عام مضى ولم نستوعب دروس ملحمة "جيم ستوب"
في مثل هذا الوقت من العام الماضي، دخلت إلى مكاتب شركة لتأجير السيارات في كوينز، نيويورك، لاستئجار سيارة. بشكل غير متوقع تماما، انتهى بي المطاف في نقاش حاد إلى حد ما، ليس حول الأسعار الباهظة لعقود التأمين على الإيجار ولكن حول أسعار الأسهم.
بينما كنت املأ الاستمارات، زل لساني وقلت إنني صحافية مالية. قبل أن أدرك ذلك، تعرضت لقصف بأسئلة من الموظفين - حتى العملاء الآخرين - حول سعر سهم "جيم ستوب"، شركة تجزئة الألعاب الإلكترونية.
أخبرني الموظفون في مكتب التأجير بسعادة أنهم لم يمتلكوا أسهما من قبل، لكنهم انضموا في 2020 إلى تطبيق روبن هود للتداول، تماما في الوقت الذي كان فيه نحو عشرة ملايين أمريكي ينشؤون حسابات وساطة.
بعد تبادل النصائح مع بعضهم بعضا ومع زملائهم المتداولين على وسائل التواصل الاجتماعي، انشغلوا في شراء أوراق مالية كانوا يحبونها أثناء عمليات الإغلاق. قالت لي وكيلة التأجير الخاصة بي، "إنه سهل مثل ألعاب الفيديو"، مضيفة أنها أعجبت حقا بالطريقة التي أظهر بها التطبيق قصاصات ورق ملونة تنفجر على شاشة هاتفها كلما أجرت صفقة.
بعد مرور 12 شهرا سريعا، من الصعب تخيل إجراء محادثة مماثلة الآن. بدأ سهم "جيم ستوب" بسعر أقل من 20 دولارا في كانون الثاني (يناير) 2021، وبلغ ذروته عند نحو 400 دولار، قبل أن ينهار إلى 40 دولارا "يتم تداوله الآن عند نحو 107 دولارات". خسر كثير من مستثمري التجزئة في الموجة الجديدة. التقلبات الجامحة - والتوقف الجزئي للتداول على "روبن هود" - دفعت الكونجرس إلى إجراء تحقيق بشأن الشركة لكن دون الوصول إلى أي نتيجة. وبينما تستمر "روبن هود" في التوسع، لم يتصدر الخبر الصفحات الأولى منذ ذلك الحين.
لكن في الذكرى السنوية لكل هذه الدراما، يجدر بنا التفكير فيما كان يمكن - وماكان ينبغي لنا - أن نتعلمه.
أولا، يظهر التاريخ المالي أن نوبات جنون الاستثمار في قطاع التجزئة مثل هذه تحدث عادة بالقرب من نهاية الفقاعة. ورد أن جوزيف باتريك كينيدي الأب، سياسي أمريكي، قال، "إذا كان ملمعي الأحذية يقدمون نصائح حول الأسهم، فقد حان الوقت للخروج من السوق". قد يكون من السابق لآوانه إبداء ملاحظة كهذه بشأن موظفي تأجير السيارات في كوينز قبل عام. ربما يكون ارتفاع سعر سهم "جيم ستوب" المفاجئ قصير الأمد، لكن مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ارتفع 30 في المائة منذ ذلك الحين. على الرغم من أنه ليس سهلا على الإطلاق القول إنها نهاية الفقاعة، إلا أنني أراهن أننا نقترب من القمة.
قبل كل شيء، أحد الأسباب الرئيسة لارتفاع أسعار الأصول هو أن البنوك المركزية ضخت كثيرا من الأموال في النظام ـ ارتفعت الميزانية العمومية للاحتياطي الفيدرالي من تريليوني دولار إلى تسعة تريليونات دولار في العقد الماضي. أدى ذلك إلى إنشاء بعض نقاط البيانات الخاصة، مؤشر أعده "جولدمان ساكس"، يقيس الأوضاع المالية عند مستويات قياسية فضفاضة "بمعنى أن النظام يغرق في السيولة". هذا الطوفان المالي أيضا جعل المستثمرين يخشون أن يفوتوا ارتفاع أسعار الأصول، ما أثار أعمالا درامية مثل ما حدث في "جيم ستوب". لكن الاحتياطي الفيدرالي يحاول الآن تقليل دعمه، الأمر الذي يمكن أن يؤدي بسهولة إلى إحداث صدمة ويجعل نصيحة كينيدي فيما يتعلق بملمعي الأحذية أكثر صلة بالموضوع.
العامل الثاني هو سلوك المستهلك. كشفت ملحمة "جيم ستوب" عن مدى إعادة تشكيل التمويل عن طريق الرقمنة. في القرن الـ20، في الأغلب ما كان الاستثمار في التجزئة بطيئا ومملا، وكان بإمكان المستهلكين عموما انتقاء الخيارات التي جمعتها شركات التمويل مسبقا. بمعنى آخر، هل يجب أن أشتري هذا الصندوق المشترك أم ذاك؟
إذا كان ذلك مثل اتخاذ قرار فيما ما إذا كنت ستشغل الجانب الأول أو الجانب الآخر من أسطوانة فينيل، فإن تطبيقات مثل "روبن هود" تشبه إلى حد كبير قائمة تشغيل موسيقى على تطبيق "سوبتفاي"، بحيث تتيح للمستثمرين إمكانية اختيار الأوراق المالية ومزجها كما يحلو لهم. لقد تم تمكين الاختيار الفردي.
لكن في بعض الأحيان، قد يكون ذلك مجرد وهم. قبل كل شيء، توقف "روبن هود" عن تنفيذ بعض طلبات العملاء في ذروة الأزمة. وباع بيانات متعلقة بتدفقات تداول العملاء إلى جهات أخرى مثل "سيتاديل سيكيوريتيز". لكن هذا لا يغير حقيقة أن المستهلكين اليوم يتوقعون هذا الخيار - وقد شجع هذا مزيدا من الأشخاص على أن يصبحوا مستثمرين.
العامل الثالث الذي كنت أفكر فيه هو الغضب الشعبوي. يصف بن ميزريش، في كتابه الأخير حول "جيم ستوب" بعنوان "الشبكة المعادية للمجتمع" The Antisocial Network، كيف انغمس الأمريكيون العاديون في جنون التداول الجامح لأنهم استاءوا من تركز الثروة والسلطة في رأس النظام المالي، ولأنهم شعروا بأنهم مستبعدون منه. يقول ميزريش بمجرد دخولهم، اكتشفوا أن قوة الحشد الرقمي كانت قوية جدا لدرجة أنها أحدثت "أول طلقة ثورية - أطلقت مباشرة على وول ستريت". يضيف، "تاريخيا، تميل الثورات التي يغذيها الغضب إلى السير في الاتجاه نفسه (...) بمجرد أن تبدأ الأعمدة في الاهتزاز، تسقط الجدران لا محالة".
في الوقت الحالي، قد يبدو ذلك التوقع مبالغا فيه. بعض المؤسسات التي هاجمها المتداولون في وسائل التواصل الاجتماعي، مثل "سيتاديل سيكيوريتيز"، هي في الواقع أقوى مما كانت عليه قبل عام. لكن بينما يحتمل أن يواجه العالم عاما مضطربا، فإن تلك الرسائل من "جيم ستوب" مهمة، ولا سيما مع احتمال أن يتأذى صغار المستثمرين عندما تنفجر الفقاعة.