رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


هل يمارس المستهلك دوره؟

هل للمستهلك دور رئيس في التأثير في سعر البضاعة، وجودتها؟ ربما تكون الإجابة البديهية التي تتبادر إلى الذهن: نعم، هناك دور قوي، وحاسم في كثير من الأمور، لكن لماذا نجد أن واقع السوق خلاف هذه الإجابة، إذ يرتفع سعر بضاعة بشكل مبالغ فيه، ونجد انخفاض جودة بضاعة أخرى مع غلاء ثمنها؟ الإجابة عن هذا السؤال تكمن في السلوك المشاهد من قبل المستهلكين أنفسهم، إذ نلاحظ الانكباب، والزحام، والتدافع على سلعة، رغم ارتفاع ثمنها، وقلة جودتها، كما نلاحظ ممارسة بعض الشركات، والمصانع رفع سعر بضاعتها بين فينة وأخرى، دون انتباه من الناس، أو ربما عدم مبالاة لذلك.
سلوك الناس الشرائي، وإقبالهم على سلعة رغم ارتفاع ثمنها دون أخرى يمكن تصنيفه وفق محددات مهمة في توجيه السلوك أهمها مدى ارتباط السلعة بالحياة اليومية، كالمواد الغذائية من فواكه، وخضراوات، ومنتجات ألبان، أو حبوب، كالأرز، والدواجن ومنتجاتها، فحياة الإنسان اليومية مرتبطة بصورة، أو أخرى بها لضرورتها، وكم قرأنا على وسائل التواصل الاجتماعي دعوات لمقاطعة منتجات هذه الشركة، أو تلك، إما لرفعها السعر، أو لانخفاض جودة المنتج، حتى إن عبارة "خلوها تخيس" أصبحت شعارا لدعوات المقاطعة، وتنجح أحيانا مثل هذه الدعوات متى ما وجدت من يتبناها سلوكا، لا شعارا، ومتى ما وجدت صمودا، ومقاومة لفترة طويلة حتى تجبر الشركة المنتجة، أو المصنع على التراجع، ويسهم في النجاح وجود عدة جهات منتجة، سواء محليا، أو عن طريق الاستيراد، أي: وجود المنتج البديل لما يوجده ذلك من توازن في السوق يفرضه التنافس بين الجهات المنتجة.
البضائع الأخرى مهمة لكنها في الوقت ذاته ليست ضمن الاحتياجات اليومية، رغم أهميتها كمواد البناء، والأجهزة الكهربائية، والإلكترونيات، فهذه السلع تنطبق عليها قاعدة تنوع المصادر، إلا أن الحرص على جودتها ربما لا يفقه كثير من الناس محاكاته، فهذه تحتاج إلى أصحاب تخصص يعرفون مواصفات المنتج الجيد، وجهات الإنتاج، سواء كانت دولا، أو شركات لها باع طويل، وخبرة في إنتاج البضاعة، وكم اشتهرت بضاعة ما بجودتها نظرا لخبرة الناس المتراكمة، والمتداولة بين الناس، ولذا يقع كثير من الناس في خطأ الاختيار نظرا لافتقادهم معلومات، وخصائص الجودة.
الساعات الثمينة والحلي والمجوهرات رغم أنها ليست مما تتوقف على توافره حياة الناس، إلا أنها تمثل بضائع تستنزف كثيرا من الأموال، خاصة أن كثيرا منها مستورد، ومصنع خارج البلاد، وهذا النوع من السلع يندر أن يوجد الخبراء فيه من عامة الناس، فعلى سبيل المثال لا الحصر الذهب، والألماس، واللؤلؤ بضائع تقتنى للزينة، أو لتوفير الأصول، ولذا التمييز يشمل النوع، ودقة تشطيب المنتج في لمعانه، ونقاوة المعدن، ودقة التمييز قد لا تتوافر عند كل أحد، حتى إن البعض يقع ضحية قلة الخبرة، وربما الغش، مع أن هذه الأشياء ليست احتياجا يوميا تعتمد عليه الحياة، إلا أن قيمتها عالية، وتؤثر في ميزانية الفرد، وتسبب خسارة متى ما كانت البضاعة مغشوشة، أو ليست عالية الجودة.
هل الزبون له دور في توجيه حركة السوق عموما؟ الإجابة نعم، متى ما مارس دوره بوعي، وخبرة تجعله يميز بين الجيد، والرديء، والضار، ومنتفي الضرر، كما في حالة العطور القابلة للغش، المسببة للحساسية في بعض أنواعها، وكذلك الحلي المغشوشة يصاب بعض مستخدميها بحساسية الجلد، وهذا ما لا يتحقق لكثرة أنواعها، وتعدد مصادر إنتاجها، ومن الحديث مع بعض باعة الحلي، والعطور يقولون بصراحة متناهية: إن جهل الزبون بالأنواع، ومصادر الإنتاج، وعدم توافر الخبرة الكافية بشأن جودة، ودقة المنتج، والإقبال الشديد على البضاعة دون وعي يمكن من خلال هذه العوامل تسويق البضاعة منخفضة الجودة، وبأسعار عالية، وتحقيق أرباح طائلة. ولعل الجهات ذات العلاقة كحماية المستهلك، والمواصفات والمقاييس تصدر نشرات توعوية يقوم بإعدادها ذوو خبرة وبصيرة في هذه السلع حتى لا يكون الزبون ضحية جهله وجشع التاجر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي