمكن التنبؤ بها" إذا رفض الغرب مطالبه الأمنية بشأن جارتها.
لكن بالحكم على التحركات الأخيرة في الأسواق العالمية، المستثمرون أكثر قلقا بشأن رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، الذي يفتقر إلى أي من هذه السمات لكن لديه القدرة على رفع أسعار الفائدة.
لا يتجاهل المستثمرون المواجهة الحاصلة بشأن أوكرانيا في حد ذاتها. لقد ضعفت عملة الروبل. الآن دولار واحد سيشتري لك 78 روبلا بدلا من 74 روبلا في بداية العام.
كما أن السندات الحكومية بالعملة المحلية لديها أيضا عوائد على سندات 10 أعوام تصل إلى أكثر من 9 في المائة، وهي أعلى نسبة في 6 أعوام.
كذلك تعثرت الأسهم الروسية بشدة، عاكسة احتمال أن يستخدم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وابلا جديدا من العقوبات الاقتصادية لمحاولة إقناع روسيا بالتراجع عن الحدود الأوكرانية.
حتى التحركات في السوق المحلية تبقى ضعيفة نسبيا. هذه ليست إعادة لعملية ضم شبه جزيرة القرم في 2014، والعقوبات الناتجة عنها، التي أدت إلى انخفاض حاد في قيمة الروبل. ردة الفعل المعتدلة تشير إلى أن كثيرا من الأموال الأجنبية غادرت روسيا في ذلك الوقت، ولم تعد.
مع ذلك، التوتر الناشئ عن الضغط الجيوسياسي يميل إلى اتباع نص معين، عملات الملاذ الآمن - خاصة الين والفرنك السويسري - ترتفع بشكل عام، بينما ترتفع أسعار السندات الحكومية الأمريكية وكذلك الذهب. هروب كلاسيكي إلى الأمان "انتقال الأموال من الاستثمارات المحفوفة بالمخاطر نسبيا إلى الاستثمارات الأقل خطورة".
إذا كان هذا الاندفاع جاريا الآن، فهو مخف جيدا. الين ثابت هذا الشهر حتى الآن. الفرنك أضعف مقابل الدولار، والذهب في غفوة. في غضون ذلك، تتراجع سندات الخزانة.
عدة تفسيرات محتملة تتبادر إلى الذهن. أحدها هو أن المستثمرين ببساطة لا يعتقدون أن روسيا ستغزو أوكرانيا. دعونا نتحقق مرة أخرى من هذا الرأي المتفائل في غضون أسابيع قليلة. تفسير آخر، بكل قسوة، هو أنه حتى لو تم الغزو، فلن يؤثر ذلك في الاقتصاد العالمي.
قال بول أوكونور، رئيس الأصول المتعددة في "جاينس هيندرسون إنفسترز" في مذكرة هذا الأسبوع، "في حين أن الحرب في أوكرانيا يمكن أن تكون مأساة إنسانية كبيرة ومصدرا لتوتر سياسي كبير، فهي من المرجح أن تكون قضية محلية، مع عدوى سياسية وعسكرية محدودة خارج روسيا وأوكرانيا".
أضاف، "من المحتمل أن تكون أهم الآثار الاقتصادية غير المباشرة مرتبطة بالضغط على أسعار الغاز الطبيعي، في وقت تكون فيه أسواق الطاقة شحيحة للغاية بالفعل". قد يكون من الصعب على سكان كييف سماع ذلك، لكن هذه هي الطريقة التي تعمل بها الأسواق. إنها أيضا تذكير بالقضية الوحيدة التي يهتم بها المستثمرون حقا في الوقت الحالي وهي التضخم، وبالتالي الاحتياطي الفيدرالي. من هنا جاءت قوة التخويف الأكبر التي يمتلكها باول.
اقتحم رئيس الاحتياطي الفيدرالي أسواق الأسهم الأسبوع الماضي في اللحظة المناسبة، عندما ترك البنك المركزي أسعار الفائدة معلقة، لكنه امتنع من استبعاد وتيرة أكثر حدة في زيادات الأسعار في المستقبل لترويض التضخم المرتفع بشكل استثنائي. قد يتضمن ذلك زيادة نادرة للغاية في معدل الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، أو حتى سبع زيادات هذا العام. "كانت السوق تتوقع أربعا". لقد كانت اللحظة كما وصفها جيه بي مورجان، "لا مزيد من اللطافة".
انخفضت الأسهم مرة أخرى. خسر مؤشر إس آند بي 500 القياسي للأسهم الأمريكية نحو 9 في المائة هذا الشهر، ما يجعله أسوأ شهر منذ آذار (مارس) 2020 - إنها ليست فترة ممتازة للأسواق العالمية. إن عصر "شراء الانخفاض" الذي استمر منذ تلك النقطة المنخفضة في الربيع قبل عامين يحتضر الآن.
ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشرة أعوام بشكل ملحوظ، مرة أخرى تحسبا لتحركات الاحتياطي الفيدرالي التالية، لتصل إلى 1.82 في المائة - على عكس نوع التحول الذي قد يتوقعه المرء لسوق في قبضة نزاع ثقيل بين قوى نووية. ارتفع الدولار، وهو عملة أخرى تعامل ملاذا آمنا، لكن من الصعب رؤية ذلك على أنه أي شيء آخر غير رد فعل للاحتياطي الفيدرالي.
لكن يمكن لروسيا بسهولة أن تجعل بداية العام الصعبة أكثر صعوبة. قد يكون تأثير أسعار الطاقة قويا بما يكفي لإجبار الاحتياطي الفيدرالي على سحب أسرع للدعم. قد يؤدي ارتفاع أسعار الطاقة إلى انخفاض هوامش أرباح الشركات بشكل أكبر.
قالت نانيت هيشلر فايدهيربي، كبيرة مسؤولي الاستثمار في إدارة الثروات الدولية في "كريدي سويس"، "لن يكون ذلك مفيدا للأصول الأوروبية أو الأسهم الأوروبية. يتم تداول الأصول الروسية عند مستويات جذابة للغاية. إذا انحسر الوضع الجيوسياسي، فسيؤدي ذلك إلى تمهيد الطريق لتوقعات أفضل بكثير هناك".
لكن بطبيعة الحال، الافتراض بأن روسيا ستتراجع عن حافة الهاوية يمكن أن يثبت أنه افتراض مفرط في التفاؤل. تضيف هيشلر فايدهيربي أنه إذا حدث ذلك فسيكون رد فعل الأسواق سيئا للغاية. تقول، "سنرى رد فعل كبير على الجانب السلبي" في الأسهم. من المرجح أن يرتفع الفرنك السويسري والين السويسري "لكن من ناحية العائد ربما لن تكون دفعة كبيرة".
يبدو أن قدرة بوتين على رفع أسعار السندات في مواجهة الاحتياطي الفيدرالي المتشدد لها حدودها.