سياسة كوفيد الصينية البطاقة الجامحة لأسواق 2022

سياسة كوفيد الصينية البطاقة الجامحة لأسواق 2022

إلى متى ستبقي الصين على سياستها الصفرية لكوفيد؟ إن القرار الذي ستتخذه بكين سيكون إحدى أعظم البطاقات الجامحة
لـ2022.
يقع الإجماع على أن موقف الصين سيخف بعد دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في شباط (فبراير) المقبل. وهذا من شأنه تعزيز الاستهلاك واستقرار الاقتصاد بعد تباطئه الحاد العام الماضي. لكن من المرجح أن تحافظ بكين على استراتيجيتها الحالية من الإغلاقات الصارمة وإغلاق الحدود حتى نهاية 2022. وبذلك ستستمر الضوابط الصارمة في الصين بالتأثير في الأسواق المالية على الصعيد العالمي.
لفهم السبب، انظر إلى تقويم الصين للأحداث الكبيرة. ففي هذا العام، تبدأ عطلات العام القمري في بداية شباط (فبراير). وستستضيف بكين بعدئذ دورة الألعاب الأولمبية الشتوية قبل انعقاد مؤتمر الشعب الوطني في الشهر الذي يلي ذلك. وإذا قلت حالات أوميكرون بحلول نهاية آذار (مارس)، فستتاح نافذة واضحة للحكومة لتخفيف تدابير الجائحة وإعادة فتح البلاد أمام العالم الخارجي.
إن تخفيف القيود في هذا الوقت المبكر من شأنه أن يدعم جهود بكين لرفع الاقتصاد. لقد شهدت الصين في العام الماضي انتعاشا على شكل V مع احتمال توسع الناتج المحلي الإجمالي 8 في المائة في 2021. لكن منذ الصيف، تباطأ النمو بحدة. فقد تضرر الاستهلاك المحلي بسبب عمليات الإغلاق الصارمة لاحتواء حالات كوفيد- 19 الجديدة. وتضرر الإنتاج الصناعي بسبب انقطاعات الطاقة. وتم كبح استثناء العقارات جراء القيود التنظيمية على مطوري العقارات، وكان الاستثمار في البنية التحتية محدودا بسبب تباطؤ اقتراض الحكومات المحلية.
وفي كانون الأول (ديسمبر)، رد البنك الشعبي الصيني من خلال خفض متطلبات احتياطي البنوك التجارية لتحرير السيولة. وانخفض سعر القرض المؤقت لمدة عام واحد لأول مرة منذ نحو عامين وتعهد مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي للحكومة بزيادة الدعم المالي. إن نهاية مبكرة لسياسة كوفيد الصفرية من شأنها أن تساعد على تعزيز النشاط الآن، ما يمكن الاقتصاد من الحصول على فرصة جيدة للنمو في معدل الاتجاه السنوي البالغ 5.5 في المائة في 2022.
لكن من غير المرجح أن تتخلى بكين عن استراتيجيتها بعد مؤتمر الشعب الوطني في آذار (مارس). بل من المقرر أن تحافظ الصين على موقفها حتى يتم عقد مؤتمر الحزب الوطني الـ20 في تشرين الثاني (نوفمبر).
يعد المؤتمر الأخير معلما رئيسا في الصين، وهو يعقد كل خمسة أعوام. سيكون حدث هذا العام مهما بشكل خاص لأنه سيؤكد ما إذا كان الرئيس شي جين بينغ سيخدم لفترة ولاية ثالثة.
لذا سيكون من المفاجئ إذا خاطرت بكين بتسهيل سياستها قبل تشرين الثاني (نوفمبر). حيث حافظت استراتيجيتها على عدد وفيات منخفض بشكل مثير للإعجاب لكن من المرجح أن يكون للتعرض المنخفض مناعة محدودة بين سكان الصين. إضافة إلى ذلك، فإن متغير فيروس كورونا، أوميكرون، قد يختبر فاعلية لقاحات كوفيد الصينية. وإذا تخلت بكين عن استراتيجيتها في الأشهر القليلة المقبلة، فقد يؤدي ذلك إلى تفشي كوفيد على نطاق واسع قبل مؤتمر الحزب الوطني.
ولذلك ينبغي للمستثمرين الاستعداد لعمليات الإغلاق الصارمة وإغلاق الحدود في الصين على مدار العام. ومن المرجح أن تكون العواقب على الأسواق العالمية وخيمة.
أولا، سيبقى الاستهلاك مكبوتا في الصين. وقد ينخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى أقل من معدل الاتجاه في 2022، ما يقيد الطلب على السلع الأساسية. وإن عدم وجود المسافرين الصينين في الخارج قد يستمر بالتأثير في الاقتصادات المعتمدة على السياحة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
ثانيا، من المرجح أن تظل الفوائض التجارية في الصين في مستويات قياسية لمصلحة عملة الرنمينبي. فخلال الجائحة، كانت صادرات الصين مدفوعة بالطلب القوي في الخارج بينما تم خفض الاستيراد بسبب بطء الاستهلاك في البلاد. وفي 2022، من المقرر أن تواجه الاقتصادات الناشئة دولارا قويا حيث ينهي الاحتياطي الفيدرالي التخفيف الكمي ويفكر بزيادة أسعار الفائدة لمواجهة التضخم. لكن من المحتمل أن تظل عملة الرنمينبي، التي تدعمها الفوائض الخارجية للصين، مستقرة أمام الدولار.
ثالثا، يجب أن تساعد إعادة تدوير فوائض التجارة القياسية في الصين على الحفاظ على انخفاض عوائد السندات العالمية. وسيكون هذا مهما بشكل خاص للأسهم في 2022.
لقد ارتفعت أسواق الأسهم خلال الجائحة حيث ظلت العائدات في مستويات تاريخية منخفضة. لكن المستثمرين يخشون الآن من أن تغرق أسواق السندات إذا لم يتراجع التضخم. ومن المفارقات، فقد تفيد استراتيجية بكين الصفرية لكوفيد الأصول الخطرة هنا. فعبر تقييد الاستهلاك والاستيراد والحفاظ على فوائض التجارة مرتفعة، سيمكن موقف الاحتواء في الصين مؤسساتها المالية من مواصلة شراء سندات الخزانة الأمريكية، ما يدفع عوائد السندات الحكومية في الخارج إلى الانخفاض.
يأمل بعض المستثمرين في الخروج المبكر من ضوابط الفيروس الصارمة في الصين. لكن أداء الأسواق العالمية قد يكون أفضل بشكل مفاجئ إذا لم يقم المسؤولون بأي تغييرات حتى نهاية العام.

*كبير الاقتصاديين في بنك سنغافورة

الأكثر قراءة