العرق والتمويل .. مديرو الأصول يفشلون في ترجمة أقوالهم إلى أفعال
بعد مقتل جورج فلويد، خرجت صناعة إدارة الأصول العالمية البالغة 110 تريليونات دولار وأعربت عن مخاوفها بشأن العنصرية. لم يكتف مستثمرو المؤسسات البارزون بتقديم وعود بشكل علني برعاية التنوع في صفوفهم الخاصة، بل صوتوا بأعداد متزايدة لدعم قرارات المساهمين التي تدعو الإدارات الأخرى لفعل الأمر نفسه.
بعد عام ونصف، يكافح مديرو الأصول للارتقاء إلى مستوى مبادئهم المعلنة. لا يزال الموظفون السود وأعضاء مجموعات الأقليات الأخرى غير ممثلين بشكل كبير في القطاع – خاصة في المناصب العليا – ويقول المديرون التنفيذيون في الصناعة إن الأمر قد يستغرق أعواما لتكثيف جهود التوظيف اللازمة لجعل قوى العمل لديهم متنوعة حقا.
هذا الشهر فقط، وجد تقرير للجنة الخدمات المالية في مجلس النواب الأمريكي أن لدى 31 شركة استثمارية بأصول بقيمة 47 تريليون دولار "أوجه قصور جدية" في جهودها للتنوع العرقي. ففي حين أن 38.4 في المائة من الأمريكيين ليسوا من البيض، كان 17.6 في المائة فقط من المديرين التنفيذيين للشركات في العام الماضي من غير البيض، حسبما ذكر التقرير. ووجدت اللجنة أن أكثر من أربعة من كل خمسة من كبار المديرين التنفيذين كانوا من البيض، وأن نحو ثلاثة فقط من كل 100 كانوا من السود.
عبر المحيط الأطلسي، لا تزال كثير من شركات إدارة الأصول تعمل على جمع بيانات التنوع وفهم تكوين القوى العاملة لديها. وجد تقرير صدر هذا العام عن التنوع في صناعة الاستثمار والادخار في المملكة المتحدة أن 20 في المائة فقط من موظفي الموارد البشرية يعتقدون أن شركاتهم تبذل جهدا كافيا في جمع مثل هذه البيانات، ما أثار تساؤلا حول ما إذا كان مديرو الأصول يبالون بآرائهم الخاصة.
تقول هيلين برايس، رئيسة الإشراف في شركة برونل بينشون بارتنرشب، التي تدير الأموال لبرامج التقاعد الحكومية المحلية في المملكة المتحدة: "يشير المديرون التنفيذيون الآن إلى أهمية التنوع العرقي جنبا إلى جنب مع الجنس (للشركات التي يستثمرون فيها)، لكن تظل هناك أسئلة كبيرة حول مدى قدرتهم على القيام بذلك عندما لا يقومون بترتيب أمورهم الخاصة. بالنسبة إلى صناعة مهووسة بالبيانات، يجب أن يكون هناك تركيز من قبل مديري الأصول على تتبع أرقامهم الخاصة".
استجابت صناعة إدارة الأصول بسرعة للاحتجاجات العالمية التي أعقبت وفاة فلويد في 25 أيار (مايو) 2020. قالت لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب الأمريكي إن 25 من أصل 31 شركة فحصتها أصدرت بيانات في ذلك الوقت بشأن "تحسين المساواة العرقية". و94 في المائة من الشركات "أبلغت عن مشاركتها في تقييمات برامج ومبادرات التنوع والشمول لعام 2020"، مقارنة بـ74 في المائة في عام 2016.
لقد تم أيضا إبراز الأهمية التي يوليها مديرو الأصول للتنوع العرقي من خلال تصويتهم على القرارات المتعلقة بالتنوع في اجتماعات الشركة. فقد ارتفع دعم المساهمين لهذه التدابير – الأمر الذي يعكس إلى حد كبير أصوات المستثمرين من المؤسسات – إلى نحو 42 في المائة هذا العام، صعودا من 26 في المائة في عام 2020، وفقا لمزود البيانات بروكسي إنسايت. وفي بنك جيه بي مورجان تشيس وسيتي جروب وستيت ستريت، تم دعم قرارات المساهمين التي تدعو البنوك إلى إجراء تدقيق في المساواة العرقية من قبل نحو أربعة من كل عشرة مساهمين، بينما أيد أغلبية المستثمرين قرارات التنوع في أمريكان إكسبرس ويونيون باسفيك.
مع ذلك، ليس كل مديري الأصول مستعدين للحديث عن سجلات التنوع الخاصة بهم. عندما اتصلت "فاينانشيال تايمز" بـ23 من كبار مديري الأصول للحصول على معلومات حول عدد الموظفين في فرق الاستثمار الخاصة بهم من غير البيض، رفض 15 منهم تقديم البيانات. سبعة منهم قدموا بعض المعلومات عن التنوع إلى لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب.
من بين مديري الأصول الذين رفضوا تقديم بيانات التنوع لـ"فاينانشيال تايمز"، كانت أكبر شركة في المملكة المتحدة، ليجل آند جنرال إنفسمنت مانيجمنت، التي أبلغت شركات مؤشري فاينانشيال تايمز 100 وإس آند بي 500 أنها اعتبارا من عام 2022 ستصوت ضد رئيس لجنة الترشيح، أو رئيس مجلس الإدارة إذا فشلا في تلبية توقعات التنوع. قالت شركة ليجل آند جنرال، وهي الشركة الأم لشركة إل جي أي إم، التي لم تطلب منها لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب تزويدها بمعلومات: "نحن ملتزمون بإتاحة مزيد من البيانات للجمهور في المستقبل".
تشير بيانات مديري الأصول في المجال العام إلى التحديات في المستقبل. وجدت لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب – التي طلبت بيانات تنوع للفترة 2016 - 2020 من الشركات الاستثمارية التي تمتلك الواحدة منها أصولا تزيد على 400 مليار دولار – أنها حققت تقدما محدودا فقط في التنوع في الأعوام الأخيرة، أو في الأشهر التي أعقبت وفاة فلويد مباشرة.
لم يكن لدى أي من الشركات التي بلغ عددها 31 رئيسا تنفيذيا أسود – كان من بينهم 27 رجلا أبيض وثلاث نساء بيض ولاتيني، حسبما ذكر التقرير. ارتفع عدد المديرين التنفيذيين غير البيض نقطة مئوية واحدة إلى 17.6 في المائة بين عامي 2019 و2020، لكن المكاسب كانت أقل من نصف نقطة مئوية لكل من السود واللاتينيين. في الواقع، كان لدى الشركات نسبة مئوية أقل قليلا من الموظفين السود في عام 2020 مقارنة بعام 2016 – 10.9 في المائة، مقابل 11.1 في المائة.
تظهر حالات التفاوت العرقي والجندري بشكل صارخ عندما يتعلق الأمر بمديري المحافظ الذين يتخذون القرارات الاستثمارية. وجدت دراسة أجرتها فندفاير ومؤسسة موني مانيجمنت عام 2017 أن نحو 1.5 في المائة فقط من مديري المحافظ الأمريكية كانوا من السود. وفي الولايات المتحدة، كانت نحو 1.3 في المائة فقط من أصول الصناديق المشتركة تدار من قبل الأقليات أو النساء، وفقا لدراسة أجريت عام 2019 من قبل مجموعة بيلا البحثية ومؤسسة نايت.
قد يكون العمل في عالم إدارة الأصول الضخم تجربة غير مريحة للموظفين من الأقليات، كما يقول شوندراون توماس، وهو أمريكي أسود من الجانب الجنوبي لشيكاغو يعمل الآن رئيسا لشركة نورذرن ترست لإدارة الأصول، وهي شركة تمويل بقيمة 1.2 مليار دولار مقرها في المدينة التي تقع في الغرب الأوسط الأمريكي.
عندما بدأ العمل في الخدمات المالية قبل ثلاثة عقود، كما يقول توماس، كان الأمر "صدمة ثقافية" عندما يسير إلى طابق التداول حيث كان القليل جدا من الأشخاص يشبهونه. لكن حتى الآن، يقول إنه يدخل إلى غرف الاجتماعات حيث العملاء "يعتقدون أنني المساعد وليس الرئيس".
مع وجود عدد قليل من المرشدين السود المتاحين، كما يضيف توماس، فإن الموظفين السود يواجهون عقبات إضافية عندما يحاولون ارتقاء سلم الشركة في إدارة الأصول. التوظيف "غير الرسمي"، حيث يوصي الموظفون الحاليون بمرشحين لوظائف أو ترقيات، في الأغلب ما يكون ذا منفعة للأشخاص الذين ذهبوا معا إلى الجامعة نفسها أو لديهم الخلفية الاجتماعية نفسها.
يقول توماس: "هناك أمر واحد يتعلق بامتلاك أخلاقيات العمل وبذل الجهد، لكنه أمر مختلف أن يريك شخص ما كيفية القيام بالمهنة".
هناك انعدام مشابه للدعم يواجه الموظفين السود في مدينة لندن، كما يقول داؤد كونوتي أهولو، وهو مواطن غاني أتى إلى المملكة المتحدة في سن المراهقة والآن مؤسس مشارك في شركة الاستشارة الاستثمارية، ريدنجتون، والمؤسس المشارك لبرنامج تدريب داخلي يهدف إلى تحسين تمثيل السود في الصناعة المالية. خلال ثلاثة عقود في صناعة الخدمات المالية "كان دائما الرجل الأسود الوحيد في الغرفة"، كما يقول.
يتم الاعتراف بشكل متزايد بالتقدم المحرز في التنوع باعتباره ضرورة عمل في إدارة الأصول. يقول روبرت رابين، مؤسس مبادرة مديري الأصول المتنوعة ـ مقرها واشنطن ـ ومساعد المدعي العام الأمريكي السابق: "الفشل في التنوع ليس مجرد مشكلة أخلاقية، بل تتعلق بالأداء"، مضيفا أن مسؤولية الضغط على مديري الأصول تقع بشكل كبير على مجالس الإدارة. "التنوع هو واجبك الائتماني. إنه يحدق في وجوهنا".
الصناديق ذات التنوع الأكبر في القيادة تعمل بشكل أفضل، وفقا لتقرير بحثي صدر عام 2020 من قبل شركة ويليس تاورز واتسون للاستشارات الاستثمارية. وجد التقرير أن الفرق الاستثمارية المتنوعة تفوقت في الأداء على الفرق التي تخلو من موظفين من النساء أو الأقليات العرقية بمتوسط 20 نقطة أساس سنويا.
قال بيل سترومبيرج، وهو مدير تنفيذي لشركة إدارة الأصول، تي رو برايس، سيتقاعد من منصبه مع نهاية عام 2021: "البيانات التي رأيتها هي أن التنوع يجعل تقريبا جميع أنواع الفرق أفضل وتجربة العمل أكثر ثراء".
لكن مديرا تنفيذيا آخر في الصناعة يقول إن معالجة قضايا التنوع قد تستغرق وقتا طويلا بسبب الإخفاقات السابقة في تعيين وتدريب مديري صناديق من غير البيض. مديرو المحافظ السود الخبراء "نادرو الوجود"، كما يقول كريس ريدموند، من شركة ويليس تاورز واتسون، الذي يراقب مديري الأصول نيابة عن صناديق التقاعد وغيرها من كبار المستثمرين.
قال سترومبيرج: "المواهب المتنوعة لا تدخل من الباب من تلقاء نفسها. إنها مهنة متخصصة جدا". عاكسة ثقافة الترقية من الداخل لديها، ركزت شركة تي رو برايس على جلب المواهب الشابة المتنوعة، إلى جانب عدد قليل من كبار الموظفين الخارجيين. "في غضون خمسة أو عشرة أعوام، ستكون صناعة أكثر تنوعا"، وفقا لسترومبيرج.
قدمت ساشا جنسن، رئيسة شركة البحث التنفيذي جنسن بارتنرز، تقييما مشابها، مشيرة إلى أن الأمر قد يستغرق خمسة أعوام أو أكثر لتنويع المواهب في إدارة الأصول. قالت: "لا يمكنك إنتاج مجموعة متنوعة من المواهب بأعجوبة في غضون عامين، هذا غير ممكن. إنه طريق طويل ونحن في بدايته فقط".
قال توماس، من شركة نورذرن ترست، إن هناك زيادة في تركيز مديري الأصول على تقديم المزيد من المرشحين المتنوعين لإجراء مقابلات العمل. أضاف: "إننا لا نجبر الناس على اتخاذ قرارات بشأن المرشحين المتنوعين عرقيا، لكننا سنقوم بالتأكد من وجود مزيد من الفرص".
أيا كانت النتائج في المدى القصير، فإن هذه الأنواع من المحادثات ترفع من الآمال بين بعض دعاة التنوع العرقي بأن التغير قادم لصناعة إدارة الأصول. وكما يقولون، حتى لو تم إحراز تقدم ضئيل حتى الآن، فإن كبار المديرين التنفيذيين يفكرون بشكل مختلف في هذه القضية.
يقول كونوتي أهولو، من شركة ريدنجتون الاستشارية: "لم يقم جميع مديري الأصول بترتيب بيوتهم. لكن ما أراه هو استعداد حقيقي لم أره من قبل لزيادة التنوع. بدأ كثيرون من كبار المديرين التنفيذين يدركون أنك ستجد نفسك في الجانب الخطأ من التاريخ إذا لم تتعامل مع هذا الأمر".