كوفيد طويل الأمد .. لماذا تستمر الأعراض أشهرا بعد الإصابة؟

كوفيد طويل الأمد .. لماذا تستمر الأعراض أشهرا بعد الإصابة؟
الإرهاق ومشكلات التنفس أكثر الأعراض شيوعا بين المصابين بكوفيد طويل الأمد ويعاني بعضهم ضعفا إدراكيا يعرف بـ"ضباب الدماغ". "جيتي"

كوفيد طويل الأمد هو أزمة صحية عامة أخرى مخبأة داخل الجائحة، حسبما حذر خبراء طبيون، مع تقديرات للمرضى الذين يعانون المرض المنهك تصل لأكثر من 100 مليون شخص في أنحاء العالم.
لا يزال العلماء في المراحل الأولى من العثور على علاجات من شأنها أن تخفف الأعراض، وتستهدف الأسباب التي لا تزال غير واضحة، وتجعل الناس أصحاء بشكل كاف للعودة إلى العمل.
وجد التحليل البعدي للدراسات البحثية التي أجراها باحثو ولاية بنسلفانيا أن أكثر من نصف الأشخاص الذين أصيبوا بكوفيد ـ حينها كان عددهم 236 مليونا عندما نشرت الورقة البحثية - ظهرت عليهم أعراض استمرت لأكثر من ستة أشهر.
قال أميتافا بانيرجي، أستاذ علم البيانات السريرية في يوينفيرسيتي كوليدج لندن، حتى مع مرور عامين من الجائحة "ما زلنا في حيرة من أمرنا"، ونركز على الجبهة الأمامية التي تتبع حالات دخول العناية المركزة والوفيات - لكن ليس أزمة كوفيد طويل الأمد.
كيف يتم تعريف كوفيد طويل الأجل؟ يعرف كوفيد طويل الأمد بالمعاناة من الأعراض لمدة 12 أسبوعا أو أكثر بعد التشخيص.
وجدت دراسة بحثية حديثة في المملكة المتحدة أن واحدا من كل ثلاثة من أولئك الذين تم إدخالهم إلى المستشفى كان يعاني كوفيد طويل الأجل بعد عام. قالت ريتشيل إيفانز، وهي عالمة سريرية في المعهد الوطني للأبحاث الصحية في المملكة المتحدة، إن دراسة كوفيد- 19 بعد دخول المستشفى ساعدت على تصنيف المصابين إلى مجموعات فرعية وقادت العمل لاكتشاف أدوية جديدة.
أضافت، "ذلك يؤكد حقا الحاجة الملحة للتحري عن العلاجات ودعم الرعاية الصحية لتحسين التعافي. ولا يعتقد أحد منا أن لدى كوفيد طويل الأمد آلية واحدة وعلاج واحد".
ما أعراض كوفيد طويل الأجل؟ بينما يعاني المرضى مجموعة من الأعراض المختلفة، فإن أكثرها شيوعا هو الإرهاق ومشكلات التنفس، ويعاني بعضهم أيضا تلفا في أعضائهم. في دراسة كوفيد- 19 بعد دخول المستشفى، كان شخص من كل عشرة يعاني ضعفا إدراكيا ذا صلة سريريا، يعرف في الأغلب بـ"ضباب الدماغ". يشبه عديد من الأعراض تلك الموجودة في أمراض أخرى ما بعد الفيروس، بما في ذلك فيروسات كورونا.
مرضت مارجريت أوهارا، وهي وصية في مجموعة المرضى لدعم كوفيد طويل الأجل، من كوفيد- 19 في نيسان (أبريل) 2020، بعد المساعدة في جناح الرعاية الحرجة لفيروس كورونا. عانت كوفيد طويل الأمد لمدة عام - وبعد إصابتها بالمرض في تشرين الأول (أكتوبر) 2021، فإنها تعاني مرة أخرى.
قالت، "إنه أمر غريب جدا. أحيانا أستيقظ في الصباح وفي غضون ساعة يبدو الأمر كما لو كنت مخدرة. كأن شخصا ما وضع منديلا من الكلوروفورم على فمي ويجب علي أن أستلقي".
النساء والأشخاص الذين يعانون السمنة والأشخاص الذين زرعت لهم وسيلة تنفس ميكانيكية هم أكثر عرضة للإصابة بكوفيد طويل الأجل.
ليس من الواضح إلى أي مدى يساعد اللقاح على منع كوفيد طويل الأجل - بخلاف تقليل احتمال الإصابة بكوفيد- 19 الحاد - لكن البيانات المبلغ عنها ذاتيا عن طريق تطبيق زوي لتتبع الأعراض في المملكة المتحدة تشير إلى أنه يقلل المخاطر إلى النصف.
ما الذي يسبب كوفيد طويل الأجل؟ لا يزال كثير غير معروف. لكن دراسة كوفيد- 19 بعد دخول المستشفى قدمت دليلا مهما يضفي وزنا على فرضية أن كوفيد طويل الأجل ناتج عن رد فعل مناعي مستمر. وجدت الدراسة أن المصابين لديهم زيادة في علامات الالتهاب. واكتشف الباحثون أن الأشخاص الذين يعانون أخطر حالات كوفيد طويلة الأجل، وأولئك الذين يعانون ضباب الدماغ، لديهم أعلى مستويات الالتهاب.
قال السير ستيفن هولجيت، أستاذ في جامعة ساوثامبتون والمؤسس المشارك لشركة سينيرجين، وهي شركة تصنع دواء كوفيد- 19 المضاد للفيروسات، إن فحوص التصوير بالرنين المغناطيسي أظهرت أيضا أعضاء ملتهبة. أضاف، "ينقلب الجسم على نفسه نتيجة لكل هذا الالتهاب خلال فترة كوفيد ويهاجم أنسجته".
قد تكون هناك قابلية وراثية تحدد من هو الأكثر عرضة للإصابة بهذا النوع من الاستجابة المناعية، لذلك يقوم الباحثون بإجراء دراسات ارتباط كبيرة على مستوى الشريط الوراثي "جينوم" تحاول تحديد الجينات التي يشترك فيها المرضى.
هناك فرضية أخرى وهي أن الفيروس يهاجم احتياطيات الطاقة في الخلايا، الميتوكوندريا. ويمكن أن تعاني المجموعات الفرعية لأسباب مختلفة - أو يمكن أن تكون كلتا الفرضيتين صحيحتين في آن واحد.
هل بالإمكان استخدام أدوية لم تصنع لكوفيد أصلا؟ أنشأت خدمة الصحة الوطنية في المملكة المتحدة والأنظمة الصحية الأمريكية الكبيرة عيادات كوفيد طويل الأجل، التي في الأغلب ما تقدم العلاج الطبيعي ودعم الصحة العقلية، لكن حتى الآن لم يكن لديها عديد من الخيارات الصيدلانية.
يحاول بعض الأطباء استخدام الأدوية ذات الآثار الجانبية القليلة التي يعتقدون أنها يمكن أن يكون لها تأثير. وهذه الأدوية متنوعة تنوع الأعراض، بما في ذلك مضادات الهيستامين وحاصرات السايتوكين لمعالجة الالتهاب، ومضادات الحموضة، وحاصرات بيتا والعوامل المضادة للتخثر. أشارت دراسة صغيرة حديثة في كامبريدج إلى أن تناول مزيج من "البكتيريا النافعة" يمكن أن يساعد على تخفيف أعراض القناة الهضمية طويلة الأجل الناتجة عن كوفيد وتحسين الصحة بشكل عام.
يهدف بانيرجي إلى بدء دراسة في العام الجديد، على غرار ريكوفري ترايال التي ساعدت على تحديد الأدوية المفيدة لعلاج كوفيد- 19 الحاد.
ما الأدوية المستقبلية قيد التطوير؟ قال بيل هينشو، الرئيس التنفيذي لشركة أكسيلا ثيرابيوتكس للتكنولوجيا الحيوية ـ مقرها بوسطن ـ إن هناك عددا قليلا من المنتجات في طور الإعداد لكوفيد طويل الأجل - حتى عددا أقل لاستهداف إجهاد العضلات وضعفها. تعمل أكسيلا وجامعة أكسفورد على تطوير دواء لتقليل الالتهاب واستعادة وظيفة الميتوكوندريا. ويأملون في الحصول على بيانات التجارب السريرية في منتصف هذا العام.
قال هينشو، "لديك قدر معين من الطاقة في البطارية. ويأتي الفيروس ويستولي على البطارية (...) ويتلفها فلا تتمكن البطارية من الاحتفاظ بالشحن بشكل صحيح. "
يركز آخرون على مجموعة فرعية من المرضى. مثلا، تقوم شركة أكيلي إنترآكتيف الرائدة في العلاج الرقمي باختراع لعبة للأشخاص الذين يعانون ضبابية الدماغ. وتعمل شركة بيور تك هيلث على دواء لتلف أنسجة الرئة، وهو في المرحلة الثانية من التجربة. قال مايكل تشين، رئيس قسم الابتكار في شركة التكنولوجيا الحيوية المدرجة في لندن، إن ما يقارب نصف المصابين بكوفيد طويل الأجل يعانون ضيقا في التنفس، لذلك يمكن أن يعاني "الملايين والملايين" من ندبات في الرئة.
أضاف، "إنها فكرة مرعبة قليلا ونافذة على أزمة الصحة العامة التي يمكن أن تكون كوفيد طويل الأجل في المستقبل."

الأكثر قراءة