«سبايدرمان» .. مراهقون خارقون لكنهم مرحون
على الرغم من مضي أكثر من 28 عاما على انطلاق إنتاجات "مارفل"، إلا أن هذه الشركة العملاقة صمدت دون منازع، وما زالت أفلامها تحظى بشعبية متزايدة باطراد. ولا تزال تحافظ على رونقها وتصدرها شباك التذاكر، مستندة إلى تنوع أساليب سردها الخاصة بها، مع محافظتها على نقطة مركزية واحدة تتمحور حول وجود أكوان متعددة ومتداخلة ذات أبعاد متوازية، وكلها تتشارك في جاذبية أفلامها وقدرتها المغناطيسية على جذب الكبير والصغير معا، وكأن تعويذة دكتور سترينج السحرية، ألقتها الشركة على جمهورها الذي التصق بأفلامها، بغض النظر عن محتواها.
أكشن وكوميديا بنكهة رومانسية
مع تشابه وتشارك أفلام "مارفل"، إلا أنه تدور أحداث كل منها في عوالم منفصلة عن بعضها بعضا، لكن مع فيلم "سبايدرمان: نو واي هوم" فإن "عالم مارفل السينمائي"، خرج عن النص المعهود، ودمج تلك العوالم وسمح لها بالتداخل مع بعضها بعضا، لجعلها مبررا منطقيا لوجود الساحر دكتور ستراينج، وغرابة قدراته السحرية الفكاهية. فلأول مرة ابتكرت "مارفل" تمازج العوالم المتعددة مع بعضها بعضا، وما تولد عنها من ظهور ثلاثة من رجال "العنكبوت"، وبالتالي سجلت نقطة ربحية بالغة الأهمية، إذ تمكنت من الاستحواذ على جماهير الشخصيات الثلاث مع بعض، عبر تقديمها أبطالهم في قصة واحدة.
قد يكون أعظم إنجاز بطولي معروض هو قدرة الفيلم على إبقاء العواطف والعلاقات البشرية في المقدمة والوسط، حتى في الوقت الذي تلوي فيه أنسجة الزمان والمكان نفسها إلى عقد.
للشهرة أثمان باهظة
بالانتقال حرفيا من آخر مكان تركنا فيه فيلم "سبايدرمان: فار فروم هوم"، نرى جيه جونا جيمسون ناشر الفضائح على الإنترنت، الذي يلعب دوره الممثل جيه كيه سيمونز، وهو يخبر العالم بأن بطلنا الشاب ليس سوى بيتر باركر المراهق، الذي يلعب دوره الممثل توم هولاند. لا يمكن للحكومة أن تثبت على بيتر أيا من تهم القتل أو الإرهاب التي تدور حول أحداث الفيلم السابق - كلها في إطار من قبل ميستيريو، الشرير المتوفى، الذي لعب دوره الممثل جيك جيلنهال - لذلك من المتوقع أن يعيش بيتر حياته ويعود إلى المدرسة الثانوية، ومروحيات الأخبار تحوم حوله، وتلاحقه كاميرات المصورين، وعيون أغلب زملائه، الذين يوثقون كل تحركاته على هواتفهم.
تنهي شهرة بيتر فرصته في الالتحاق بجامعة ماساتشوستس للتكنولوجيا، ليس وحده فقط، بل معه أيضا زيندايا صديقته، في دور إم جيه، وجيكوب باتالون، صديقه المقرب، في دور نيد، بسبب صلتهما به، فيحاول إصلاح الموقف بمساعدة دكتور سترينج، الذي يلعب دوره الممثل بنديكت كومبرباتش. يبدأ دكتور ستراينج سيد الفنون الصفية، تعويذة ستجعل الجميع في العالم ينسون أن بيتر باركر هو الرجل العنكبوت، لكن بيتر يفسد الأمر كله من خلال مقاطعة التعديلات التي من شأنها استبعاد إم جيه ونيد والعمة ماي، في دور الممثلة ماريسا تومي والعمة ماي مرة أخرى وحبيبها جون فافرو.
أكوان بديلة واكتشاف الهوية السرية
إنها كارثة بالطبع، تنتهي بجلب أشخاص من أكوان بديلة يعرفون الهوية السرية للرجل العنكبوت مثل ويليام دافو، في شخصية جرين جوبلن، وألفريد مولينا في شخصية دكتور أوكتوبوس، وتوماس هادن تشيرش في شخصية ساندمان، الذين يظهرون في أفلام سبايدرمان السابقة التي كانت من بطولة توبي ماجواير، وفي أفلام أميزينج سبايدرمان، بطولة أندرو جارفيلد، التي ظهر فيها الأشرار جايمي فوكس في شخصية إليكترو وريس إيفانز في شخصية ليزارد.
قوة عظيمة ومسؤولية كبيرة
بعد فيلمين سابقين من المغامرات المنعشة نسبيا، يواجه توم هولاند في شخصية بيتر باركر أخيرا بعض الدروس الصعبة حول القوة العظيمة والمسؤولية العظيمة، إضافة إلى مستوى من التضحية على قدم المساواة مع ما يجب أن يتحمله مختلف أشكال الكوميديا الهزلية والأكشن السينمائي للشخصية.
من بين جميع أفلام الأبطال الخارقين، تبدو مغامرات "سبايدرمان" ورفاقه دائما مرتبطة ارتباطا وثيقا بواقع يمكن التعرف عليه ويمكن الارتباط به، ربما لأنهم يروون قصة عن أطفال المدارس الثانوية بدلا من أنصاف الآلهة أو الفضائيين أو المهووسين أصحاب المليارات، وحتى عندما قام دكتور سترينج مرة أخرى بتحويل مانهاتن إلى لوحة من لوحات "إم سي إيشر"، فهذه في النهاية قصة عن خريجين من المدرسة الثانوية في حالة حب، ويتساءلون عما إذا كانوا هم وصديقهم المفضل سيذهبون إلى الكلية معا؟ يمنح الفريق العائد للمخرج جون واتس والكتاب كريس ماكينا وإريك سومرز ثلاثي الشباب الجذاب القدرة على جعل فتاهم اللطيف والمضحك الأساس الذي تدور حوله جميع المواجهات متعددة الأبعاد والأبطال الخارقون.
العزف على أوتار الخطر والانتصار
يحافظ المحرران جيفري فورد من فيلم "افينيجرز: إندغيم" ولي فولسوم بويد من فيلم "بلاك ويدو" على تسلسل المعركة واضحا وسلسا، حتى عندما يكون هناك عدد كبير من الشخصيات التي تقاتل، أو عندما يحول دكتور سترينج العالم إلى مشهد، ويواصل الملحن مايكل جياشينو إيجاد طرق جديدة لتأكيد الخطر والانتصار.
في حين إن السيناريو ينزلق في عرض كاف لشرح من هو الجميع - بينما يكون غامضا بعض الشيء بشأن قواعد من يصل ومن لا يصل إلى الأكوان المتعددة - يتوقع منك قبل مشاهدة الفيلم أن تكون ملما بأفلام "ماجواير" الثلاثة وفيلمي "جارفيلد" لتبني الأساس لحضور الفيلم الأخير. إن هذا التوقع إما أن يكون كإشارة حب للراحل ستان لي للخلفية الدرامية المتشابكة لـ"مارفل كوميكس"، أو توفير الوقت لرواد السينما الذين سئموا الأبطال الخارقين بشكل عام وضرورة مشاهدة جميع أفلام "عالم مارفل السينمائي" بشكل خاص. من المؤكد أن معرفة تلك الأفلام السابقة لها فوائدها هنا، لكن حتى أولئك الذين لا يهتمون بعرض الفيلم، يمكنهم الاستمتاع بالعلاقات القوية، العلاقة الرومانسية بين هولاند وزيندايا ومزاح الأصدقاء الكوميدي بين هولاند وباتالون.
إيراداته تتحدى جائحة كورونا
هذا وقد حقق فيلم الحركة والمغامرات الجديد، "سبايدرمان: لا عودة إلى الديار"، إيرادات تجاوزت مليار دولار عالميا، ليصبح أول فيلم يصل إلى هذا الرقم في ظل تفشي جائحة فيروس كورونا. وقد حقق الفيلم هذه الإيرادات خلال 12 يوما فقط، وتصدر الفيلم إيرادات السينما في أمريكا الشمالية في عطلة نهاية الأسبوع الأخير من هذا العام، مسجلا 81 مليون دولار.