ماذا يخبئ 2022 لصناعة السلع الفاخرة؟ .. 2021 كان جيدا
كان من المفترض أن يكون العامان الماضيان سيئين بالنسبة لقطاع السلع الفاخرة الذي تبلغ قيمته 283 مليار يورو. فكثير من المحفزات المعتادة التي تؤدي إلى ارتفاع الإنفاق الاختياري - كالثقة بالاقتصاد، والسفر الدولي، والمناسبات الاجتماعية – كانت جميعها تعاني نقصا في المعروض. فقد تم إغلاق المتاجر وأعيد فتحها ثم أغلقت مرة أخرى، فيما تم إلغاء عروض الأزياء وأحداث التسويق الرئيسة الأخرى أو تم نقلها إلى المنصات عبر الإنترنت، وتعرضت سلاسل التوريد للضغط، وشهدت أسعار المواد وتكلفة اليد العاملة ارتفاعا ملحوظا.
مع ذلك، حققت المبيعات العالمية للسلع الفاخرة انتعاشا كاملا وعادت في عام 2021 إلى مستويات ما قبل الجائحة، وتفوقت أسهم القطاع - ارتفعت 40 في المائة على أساس سنوي - على سوق الأسهم الأوسع للعام السادس على التوالي. (كذلك عادت الأرباح إلى مستوياتها السابقة بفضل إعادة التفاوض على الإيجارات وتحقيق وفورات في تكاليف أخرى في وقت مبكر من الجائحة). في الوقت نفسه، عمل التحفيز المالي، وسوق الأوراق المالية القوية، وزيادة مدخرات الأسر على تعزيز الإنفاق في الولايات المتحدة، ومع قلة فرص الإنفاق على الطعام أو السفر حول عديد من المستهلكين الأموال التي كانوا سينفقونها على الخدمات إلى شراء السلع الفاخرة.
لكن الانتعاش لم يكن موزعا بالتساوي. العلامات التجارية الكبيرة المدعومة من التكتلات والانتشار الجغرافي الواسع هي وحدها التي حققت الأرباح، فيما عانى اللاعبون الصغار، أو باعوا شركاتهم، أو أعلنوا إفلاسهم. وعلى الرغم من عودة الإنفاق على السلع الفاخرة إلى مستويات عام 2019 في الولايات المتحدة والصين وكوريا، إلا أن المبيعات في أوروبا واليابان لا تزال منخفضة (بسبب قلة السياح في أوروبا والبطء في تبني اللقاح في اليابان).
ومع انتشار المتحور أوميكرون، وعمليات الإغلاق الجديدة في أوروبا، والرياح الاقتصادية المعاكسة في الصين، فإن الصورة لعام 2022 تبدو أكثر غموضا مما كانت عليه قبل عام. إليك هنا ما يجب متابعته.
إنفاق قياسي على السلع الفاخرة
على الرغم من التحديات المستمرة التي يمثلها كوفيد - 19، بدا المحللون على ثقة بأن الإيرادات في عام 2022 ستستمر في تجاوز مستويات ما قبل الجائحة. بعد النمو 4 في المائة بين عامي 2019 و2021، أصبحت تقديرات شركة باين تقول بأن المبيعات ستزيد من 283 مليار يورو في عام 2021 إلى ما بين 300 و310 مليارات يورو في عام 2022.
لكن التساؤل عمن ينفق على ماذا - وأين - تبدو إجابته مختلفة تماما عن عام 2019، كما يقول توماس شوفيه، رئيس قسم أبحاث السلع الفاخرة في سيتي بنك. فالسياح الصينيون الذين اعتادوا فتح محافظهم في باريس وهونج كونج يقومون الآن بشراء بضائع فاخرة في بلدهم. وفي الولايات المتحدة كان هناك ارتفاع في الشراء بين الأمريكيين في أوستن وبيتسبرج ومدن أخرى غير ساحلية، بعدما هاجر كثير من الناس من المدن الكبرى أثناء الجائحة.
ولأن السفر والمحافل الاجتماعية لا تزال محدودة في أجزاء كثيرة من العالم، من المرجح أن يستمر هذا التحول من الإنفاق على التجارب إلى شراء السلع لعام آخر. تقول فيديريكا ليفاتو، الشريكة في شركة باين آند كمباني في ميلانو: "سيصبح هذا الأمر عاديا في النهاية".
مع ذلك، أبدى بعض المحللين حذرهم. في تشرين الثاني (نوفمبر)، خفض بنك جولدمان ساكس توقعاته لنمو السلع الفاخرة في عام 2022 من 13.5 في المائة إلى 9 في المائة، مشيرا إلى مخاوف متعلقة بالناتج المحلي الإجمالي في الصين، وأسعار العقارات، وسياسة "الرخاء المشترك". كما كانت هناك حملة في جميع أنحاء البلاد ضد التباهي بالثروة، حيث فرض المشرعون رقابة على مثل هذا المحتوى على المنصات الاجتماعية.
ارتفاع أسعار المنتجات
بعد الحفاظ على استقرار أسعارها لأعوام، قامت العلامات التجارية الفاخرة بما في ذلك لويس فيتون، وهيرميس، وشانيل برفع أسعارها خلال الجائحة (في المملكة المتحدة أصبح سعر حقيبة شانيل الكلاسيكية ذات الفتحة 6630 جنيها استرلينيا، بزيادة 40 في المائة عن أوائل عام 2020). ومع ارتفاع تكاليف المواد الأولية واليد العاملة، قال شوفيه، من سيتي بنك، إن ارتفاع الأسعار سيستمر حتى عام 2022، حتى أن بعض العلامات التجارية "تتحدث عن زيادات في الأسعار من خانتين ـ خصوصا شركة مونكلير". يقول شوفيه إن هذه الزيادات "يجب أن تحقق نموا مضاعفا في الإيرادات للصناعة حتى لو استقر نمو الحجم".
الاستحواذ على سلاسل التوريد
بدأت العلامات التجارية، بما فيها شانيل، وبرادا، وزيجنا الاستحواذ على مزيد من مورديها بعدما أصبح الحصول على أفضل المواد الأولية والتعاقد مع الشركات المصنعة أكثر صعوبة وتكلفة، وكذلك بسبب مطالبة العملاء بقدر أكبر من الشفافية حول مكان وكيفية تصنيع المنتجات. ومن المقرر أن يستمر هذا الاتجاه في عام 2022. جيلدو زيجنا، الرئيس التنفيذي لشركة زيجنا، قال لفاينانشيال تايمز إن العلامة التجارية تخطط لاستخدام الأموال التي حققتها من إدراجها أخيرا، من أجل إجراء المزيد من عمليات الاستحواذ عبر سلسلة التوريد الخاصة بها، فيما قال برونو بافلوفسكي، رئيس شانيل، إن الشركة تخطط لاستثمارات إضافية في سلسلة التوريد الخاصة بها بعد أن اشترت نحو 20 من مورديها العام الماضي.
السلع المستعملة تتفوق على الفاخرة
استمرت سوق السلع المستعملة في النمو طوال فترة الجائحة، ووصلت العام الماضي إلى مبيعات تم تقديرها بـ33 مليار يورو. بعد أن تجاهلت العلامات التجارية هذا القطاع، بدأت الآن تحرص على تبني المزيد من نماذج الأعمال الدائرية - وخدمة مجموعة محدودة، لكنها متزايدة، من العملاء الذين لم يعودوا يشعرون بالرغبة في شراء منتجات جديدة - في شراكة مع المنصات المخصصة لبيع السلع المستعملة، مثل فيستيير كوليكتيف وذا ريل ريل، لتقديم خدمة إثبات أصالة السلع وتحفيز العملاء على إرسال مشترياتهم السابقة إلى المتجر. بعض العلامات التجارية الصغيرة، مثل ريتشيل كومي وماركوس ألميديا، تستخدم مواقعها على الإنترنت لتسهيل مبيعات السلع المستعملة مباشرة. ومن المتوقع أن تحذو العلامات التجارية الكبرى حذوها.
صناعة السلع الفاخرة أقل استدامة
خطت صناعة السلع الفاخرة خطوات كبيرة نحو الاستدامة في الأعوام الأخيرة. حيث أصبحت بيانات الأرباح والخسائر البيئية معيارا سائدا بين المجموعات والعلامات التجارية الرئيسة، فيما تبنى المصممون استخدام الأقمشة المستدامة المعتمدة، وتقنية إعادة التدوير بدرجة لم يسبق لها مثيل. لكن مع ارتفاع الطلب على السلع الفاخرة إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، فإن أحجام المنتجات آخذة في الارتفاع، وبالتالي البصمة البيئية للصناعة تزداد سوءا باستمرار.
الرموز غير القابلة للاستبدال
وفقا لشركة باين، بحلول عام 2025، سيكون الجيل زدZ طرفا في واحدة من كل خمس عمليات شراء للبضائع الفاخرة. ومن أجل الوصول إليهم، ستقوم العلامات التجارية بالاستثمار بشكل أكبر في شراكات مع شركات الألعاب (مثل فورتنايت، وأونور أوف كينجز)، والرموز غير القابلة للاستبدال التي أصبحت مصدرا للإيرادات في حد ذاتها. سجلت دولشي آند جابانا رقما قياسيا عندما باعت مجموعة من تسع قطع من "إن إف تي" في مزاد مقابل ستة ملايين دولار في أيلول (سبتمبر). ويتوقع تقرير جريء صادر عن مورجان ستانلي أن الألعاب على الميتافيرس (الواقع الافتراضي) و"إن إف تي" ستقدم فرصة لتحقيق إيرادات سنوية بقيمة 50 مليار يورو لشركات السلع الفاخرة، بحيث تحقق زيادة 25 في المائة في أرباح الصناعة بحلول عام 2030.
الاستثمار في التجارة الإلكترونية
تضاعفت حصة مبيعات السلع الفاخرة عبر الإنترنت تقريبا من 12 إلى 22 في المائة خلال الجائحة، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 30 في المائة بحلول عام 2025، بحسب شركة باين. لكن بعد الاعتماد سابقا على المتاجر الكبرى عبر الإنترنت وقنوات البيع بالجملة الأخرى لمعظم مبيعاتها عبر الإنترنت، بدأت العلامات التجارية مثل جوتشي وأليكساندر ماكوين الانتقال إلى نماذج الشحن وتحسين مواقع الويب الخاصة بها، ما يمنحها تحكما أكبر في المخزون، والتسعير، وعلاقات العملاء.
حركة تنقلات بين الشركات
كانت الجائحة تشكل تحديا للعلامات التجارية المستقلة، وسيشهد عام 2022 تعيين الرئيس التنفيذي السابق لشركة بربري، ماركو جوبيتي، في شركة صناعة الأحذية فيراغامو، وسيكون أول قرار تجاري يتخذه هو تعيين مدير إبداعي ليحل محل بول أندرو. جوناثان أكيرويد، الرئيس التنفيذي السابق لفرساتشي، سيخلف جوبيتي في بربري في نيسان (أبريل)، وسيتم تكليفه بتطوير - أو إعادة توجيه - خطة جوبيتي الخمسية وجعل سوق بربري الراقية لاعبا مهما في مجال المنتجات الجلدية.
وسيظهر ماتيو بلايزي، الذراع اليمنى سابقا لراف سيمونز، لأول مرة في بوتيجا فينيتا في شباط (فبراير)، بعد خروج دانيال لي في تشرين الثاني (نوفمبر). لكن لا تتوقع أي تغييرات إبداعية كبيرة. التصميم الصناعي الجمالي البسيط الذي جلبه لي إلى بوتيجا خلال فترة عمله التي امتدت لثلاثة أعوام أثبت نجاحه، ومن المتوقع أن يواصل بلايزي الاستمرار على المنوال نفسه.
في مكان آخر، من المتوقع أن تكشف فيبي فيلو ـ مقرها لندن ـ النقاب عن مجموعتها الأولى لعلامتها التي تحمل الاسم نفسه، المدعومة من شركة إل في إم إتش. وسيعرض نايغو، مؤسس شركة A Bathing Ape، تصاميمه الأولى لكينزو، المملوكة لشركة إل في إم. وستظهر المديرة الإبداعية السابقة لإكسسوارات لويس فيتون، كاميل ميسيلي، لأول مرة في إميليو بوتشي.