لسكان الدول الغنية كوفيد - 19 لم يعد قاتلا لكن لغير الملقحين فإنه مذبحة
هناك صبي يبلغ من العمر 13 عاما توفي والده المعارض للقاح - وهو رجل ذكي وناجح في أوائل الخمسينيات من عمره - الشهر الماضي بسبب كوفيد -19. اذهب إلى حساب الوالد على منصة تويتر وستجد القصة المعتادة، حيث يحذر متابعيه من أن الحكومات أصبحت "متطرفة"، وأن لقاح فايزر خطير وكوفيد طويل الأجل هو اختراع، ثم يغرد بشكل اعتيادي أنه فحص وكانت النتيجة إيجابية، قبل أن يتوقف حسابه عن التغريد فجأة، إلى الأبد.
يستمتع عديد من الأشخاص الذين تلقوا اللقاح بالسخرية من الوفاة مثل وفاته. وهذا أمر قاس. كل يوم نتخذ قرارات خاطئة، لكنها لا تقتلنا عادة. قبل كل شيء، رغم ذلك، يتجاهل الشامتون الفاكسينفرويد "الفرح على مصيبة الآخرين"، كما يطلق عليهم الآن، أهل الميت.
إن أسوأ ضرر يقوم به معارضو اللقاح هو لأسرهم، الذين يعرضونهم لخطر يومي ثم أحيانا ينغمسون في حزن لا يمكن نطق اسمه. سيتردد هذا الضرر عبر الأجيال. كيف سيشكل الملايين من الثكلى وعلاقتهم مع بقيتنا؟
بالنسبة إلى معظم سكان الدول الغنية، فإن كوفيد- 19 لم يعد قاتلا، لكن بالنسبة إلى غير الملقحين بطوعهم واختيارهم، فإنه مذبحة لا يفهمونها. إن خطر الوفاة بسبب كوفيد يزيد 14 مرة أكثر عن الأشخاص الملقحين، كما تقول روشيل والينسكي، وهي مديرة مراكز السيطرة على الأمراض في الولايات المتحدة.
بين حزيران (يونيو) وتشرين الثاني (نوفمبر) الماضيين فقط، كان من الممكن منع 163 ألف حالة وفاة بسبب كوفيد- 19 في الولايات المتحدة وحدها عن طريق تلقي اللقاح، وفقا لتقديرات مؤسسة عائلة كايزر. هذا نحو ضعف عدد حالات الوفيات الأمريكية في الحرب في كوريا وفيتنام وأفغانستان والعراق مجتمعة - ولا يزال غير الملقحين يموتون، بلا فائدة.
لكل وفاة أمريكي غير ملقح، يفقد تسعة أشخاص جدا، أو أحد الوالدين، أو شقيقا، أو زوجا أو طفلا. ربما يكون الأمر الأكثر إثارة للقلق بشأن كوفيد- 19 هو تسببه المستمر باليتم، الذي يعيدنا إلى وباء فيروس نقص المناعة البشرية في إفريقيا أو الإنفلونزا العظيمة في 1918. فكر بأطفال كيفن وميستي ميتشيم، وهما زوجان في الأربعينيات من عمرهما اللذان اختارا ألا يتلقيا اللقاح وتوفيا بسبب كوفيد بفارق أيام بينهما في تشرين الأول (أكتوبر).
يعد فقدان أحد الوالدين في عمر مبكر أحد أكبر صدمات الحياة. في الأغلب ما يصاب الأطفال المحرومون بالاكتئاب "وهذا هو السبب في أن هدفي الرئيس في الحياة هو الاستمرار حتى يبلغ أطفالي 18 عاما على الأقل". ومع ذلك عندما يكون الوالد هو أحد معارضي اللقاح وتوفي بسبب كوفيد، فقد يشعر الطفل بالخزي الصامت بسبب موت غير ضروري يعده بعض الناس دائما أمرا سخيفا.
في هذه الأثناء، يميل معارضو اللقاح إلى اتهام الضعف الجسدي المفترض للضحية أو التظاهر بأن الوفاة لم تكن من كوفيد- 19. لا يمكنهم تغيير رأيهم بسهولة بشأن المرض، لأن ذلك يعني التخلي عن هويتهم كمعارضي اللقاح والمجتمع الذي يأتي مع تلك الهوية.
ثم هناك الأشخاص الذين يرفضون مناقشة سبب الوفاة خوفا من تسيس المأساة. "هناك اتجاه جديد في أجزاء من الولايات المتحدة وهو إبقاء كوفيد- 19 خارج النعي". لذلك قد لا يكون لدى الأطفال أي شخص للتحدث معه عن أسوأ لحظة في حياتهم.
يعرف هذا باسم "الحزن المحروم" - وهو مصطلح صاغه عالم النفس كينيث دوكا لوصف مشاعر المفجوعين الذين لا يستطيعون مناقشة خسارتهم لأن سبب الوفاة موصوم بالعار. كان هذا شائعا خلال جائحة الإيدز، ولا يزال يحدث عندما يتوفى شخص ما عن طريق الانتحار أو جرعة زائدة أو القتال على الجانب غير الشعبي من الحرب. عانى صديق لي الحزن المحروم عندما ماتت صديقته السابقة، ولم يستطع إخبار الشخص الذي يحبه أكثر من أي شخص آخر، زوجته.
اليوم، يشعر أقارب معارضي اللقاح الفاقدين - الذين يكونو أنفسهم قد تلقوا اللقاح، أو المشككين المحتارين - أحيانا بالغضب من الشخص المتوفي، و/أو من المجتمع الذي يسخر من آلامهم.
يمكن أن يثقل الناجون بالشعور بالذنب طوال حياتهم، خاصة إذا حدثت الوفاة بعد تجمع عائلي كبير من غير الملقحين. وفي الأغلب ما تزيد الوفاة من تفاقم التوتر في العائلات التي تنقسم بالفعل بين الملقحين وغير الملقحين. إن أول أمر تقريبا قد يتعين على الفاقدين أن يقرروه معا هو ما إذا كان يجب ارتداء الأقنعة في الجنازة.
من خلال رفض الطب الحديث، أعاد معارضو اللقاح إيجاد العصور الماضية عندما مات الناس مثل الذباب. فقد فقدت جدتي، على سبيل المثال، أبويهما عندما كانتا مراهقتين، وفقدت كل منهما طفلا. كان ذلك طبيعيا منذ قرن مضى. كان الأمر أيضا لا يحتمل، خاصة أنه لم تكن هناك لغة تتحدث عن الحزن في ذلك الوقت. لكن مع كل القلق اليوم بشأن أهوال وسائل التواصل الاجتماعي، فربما كان ذلك الجيل أكثر تضررا من جيلنا. وقد تم توريث الضرر لأحفادهم، كلا والدي تأثر بتعاسة أمهاتهما، وبالتالي فإن تلك الوفيات منذ زمن طويل شكلتني أنا، أيضا.
تخيل الخوف والتوتر والارتباك لدى الطفل الذي تتم تربيته على يد معارضي اللقاح الآن. الفيروس في كل مكان كما لم يحدث من قبل ويقتل الناس من حولك. سيكون من الطبيعي أن تبدأ بالتساؤل عما إذا كان بقية العالم على حق وأن أمي وأبي قد انضما إلى جماعة الموت. إنها تجربة قد تميز هؤلاء الأطفال عن الآخرين في القرن الـ22.