الجائحة ليست بسبب الفيروس وحده

الجائحة ليست بسبب الفيروس وحده

بحلول يوم السبت الماضي مر عامان بالتمام منذ أن كتبت لأول مرة عن الالتهاب الرئوي الفيروسي غير المفسر الذي أصاب 59 شخصا في مدينة صينية لم أسمع عنها من قبل. كان الرابط الواضح سوق للحيوانات الحية، ما يردد صدى أصول سارس-1، ما أعطاني شعورا غامضا بالتوجس لكن لم تكن لدي فكرة عما سيأتي. لقد سجلت منظمة الصحة العالمية منذ ذلك الحين نحو 300 مليون إصابة و5.46 مليون حالة وفاة.
بعد عامين، بدأ 2022 بفصل شتاء كما العامين السابقين: المستشفيات البريطانية مليئة بمرضى كوفيد - 19، وعادت مواجز فيروس كورونا إلى الشاشات البريطانية، وتبدو العودة إلى المدارس وسط الانتشار المتفشي خطيرة بالقدر نفسه مثلما كانت في كانون الثاني (يناير) الماضي.
مع ذلك، هذا 2022، وليس 2020 أو 2021. غيرت اللقاحات ومضادات الفيروس من لعبة الجائحة في البلدان ذات الدخل المرتفع. أصبحت أسرة العناية مشغولة إلى حد كبير بأولئك الذين لم يتلقوا اللقاح. لقد قدم العلم ما طلب منه.
لكن على أي حال، لا تزال هناك دروس كثيرة لم نتعلمها. الأول هو أن اللقاحات وحدها، على الرغم من أنها تقي من الأمراض الشديدة، لن تنهي الجائحة. إنها تقلل من الانتقال لكنها لا تمنعه. إضافة إلى ذلك، لا يزال كثير من عالمنا المترابط غير ملقح. يتيح كل من العاملين الانتشار المستمر، الذي ينطوي على خطر نشوء المتحورات، مثل أوميكرون، التي يمكن أن تضعف المناعة.
لقد كان هذا لفترة طويلة حجة مقنعة لتلقيح العالم والسيطرة على الانتقال – لكن الأول لا يزال احتمالا بعيدا. حتى الآن أقل من 4 في المائة من البالغين في نيجيريا، أكثر البلدان سكانا في إفريقيا، تم تحصينهم بالكامل. حذر صندوق النقد الدولي في تشرين الأول (أكتوبر) من أن "فارق تلقي اللقاح الكبير" يمكن أن يكلف الاقتصاد العالمي 5.3 تريليون دولار خلال الأعوام الخمسة المقبلة.
أما بالنسبة إلى الانتقال، فإننا نعلم أن انتشار هذا الفيروس الموجود في الجو يمكن أن يتم إبطاؤه من خلال استخدام تدابير مثل الأقنعة والتهوية والعمل عن بعد والفحوص والمتابعة والعزل والحجر الصحي – والتباعد الجسدي حيثما تكون هناك حاجة. إن نهج "اللقاح +" بالتأكيد ليس "عملية إغلاق" لكن طريقة للحيلولة دونه.
ذلك لم يمنع بعض البلدان، مثل إنجلترا، من الذهاب في طريقها الفوضوي الخاص بها. إحجام بوريس جونسون عن اتخاذ تدابير لمواجهة أوميكرون القابل للانتقال بشكل سريع، على الرغم من مشورة الخبراء، ترك خدمة الصحة الوطنية في حالة من الارتباك. قد يكون أوميكرون أقل حدة من دلتا، لكن المرضى لا يزالون بحاجة إلى أسرة وموظفين. المستشفيات التي وصلت إلى مستويات قياسية من غياب الموظفين ذوي الصلة بكوفيد، أخذت تعلق الخدمات العادية وتعلن عن حوادث حرجة، ويجري الزج بمسعفي الجيش.
كذلك هي أعداد الإصابات اليومية – 180 ألف حالة جديدة يوم الخميس – لدرجة أن الفحوص بدأت تنخفض الآن وفترات العزل تقل نظرا لقلة الموظفين في البنية التحتية الأساسية. الفحوص غير الكافية تعني خسارة الرقابة على الفيروس. وتخاطر البلدان التي ينتشر فيها المرض دون مراقبة بزيادة أعباء الصحة المستقبلية غير المؤكدة، بما في ذلك كوفيد طويل الأجل، وتغذية المتحورات الجديدة، ووضعها على القائمة الحمراء باعتبارها منطقة يحظر السفر إليها. وكذلك لا تحمي العدوى الجماعية من الأمواج المستقبلية للمرض. من الواضح أن الطريقة الوحيدة لتعلم العيش مع كوفيد - 19، حتى بشكل أكثر اعتدالا، هي العيش مع الأقل منه.
مع ذلك، تتشبث بلدان مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة بأسطورة أن الصحة والثراء هما لعبة صفرية. في الواقع، من خلال إبقاء الانتشار منخفضا، منعت بلدان مثل كوريا الجنوبية وتايوان، إلى حد كبير، عمليات الإغلاق الطويلة، وقللت من عدد الإصابات والوفيات، وأنعشت الاقتصاد. وشهدت كوريا الجنوبية التي يبلغ عدد سكانها 52 مليون نسمة، أقل من ستة آلاف حالة وفاة. على النقيض من ذلك، المملكة المتحدة سجلت 150 ألف وفاة. وفي الولايات المتحدة تجاوز العدد 675 ألف حالة وفاة حدثت في جائحة الإنفلونزا الإسبانية عام 1918. لم أكن أتوقع رؤية مثل هذه المستويات العالية من المعاناة التي يمكن تجنبها وكأنها شيء طبيعي في الاقتصادات الثرية. إنجاز الأمور بشكل أفضل يتطلب قيادة سياسية، بما في ذلك الرسائل الصحية الجديرة بالثقة والاستعداد للتصرف بشكل مبكر. البيانات المثالية هي عدو سياسة الجائحة الجيدة.
ربما استغرقت وقتا طويلا لتعلم الدرس الأخير، الواضح إلى حد ما: الجائحة ليست بسبب الفيروس وحده ولكن أيضا بسبب ردنا الجماعي عليه. لقد وصلنا جميعا إلى هذه الدرجة من تفشي الوباء محملين بآمالنا ومعتقداتنا وتحيزاتنا ومخاوفنا السابقة. لم أتوقع أبدا، في مواجهة أسوأ جائحة منذ قرن، أن كثيرا من المواطنين سيدعون أن كوفيد - 19 خدعة، ويرفضون اللقاحات الآمنة والفعالة، وينشرون نظريات المؤامرة ويجعلون من العلماء والأطباء وأطقم التمريض أعداء.
كان مشروع الثقة باللقاح في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي هو الذي دفعني إلى الانخراط مع أولئك الذين يفكرون بطريقة مختلفة، بدلا من الحكم عليهم. هذه هي الطريقة التي تعلمت بها، أنه بالنسبة إلى شاب ذكي من معارفي، فإن رفض لقاحات كوفيد كان فعل تمرد سياسي.

الأكثر قراءة