الشتاء .. والعمل الخيري

قلت في مقدمة مقال كتبته قبل أكثر من عشرة أعوام إن الناس يختلفون في تقبلهم للبرد والحر فالبعض يرى أن البرد تقيه الملابس الصوفية وشعلة النار والأكل الجيد.. لكن الشاعر معروف الرصافي يرد على هؤلاء في قصيدته التي جاء فيها:
الصيف أرأف بالفقير من الشتاء ولذا تحب قدومه الفقراء
وعندما كتبت ذلك المقال لم يكن العمل الخيري لدينا منظما بحيث تتلمس الجمعيات الخيرية حاجة الفقراء حسب كل موسم .. ولذا أعيد طرح الموضوع مرة أخرى وقد أصبحت للعمل الخيري عدة منصات وتطبيقات تغطي المواسم والمناسبات.. وأهمها إعانة الشتاء من ملابس وبطانيات تصل إلى المحتاجين في الداخل عبر الجمعيات الخيرية المرخصة وفي الخارج عن طريق مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية المخول الوحيد لإيصال المساعدات للمحتاجين واللاجئين في مخيمات اللجوء التي لا تقي ساكنيها من الجو البارد حيث يفترشون الأرض ويلتحفون السماء تحت نظر ما يسمى بالمجتمع الدولي الحريصين على صيانة حقوق الإنسان كما يدعون وأي حقوق أكثر من حماية تلك الأجساد النحيلة من لسعات البرد في صحراء قاحلة رمتهم فيها حروب أشعلها أقطاب ذلك المجتمع الدولي دون أن يكون للإنسان الضعيف أي ذنب أو حيلة أمامها.. وحتى لا يتحول هذا المقال إلى طرح سياسي لا يتفق مع ما تعود عليه قلمي أقول إن العمل الخيري في بلادنا ولله الحمد قد بلغ مستوى مشرفا من حيث الحوكمة والتنظيم حيث ظهرت في البداية مبادرة "فرجت" التي أطلقتها وزارة الداخلية لمساعدة سجناء الحقوق للمساعدة على تسديد ديونهم ثم جاءت مبادرة "جود الإسكان" التي من اسمها تعنى بمساعدة من يسعى إلى تأمين السكن له ولعائلته وظهرت أخيرا منصة "إحسان" التي عملت على إيجادها هيئة "سدايا" بحيث يتم توظيف البيانات والذكاء الاصطناعي في خدمة العمل الخيري.. وهناك أيضا منصة "شفاء" للخدمات الخيرية الصحية التابعة لصندوق الوقف الصحي.
ما أجمل هذه الخطوات التي تجعل العمل الخيري منظما والأهم من ذلك تمكين المتبرع للأعمال الخيرية على اختلاف أنواعها من متابعة تبرعه ويعرف من استفاد منه عبر تقارير واضحة يتلقاها المتبرع من الجمعيات الخيرية بدل أن تتسلم الجمعيات التبرعات وتبني الأوقاف بالملايين لكنها لا تهتم بالشفافية والإعلام المتزن عن نشاطاتها.
وأخيرا: أعود إلى الشتاء والعمل الخيري فأقول إن هذا الفصل من أهم مواسم الخير فلتحرص الجمعيات الخيرية على الاستعداد له من وقت مبكر وإقناع البنوك والشركات ورجال الأعمال على تخصيص جزء مهم من واجب المسؤولية الاجتماعية لدعم كسوة الشتاء.. ولنحرص كأفراد على تفقد الأقارب ومن حولنا لمعرفة حاجتهم قبل هبوب الرياح الشمالية كما هي هذه الأيام.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي