رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


لماذا تفشل بعض المنصات الرقمية؟

تحدثنا سابقا عن مفهوم المنصات الرقمية Digital Platforms والثورة التي حصلت في شركات عظمى في السوق العالمية أمثال: شركة فيسبوك وأمازون وجوجل وأبل ومايكروسفت ويوتيوب وعلي بابا وتينست وسامسونج وساب وغيرها، من جراء اتباع سياسة المنصة الرقمية. ولقد عرفنا المنصة الرقمية على أنها بكل بساطة عبارة عن نشاط تجاري ينشئ قيما محددة من خلال تسهيل التفاعلات المباشرة بين نوعين مميزين أو أكثر من العملاء. وعليه يتفوق نموذج المنصات الرقمية على النموذج التقليدي للمنتجات والخدمات، ولذلك تحولت شركات التقنية من سلسلة القيمة الخطية Linear Value Chain إلى نظام المنصة الثلاثي Triangular Platform System.
تتمحور فكرة المنصة الرقمية حول نمو التأثير الشبكي Network Effect المباشر من خلال زيادة عدد العملاء أو مستخدمي المنتج إلى زيادة القيمة أو المنفعة للنوع نفسه من المستخدمين، أو قد يكون التأثير الشبكي غير المباشر من خلال زيادة عدد العملاء إلى زيادة القيمة للعملاء على الجانب الآخر. ورغم أن هذه المنصات أصبحت أحد أهم نماذج الأعمال في القرن الـ 21، يظل فشل المنصات ناقوس خطر يدق بنمط متزايد. لقد شرع مجموعة من الباحثين في العمل على قياس مدى نجاح شركات أمريكية قائمة على نهج المنصات الرقمية على مدار الـ 20 عاما الماضية وحددوا 43 منصة ناجحة و209 محاولات فاشلة، وهي نتاج دراسة أجراها ديفيد يوفي من جامعة هارفارد، وأنابيل جاور من جامعة ساري، ومايكل كوسومانو من معهد ماساتشوستس للتقنية، وأشاروا إلى أن متوسط عمر المنصات الفاشلة يبلغ عند خمسة أعوام تقريبا، وأن عديدا من المنصات انهار في غضون عامين إلى ثلاثة أعوام لعدم توافر ما يكفي من المستخدمين أو التمويل المالي. إذن ما الذي حدث ولماذا فشلت هذه المنصات الرقمية؟ دعونا نستعرض بعضا من هذه الأسباب والأمثلة الواقعية التي آذنت بوقوع الفشل.
من الأسباب التي تؤدي إلى فشل المنصة الرقمية هو تنفيذ استراتيجية عمل من أجل إنشاء منصة فقط، لكن الحصول على منصة رقمية لا يعني بالضرورة النجاح كعمل تجاري. ومن ضمن الأسباب الشائعة في الفشل هو عدم وجود أطراف حقيقيين في المنصة، فقد يكون النظام عبارة عن طرف واحد فقط وبالتالي تنتفي صفة المنصة الرقمية وتكون عبارة عن تطبيق رقمي أو ما شابه ذلك. ومن الأخطاء التي تؤدي إلى الفشل هو رفض المنافسة التي تنتج من الثقة المفرطة والغطرسة. عندما استحوذ برنامج Internet Explorer من شركة مايكروسفت على ما يقرب من 95 في المائة من السوق عام 2004، أعلن النقاد أن حروب المتصفح قد انتهت بفوز "مايكروسوفت" الكاسح. لقد استغرق الأمر ما يقرب من عقد من الزمن لتفقد "مايكروسوفت" موقعها الريادي من خلال التنفيذ السيئ للمنتج بين عامي 2004 و2008 الذي أدى إلى ظهور برنامج Firefox فضلا عن ابتكار منتجات أقل جودة بين عامي 2008 و2015 ثم فتح الباب أمام برامج أخرى مثل Google Chrome. من جانب آخر، إن نمذجة تسعير غير واقعية من الأخطاء القاتلة، حيث إن تحديد الأسعار بشكل صحيح ومعرفة الجوانب التي يجب دعمها يظل التحدي الأكبر لإدارة المنصة الرقمية. لقد درس الباحثون قرارات التسعير على نطاق واسع، ومع ذلك لا يزال الخطأ واردا لأن المنصة تتطلب تسعير جانب واحد من السوق لتشجيع الأطراف الأخرى على المشاركة.
معرفة الجانب الذي يجب أن يتم تحصيل رسوم منه والجانب الذي يجب أن يحصل على الدعم لهو أهم قرار استراتيجي لأي منصة رقمية. ومن أسباب الفشل انعدام الثقة مع المستخدمين والشركاء لأن من الضروري تأسيس الثقة بين كل الأطراف ولا يمكن مطالبة العملاء بالثقة المطلقة التي عادة ما تتطلب كثيرا من الجهد والوقت. إن النجاح في الحصول على السعر المناسب وحده لا يكفي رغم أهميته، لأن المنصات أيضا تتطلب وجود طرفين أو أكثر، قد يعرف كل منهما الآخر أو لا يعرفه، لكن بناء الثقة أمر ضروري من خلال آليات الدفع أو التأمين. وأقرب مثال واقعي هو موقع eBay في الصين الذي أخفق في الحصول على ثقة العملاء الصينيين. لقد كان موقع eBay المحرك الأول وذا حصة مهيمنة في الصين في أوائل العقد الأول من القرن الـ 21، لكن شركة علي بابا Alibaba سيطرت على السوق الصينية. لقد اعتمد موقع eBay على طريقة PayPal، الذي تم تصميمه كنظام دفع يشبه عمل البنوك لكن لم يكن معروفا أو معتادا عليه بالنسبة للمستهلكين الصينيين في التجارة الإلكترونية، وعليه سرعان ما استحوذت شركة علي بابا على الجزء الأكبر من السوق الصينية. من جانب آخر، يظل توقيت إطلاق المنصة عاملا مهما في نجاح أعمال المنصة الرقمية لأن التأخير قد يكون مميتا، فشركة مايكروسوفت قد تأخرت في بناء نظامي تشغيل iOS وAndroid وقد كان كارثيا في أعمالها التجارية.
إن تحديد مصادر الفشل أو الأخطاء الشائعة، يمكن للإدارة التنفيذية تجنبها، وقد يكون الانتماء إلى منصة رقمية أو شراء منصة رقمية قائمة أفضل من بنائها من البداية والدخول في متاهات وتحديات قد تنذر بفشل المنصة، وبالطبع لا تخلو هذه القرارات من المخاطر المالية المحتملة. أخيرا تمثل المنصات الرقمية أداة في إيجاد وظائف وتعزيز الاقتصاد الكلي ونقل تقنية، وعنصرا تنافسيا ولا يمكن إنشاء منصة رقمية إلا من خلال تحديد ماهية العملاء، ثم رسم صورة واضحة للتأثير الشبكي الإيجابي مع ضرورة تجنب مسببات فشل المنصات الرقمية. ويمثل عامل التأثير الشبكي الإيجابي وتسهيل تفاعل العملاء فيما بينهم ورسم القيم المتجددة أمرا بالغ الأهمية من أجل استدامة المنصات الرقمية ورفع قيمها السوقية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي